التمثيل
الأربعاء 28 نيسان 2010
محمد قاسم (ابن الجزيرة)
m.qibnjezire@hotmail.com
يعرفه الجميع بأنه فن..أو احد الفنون..والغاية من الفنون عديدة منها اختصار الأحداث في زمن قصير .ليطلع الناس على مجرياتها ويتخذوا العبرة منها..
ومنها تفريغ ما في النفس من تراكمات مختلفة، تطهر الذات من تأثير رواسبها، وسمومها -إذا جاز التعبير- ومنها –بالنسبة للممثل- إبراز المهارة والقوى الفاعلة إبداعيا في ذاته مما يشعره بالاعتزاز والخصوصية وربما التفوق..
وربما أهداف أخرى.
ولنأخذ الغاية الأهم وهي: عرض الأحداث خلال فترة قصيرة للعبرة والعظة. فنلقي بعض الضوء عليها.
الأحداث –بلا شك-تجري في الحياة الاجتماعية سواء بالنسبة للأفراد او الجماعات.
ولا يمكنا التحكم بمجرياتها في كل أبعادها لسبب بسيط هو: ان الإنسان فيه أكثر من بعد – بعد فردي وبعد اجتماعي…وفي نطاق ذلك أيضا: بعد تربوي قاصد، وبعد تربوي غير قاصد. أي بعد يمتصه المرء من الآخرين عموما-المجتمع-دون انتباه او لاشعوريا، من خلال انفعالات مختلفة كالإعجاب بـ.- وفيه تقليد- او تأثير الحب “حبك الشيء يعمي ويصم”. أو غير ذلك.
من هنا فالعملية معقدة. ولعل هذا ما دعا القائل ليقول:
وتحسب أنك جرم صغير= وفيك انطوى العالم الأكبر (وينسب القول إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه). فالشخصية تتنازعها قوى نفسية متعارضة ومتناقضة. لأن العقل له سلوكه، وللغرائز سلوكها المختلف أحيانا، وللرغبات والأهواء اتجاهاتها المختلفة والمتعارضة مع العقل والغريزة أحيانا.
في هذه المساحة نود التوقف قليلا، ونبحث في فن التمثيل على أرضيتها.
فالتمثيل يصبح وسيلة بيد المتحكمين فيه منذ الكاتب والمنتج والمخرج والممثل… الخ. وربما بعد فترة معينة من تشكيل الثقافة الفنية –المجتمع أيضا-. طبعا بعد نوع من التطبيع الفني –إذا جاز التعبير (تصبح ذائقة وقوالب ثقافية ملهمة، أو مفروضة على الاختيارات بطريقة أو أخرى).
هل التمثيل يحاكي الواقع بما يستطيع الكاتب ان يصوّره؟
أم انه أصبح خارجا عن تمثيل الواقع الى التلاعب بالواقع لتحقيق غاية معينة؟
وفي الحالة الأخيرة، هل هذا التلاعب يخضع لمعايير اجتماعية مفيدة بالضرورة، أم إنه تلاعب بحسب الهوى-والهوى هنا، الغاية من التأثير ثقافيا، او تحقيق مكاسب اقتصاديا، او سياسيا، أو …الخ.
يبدو لي ، من خلال متابعة المسلسلات والأفلام أيضا والتمثيليات…الخ –في المجتمعات المتخلفة والعربية منها، على الأقل- أن الفن –التمثيل- يتجه الى التلاعب بروح ذاتية للعاملين فيه، ربما المنتج أكثرهم تأثيرا- وبالتالي فإن الأحداث التاريخية او الماضية عموما. تصبح مادة لإنشاء منظومات فكرية وثقافية في الحاضر بما يخدم هذا الحاضر بالنسبة للعاملين في فن التمثيل منذ الممثل والمنتج والمخرج وربما السلطة التي يتم التمثيل على أراضيها او يكون العاملون من مواطني بلدانها.
لذا نجد في السلطات الأيديولوجية أن أغلب الانتهاج الفني تمثيلا لمسلسلات او تمثيليات أو أفلام…الخ. إنما تعكس الاتجاه الأيديولوجي لهذه السلطات فيما يتعلق بالأفكار السياسية والثقافية. وأسلوب عرض الأحداث بطريقة يمكنها ان توظفها لأيديولوجياتها .. وهي –بذلك-تتجاوز على حقوق الوطن والمواطنين بذريعة خدمتهم –وفق نظريتها لأيديولوجية-مهما كانت: دينية او قومية او طائفية…الخ.
وهنا يتحول فن التمثيل الى مجرد وسيلة إعلامية للنظم، لا فنا موجها لكل البشر بغض النظر عن انتماءاتهم القومية او اعتناقاتهم الدينية او غير ذلك.
وتصبح النظم هنا متجاوزة على حقوق الوطن والمواطن بدون تمثيل رأيها واتجاهات رغباتها وإرادتها.
………………………………………………………………………………………………………………………
منقول عن موقع ولاتي مه
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=2945#.XkazWTLXLIU