محمد قاسم “ابن الجزيرة” : تفاعل الجماهير الحزبية مع الروح الثورية ضرورة نضالية
الثلاثاء 12 تموز 2011
قبل سنوات كثيرة، تداعى بعض المهتمين في ديرك منهم المرحوم : عبد الكريم ملا عمر، والمرحوم احمد عباس وغيرهما….[i]
تداعوا إلى محاولة لتشجيع الأحزاب الكردية على وحدة الخطاب، والموقف، والسلوك النضالي… تجاه قضاياها القومية والوطنية…!
وكنا نجلس دوريا في فترت متقاربة، نتبادل فيها الأفكار حول البدء بالتواصل مع الأحزاب ومحاولة تهيئة مناخ لتقاربها…
كان هذا يقتضي منا منهجا توسمنا فيه عوامل النجاح أكثر –أو على الأقل عوامل الحيطة من ردود أفعال مؤثرة سلبا علينا، عموما. وخاصة من الأحزاب ذاتها –قياداتها-
فقد غلبت لدى أحزابنا الكوردية – والأحزاب السياسية عموما- أن تنهج منهج التشويش والاتهام… – ودعونا نقول في تجاوز للحقائق- لإيذاء من يختلف معها.
فاضطرنا ذلك –احتياطا –لتجذير رؤيتنا في مساحة واسعة من المناطق الكوردية فانضم إلينا البعض من قامشلي وحسكة..وأبقينا الباب مفتوحا لانضمام آخرين.
وفي الفترة نفسها كنا نتشاور مع مدن أخرى…واستمر بعضهم،وانسحب بعضهم…
كانت الفكرة تتجه نحو إيجاد صلة مع بعضهم في حلب ودمشق وعفرين …لنغطي المناطق التي يتواجد فيها الكورد والأحزاب الكوردية عامة.
لم ننتظر أن يتم الربط بين هذه المناطق .بل باشرنا لقاءاتنا مع قيادات الأحزاب التي كانت تتركز عموما في قامشلي. فالتقينا قيادات الدرجة الأولى جميعا حينها ، وعرضنا عليهم ما فكرنا فيه:
أن تلتقي الأحزاب على مشتركات عامة، توحد الخطاب السياسي، والمواقف السياسية ، والنهج النضالي وفقا لمعايير تضمن تفاعلا ايجابيا بين الأحزاب، يرفد جهودها بالقوة المفترضة للتأثير في الوقائع والنتائج …
ولقد حاولنا أن نراعي -ما استطعنا- سيكولوجية حزبية سائدة للأسف– قيادية خاصة – تتلخص في النظرة إلى المنصب الحزبي كمنصب سلطوي، تماما كما تتعامل السلطة مع المواطنين باعتبارها وصية على الشعب، لا سلطة بصلاحيات تستمدها من الشعب .[ii]
النتيجة كانت أننا نجحنا في أمر أساسي وهو، اختراق القداسة التي كانت القيادات تتمترس خلفها، فلا يجرؤ أحد على الانتقاد ، والتعبير عما يشعر به تجاهها…!
لكننا- للأسف- لم ننجح في توحيد الأحزاب..لا في خطابها، ولا في مواقفها، ولا في أدائها النضالي…بسبب التركيبة المتقادمة –وأكاد أقول:المتهالكة – فيها،والتي نخرت في كل الجسد فيها..[iii]
ربما نكون قد نجحنا في إيجاد عوامل ضغط اجتماعي من خلال كسر المقدس؛ أدى إلى بروز ظاهرة انتقاديه بين الجماهير؛ لم تنضج بعد، لا بمعانيها ولا مغازيها ولا أدواتها…
ولقد تكررت محاولات بين الأحزاب نفسها، لتأسيس تجمعات حزبية بتسميات مختلفة –هي ذاتها لم تخلُ من ردود أفعال حيال بعضها غالبا في هذا الإجراء الايجابي افتراضا.
لا يعني هذا أننا الذين زرعنا الفكرة ..بل يعني فقط، أننا ساهمنا في التأسيس لمناخ يحتضن أفكارا موجودة أصلا، ولكنها لم تكن مفعّلة في ظروف الثقافة الحزبية التي سادت فيها الأنانية وردود الأفعال …حينئذ- وربما لا تزال، وان كانت أكثر توخيا للحذر من رد الفعل الجماهيري حاضرا…
فماذا نطرح الآن -وبعد سنوات طويلة- على قيادات حزبية، هي نفسها ، ولها النهج نفسه ، والسيكولوجية ذاتها…في الغالب..؟!
نتمنى على الجماهير الحزبية أن تصحو من رقدة كادت تميت فيهم الجذوة الحيوية من اجل قضية – بسببها انتسبت إلى العمل المنظم-
وندعوها، لتمارس حضورها كما ينبغي لها ضمن الصلاحية الحزبية لها ومداها، في ظروف لا يختلف اثنان على أنها، مهمة وحساسة وانتقالية –كما يبدو-.
سواء أرحل النظام أم لم يرحل.
فلعلها تحقق بعض الضغط المؤثر في تجديد الحالة الحزبية لذاتها، والتحرر من طقوس هامدة، للانتقال إلى فعالية نضالية تعيد إليها جذوتها، وضياء روحها… والتحامها مع جماهير شعبها، هذه التي تشكل مصدر الفعالية، والعمق الاستراتيجي، والإلهام… للنضال الحزبي .!
بصراحة، لم تعد الإمكانية- في قناعتي- قائمة في القيادات من الصف الأول والمتكئين عليهم أو المستسلمين لهم … –شأن الحكام والمصفقين تلقائيا –
لم تعد الإمكانية متوفرة لديهم؛ لتجدد ما فقدته هي في روحها أصلا.
عصر الثورات بدأت- ليس في البلدان فحسب- بل وفي الأحزاب ومختلف التكتلات الاجتماعية والسياسية، و الثقافية أيضا.
ولا أظن أن الترقيعات ستنفع، كما لا تنفع في محاولات الأنظمة ومنها النظام السوري نفسه.
أقترح على جماهير هذه الأحزاب أن تتداعى إلى نهج ثوري مدروس بعناية، يبلور رؤية متجددة لنهج العمل الحزبي، وإعادة النظر في برامجه برؤية جديدة على ضوء المتغيرات، والأهم إعادة الروح إلى السلوك الحزبي الجاد والمضحي والطموح…
لتضطرّ قياداتها إلى التفاعل ايجابيا معها، أو تستقيل من مواقعها،تاركة للمد الثوري النهضوي أن يكمل المشوار بأدواته الجديدة، والروح الثورية في ضوء الحكمة الضرورية.
——-
[i] – عدد لا بأس به من الذين تداعوا لهذا النشاط سنذكرهم في وقت لاحق إن شاء الله.وربما تفاصيل أخرى.
[ii] – لا نقلل من شان أي احد. ولكن البعض اتخذ من موقعه الحزبي منصبا يقلد فيه الحكام الطغاة، دون أن يكونوا في موقع هؤلاء الحكام لجهة القوة من الناحية الواقعية.
[iii] – انظر دراستين بعنوان ” أسباب أزمة الحركة الكوردية في سوريا” و” قراءة مختصرة في ادبيات الأحزاب الكوردية” وكلاهما منشوران في الانترنيت. اطلبهما من غوغل .
m.qibnjezire@hotmail.com
………………………………………………………………………………………………………
نقلا عن موقع ولاتي مه
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=9118#.XkW4WzLXLIU