عيد الصحافة الكردية في علي بدران
محمد قاسم(ابن الجزيرة)
Tuesday 24-04 -2007
ربما كان من التقاليد الطيبة والجميلة ،إحياء ذكرى صدور الصحيفة الكردية الأولى على يد الأمير” قاسم مدحت بدر خان” فيL 22/ نيسان /عام 1898 م .وبذلك يكون يوم (22 نيسان 2007) هو العام التاسع بعد المائة،على مرور هذه الذكرى المبهجة. ومصدر البهجة هنا أن القرن التاسع عشر يمثل قرن ظهور الفكر القومي في أوروبا.. ليليه قرن القوميات في العالم الثالث وهو القرن العشرين. ومن الحظ الحسن أن الكورد لم يتخلفوا عن الغير في انهاض هذا الشعور- على الرغم من حرمانهم من التمتع به- في إطار دولة قومية ،كما حصل لشعوب أخرى ومنها: الشعوب العربية .. معروف قصة معاهدة سيفر أغسطس 1920 م/1338هجري واتلي تهدت بحقو الكورد القومية ،ولكن معاهدة سيئة حلت محلها باسم لوزان 1932م/1341هجري يجهود الظالم اتاتورك،وما كان من آثارها السلبية على واقع الأمة الكردية، وتقسيمها وفق معاهدة سايكس بيكو بين أربع دول لا تزال تستعمر كردستان، بكل ما تعنيه كلمة الاستعمار من معنى :(تجاهل الاهتمام بنهضتها،استثمار خيراتها لصالح شعوبها(المستعمِرة) والسعي بكل الوسائل إلى اضطهاد وتذويب الكورد في بودقة شعوبها وثقافتها…الخ. ولكن ذلك كله لم ينفع في تغييب حقيقة وجود قومية مغايرة، ومتميزة، بكل خصائص القومية ،من لغة.. وثقافة خاصة.. وفلكلور.. وشعور العيش المشترك،والبعد التاريخي الضارب في العمق..والإصرار على العيش بخصائصه التي خلقه الله عليها..الخ).
من هنا –ربما – تأتي أهمية الصحافة الكردية التي تبقي الكورد على صلة بتاريخهم، وتوهج مشاعرهم القومية،وتنير الدرب أمام تواصلهم.. وتصور مستقبلهم…الخ.
والحركات النضالية –بأشكالها المختلفة –شاهد قوي انتزع اعتراف المفكرين والساسة في العالم، ومن حسن الحظ أن الأثمار تبدأ في النضوج شيئا فشيئا،وتكاد تنضج في كردستان العراق التي نتمنى من قياداتها أن يتعظوا من تجارب الشعوب المتخلفة فيحسنوا القيادة وفق روح ديمقراطية حيوية وناضجة توفر العدل والأمان وتكافؤ الفرص بين المواطنين..
ولقد أحسن السيد(الأمير قاسم مدحت بدرخان) في قص الشريط الحريري لأول صحيفة كوردية في القاهرة-مصر،ننقل ما جاء في جريدة (خه بات) العدد 762 تاريخ 20/4/1994 عنها، بقلم عبد الحكيم سكفان:
((…أول جريدة باللغة الكوردية باسم (كوردستان) صدرت في القاهرة من قبل السيد مقداد مدحت بدرخان بتاريخ 22 نيسان 1898.
الأعداد من 6 -9 في جنيف سويسرا
= = 20-22 في القاهرة بمصر.
= = 24 في لندن
= = 25-29 في فولكستون
= =30- 31 في جنيف بسويسرا ثانية(من قبل كل من /مقداد وعبد الرحمن بك/
باستثناء الأعداد(10-12-17-18-19)فإن الباقي محفوظ في مكتبة –ماربورغ بألمانيا.
عدد الأعداد /31/ .استمرت في الصدور حتى عام 1902))انتهى .
وقد صدر العدد الأول من مجلة هاوار في 15/5/1932- بحسب مجلة كولان وقد ورد في الصفحة الأولى فيها :
(( Dengê ilmê(ilm zanîne:bi zanînê em rizgar dibin,zanîn ji mere riya xilasbûnê vedikê û riya xweşiyê jî û berî her tiştî((Hwar))ji xelkêra dibê nasîna hebûna me))
وترجمت القول:صوت العلم(العلم معرفة: بالمعرفة نتحرر،المعرفة بالنسبة إلينا تفتح طريق الخلاص،وطريق الرفاهية ايضا،وقبل كل شيئ،فإن مجلة هاوار هي وسيلة تعريف الناس بنا)
كما صدر العدد الأول من مجلة ((روناهي)) في نيسان 1/4/1942. ومن بعض اقوالها:
((pirsê dikim ji xwe bi xwe:
Ez çend bûme bêxal div ê dinêde, ne mal û mita,ne hal û welat..))
وترجمة القول:(أسأل نفسي بنفسي: كم أنا محروم في هذه الدنيا..! لا مال وثروة،ولا وطن..!)
ويقول الدكتور نور الدين زازا في مقدمته عن تجميع مجلة هاوار في العدد 24-57:
((pir sebeb hebûn jib o sekna kovara, hawar, xwendevan hindik bûn û perê digihan destê xwedî têra nanê wî nedikir))
وترجمة القول: أسباب توقف مجلة هاوار كانت كثيرة:قلة القراء،والمال الذي كان يصل إلى صاحبها لم يكن يغطي نفقات خبزه).
وهكذا نلاحظ الظروف الصعبة التي ظهرت فيها الصحافة الكوردية على يد البدرخانيين (أمراء جزيرة بوطان) الذي عاشوا بحبوحة من العيش في فترة إمارتهم، ولكنهم عانوا أشد المعاناة في منافيهم، ودون أن يتخلوا عن طموحهم القومي والعمل الدؤوب من أجله.
ترى هل نحن اليوم-وخاصة قياديوا الأحزاب السياسية الكوردية – يستلهمون من هذه الحياة العظيمة بعضا من معانيها في واقع سلوكهم اليومي..؟! فيجوعون ليدفعوا قضايا أمتهم نحو الأمام ، كما فعل هؤلاء الأمراء البدرخانيين ..؟! وأناروا الدروب لمن سيأتي بعدهم من المناضلين..فيخلدوا كما خلد البدرخانيون في ذاكرة شعبهم؟! ولقد أحسنت فرقة ميديا الفولكلورية بقيامها بإحياء هذه المناسبة على طريقتها ..
إذ جمعت عددا من الفرق الفنية لتقديم أنشطة فنية مختلفة (مسرح-أغاني-أناشيد- رقصات-كلمات بالمناسبة –قراءة شعر..الخ)وفوق هذا دعوة شريحة واسعة من معتصري القلم(الكتاب والمثقفين)لحضور المناسبة، كضيوف محتفى بهم، ودون إن تكلفهم مالا ..سواء في الانتقال أوالطعام..متيحة بذلك فرصة طيبة لتبادل هؤلاء الأفكار والآراء-(وهم منتجوا الأفكار وصائغي النظريات..ومضيئي المشاعل أما الأجيال،ومجدلي عناصر تكوين مناخ المعرفة والعلم لشعوبهم..). وللتعرف على بعضهم بعضا، وتبادل الايميلات والهواتف أيضا..وقضاء لحظات جميلة في أحضان الطبيعة الربيعية في قرية (علي بدران) ذات الطبيعة الجميلة بواديها .. وأشجار توتها ..وأحجارها التي تضفي جمالا خاصا على الحالة التضاريسية للقرية..
شكرا على الدعوة الكريمة..شكرا على الترحيب الطيب..شكرا على حسن الضيافة، وحسن الترتيب أيضا ..نتمنى المزيد من التطورفي العوام القادمة.
وكل عام والجميع بخير
===
الصحافة الكردية إلى أين؟
اعتاد الكرد على الكتابة عن الصحافة كلما حلت ذكرى أول صحيفة كردية أصدرها المرحوم مقداد مدحت بدرخان باللغة الكردية وبالحرف اللاتينية في يوم 22 نيسان 1898 م في القاهرة. وهي – في الحقيقة- ذكرى تبعث على الاعتزاز من جهة، كما تبقى منهلا يستمد الكرد منه الحافز للاهتمام بهذا الجانب الهام والحيوي في حياة المجتمعات وهو الصحافة, فعند الحديث عن الصحافة يبرز أمران هامان ومعبرهما- إذا جاز التعبير- .
أما الأمران فهما: 1- لغة الكتابة 2- مستوى المضمون.
وأما المعبر فأعني به: 1- :المطبوع:مجلة ،صحيفة، كتاب، منشور،..الخ. 2 – القائمين على عملية الطبع والنشر:أفرادا كانوا أم مؤسسات..(مستقلة أم ملتزمة..).
والسؤال : هل نحن – ككرد- أحسنا أداء العمل في هذا الميدان الذي نحتفل به كل عام بنوع من التسابق بين الأحزاب والمثقفين من خراج الأحزاب – وعلى مستوى كردستان أيضا- ..؟
في الواقع إن الصحافة الكردية ذات مواصفات متواضعة في هذا الجانب، ربما بسبب ضعف الإمكانيات.. ربما بسبب ظروف التقييد التي تعاني منها – في بعض الحالات-.. وربما بسبب ‘عوامل أخرى خارجة عن الطاقة(موضوعية) ومع ذلك يبقى السؤال قائما: هل استنفذنا ما لدينا من العوامل المتوفرة في تحسين أداء الصحافة الكردية (غزارة إخراجها(إصدارها)، تناسب مواضيعها لمصلحة الأمة(لا الجماعات و التكتلات الخاصة ومنها الأحزاب..) وهذا لا يعني عدم وجود حق لها في إصدارات خاصة بها، بل نريد القول (ان لا تنزلق الإصدارات التي تتم باسم الأمة(الشعب) إلى أسلوب استثمار العام للخاص فقط). أناقة شكلها..الخ.
والسؤال الآخر: هل نرضى بهذا الواقع – كيفما كان- أم نجهد للوصول إلى صيغ أفضل في المراحل المتقدمة..؟
بطبيعة الحال هذا يفرض علينا أمورا عدة منها: ضرورة فهم الواقع، وامتلاك أدوات العمل المنتج والمبدع(المعرفة والخبرة..) والنية الصادقة، والتي ترتبط –دوما- بالمحفّزات الصحيحة، المادية والمعنوية ..الخ. وبعد ذلك محاولة تطوير هذا الواقع.. عبر مجموعة إجراءات، تقع (الصحافة الناجحة) في موقع هام منها ..
وربما كان الجانب الأهم هو:( تربية النقد في مناخ من الحرية الكافية).
جملة تتألف من أربع كلمات، ولها مغزاها، ولها مدلولها..:
تربية..النقد(الانتقاد).. مناخ..الحرية..
ولا يغيب عن بال المختصين ماذا تعني كلمة التربية كمعنى وكمصطلح.. – وفي كل الأحوال: لا تعني التربية وبالضرورة – المستوى المعرفي، أو الأصح والأدق ليست العلاقة بين المستوى المعرفي والتربية الإيجابية؛ قائمة بشكل صحيح دائما. أو بعبارة أخرى لا يتوازى مستوى التحصيل المعرفي مع النمو الأخلاقي كتلازم ضروري. ومما يؤسف له ان الفيلسوف سقراط في تبنيه مقولة: ما من احد يفعل الشر مختارا ؛لم يستند إلى دراسات واقعية.. بقدر ما كان ينطلق من حالة عقلية. إذ لوحظ -في الواقع- أن الصلة بين مستوى المعرفة لدى الإنسان وبين ما يفترض من انعكاسها في السلوك أخلاقيا.. ليست صلة ضرورية بنفس المستوى..
فإذا جعلنا شريحة السياسيين في المجتمع(أي مجتمع) موضوعا لتطبيق هذه النتيجة عليه سيبرز – وبوضوح – أن مستوى الوعي لدى أفراد هذه الشريحة لا يتوازى – وبالضرورة- مع مستوى الموقع أو المكانة التي يشغلونها..مما يغلب نزعات نفسية لديهم – قد لا تكون منضبطة أخلاقيا- لنقص التربية . فيصبح النزوع نحو تحقيق المآرب (الخاصة ) على حساب المصالح العامة (أو على حساب ما يجب تحقيقه من توازن بينها وبين المصلحة العامة “-“العلاقة مع الآخرين في جميع مستوياتها”- يصبح هذا النزوع هو الطاغي في حياتهم . لذا فإن ما هو مطلوب – وبإلحاح وبالاعتماد على مختصين، أكفاء ومستقلين في التفكير (غير تابعين )، – ولا يعني هذا غير منتمين إلى أفكار وأحزاب- وإنما ذوي شخصيات متميزة مشبعة بنمو سليم، وفرته لهم ظروف تربيتها يجعل هذا النمو المحقق ل( الموضوعية) نمطا في حياتهم، سواء في التفكير، أو التصرف.. مطلوب: الاعتماد عليهم في رسم الأطر العامة التي ينبغي أن ينضبط بها السلوكيات، وتوجه الناس إلى الأداء الصحيح في مختلف الميادين والأنشطة ومنها ميدان الصحافة المهمة في التنوير الاجتماعي ..
والنقد ..هذه الكلمة الصغيرة في منطوقها ولكن النهمة في تأثيراتها،هو إتاحة الحرية الكافية للتعبير عن ما يخالج الإنسان من أفكار ومشاعر ؛ملاحظا وموجها نقدا لبيان مواطن الخطأ والزلل في الأفكار والأعمال والسلوك،مما يجنب الخطأ والغلط،ونفرق بين نقد ملتزم بقواعد تضبطه وبين انفلات لا يعني سوى الهدم والتدمير وكلا الحالتين يستندان إلى الضمير الذاتي،لا قانون خارجي يكتم النفاس ويمنع التعبير وتوجيه الملاحظات..
إن مناخ الحرية هو الحاضن الطبيعي لنمو حالة نقد منتجة ومبدعة..في ظروف الحرية ينمو الإبداع،شريطة توفر عنصر الذكاء الذي هو مفتاح الإبداع. من هنا كان اجتماع التربية الصالحة ومناخ الحرية والذكاء البيئة الغنية لحالة الإنتاج والإبداع
ولقد كتبت في مرحلة مقالا صغيرا بمثابة رسالة وجهتها –في حينها- إلى كل من التحالف والجبهة حول الصحافة.وقد نشرتها الجبهة مشكورة تحت عنوان :وجهة نظر ولكن التحالف لم بنشرها-ولا ادري السبب-.وكنت آمل نشرها من قبلهما ليطلع الجميع على أفكارها التي توخيت منها بعض فائدة مرجوة ولا أزال.وكان مضمونها بعجالة:
مادام هناك تجمع حزبي باسم التحالف وآخر باسم الجبهة – والآن آخر باسم التنسيق- فلماذا لا تتوحد جهود كل كتلة في إصدار جريدة مركزية واحدة،ومجلة واحدة (كردية وعربية) ينشر فيها كل أحزاب الكتلة مواضيعها فيها ،وفي حال وجود ما هو محل خلاف بينها فيمكن نشره على نشرة غير دورية – بحسب الحاجة والمقتض- وبذلك تكثف الجهود المالية والثقافية ويختصر الزمن أيضا،عدا عن الثر الايجابي في نفوس الجماهير..أم آلية فعل ذلك فلا شك بحاجة إلى دراسة من الجهات المعنية.
ومن جهة أخرى لماذا لا تكل الأحزاب أمر الإصدارات الثقافية إلى هيئة مستقلة لا صلة لها بالعمل الحزبي المباشر، ويكون معيار تعيينها الكفاءة والمصداقية والقدرة..على أن تشارك الأحزاب في تمويلها بطريقة ما، وتساعد على توزيعها أيضا،. وبذلك نحرر العمل الثقافي من ظروف الحالة الحزبية غير المستقرة-والثقافة عمل قومي عام وليس حالة حزبية خاصة-
وبالمناسبة فإن تحمل السلطة-والحزب الكوردي يمثل الحالة السلطوية بمعنى ما بالنسبة إلى الجماهير الكوردية،وهي تأخذ الكثير من تمويلها من الجماهير أيضا-وإن تحملها ليس امرأ طارئا فهو متبع في البلدان المتقدمة ومنذ القرن التاسع عشر –على الأقل-
ibneljezire@maktoob.com
منقول عن موقع الركن الأخضر
http://www.grenc.com/show_article_main.cfm?id=6618