ملف استقلال كوردستان.. وموقف حزب العمال الكردستاني – القسم (6)
السبت 04 حزيران 2016
– محمد قاسم ” ابن الجزيرة “: العودة الى الشعب لا يزال المعيار الأفضل، المتبع في الثقافة السياسية العالمية.
– حواس محمود: الظرف السياسي والتاريخي الان متاح لإقامة الدولة الكردية والضرورة قصوى لتوحيد او على الاقل تنسيق كردي كردي لإقامة الدولة الكردية.
– نارين عمر: مسألة الاستقلال تخصّ بالدّرجة الأولى شعب وحكومة الإقليم، وما علينا في الأجزاء الأخرى إلا أن نقدّم إليهم العون والدّعم..
– محمد مندلاوي: الأمة الكوردية في إحدى أقاليهما الأربعة أو مجتمعة, لها الحق الشرعي والقانوني كسائر أمم الأرض أن تؤسس دولتها القومية المستقلة, أسوة بدول العالم المستقلة.
– د. خوشناف سليمان: تثبيت استقلال الاقليم الكردي في العراق ينطوي على أهمية استراتيجية قصوى للكُرد في كل مكان .
محمد قاسم ” ابن الجزيرة “: العودة الى الشعب (الانتخاب-الاستفتاء) لا يزال المعيار الأفضل، المتبع في الثقافة السياسية العالمية
وردتني الأسئلة التالية من موقع ولاتي مه:
– هل تجدون طرح مسألة “الاستقلال” في اقليم كوردستان كحق تقرير المصير للشعب الكوردي في الإقليم؟ – كيف تقيمون موقف حزب العمال الكردستاني من موضوع استفتاء الشعب الكوردي، فهل لهذا الحزب الذي أعلن بأنه ” تخلى عن العمل من أجل الدولة القومية” الحق في التدخل في الشأن الكوردي العراقي؟ – هل الرد على هذا الموقف ضروري وجيد، أم يجب اعتبار مثل هذه التصريحات “جعجعة بلا طحن”؟ كيف تجدون الرد عليه من قبل مؤيدي الاستفتاء مناسبا، إعلاميا فقط أم إجرائيا؟ هذه الأسئلة المفتوحة حول مسألة استقلال كوردستان طرحها الكاتب والسياسي الكردي المعروف “جان كورد” على المثقفين الكورد.
الذين سيتناولون الموضوع بلغه خطاب سياسية مباشرة، كثيرون.
لذا سأتقدم بمداخلتي كالتالي، وان كانت لي رؤيتي الخاصة، وتقويمي الخاص، وتفاعلي الخاص… وفقا لمعيار اومن به وهو (القومية/الوطنية/الإنسانية) كمفهوم متكامل.
هذا المعيار الذي يشمل ثلاثة مفاهيم، كل منها كتبت بشأنه المجلدات وتناولته الفلسفة وعلم الاجتماع السياسي، وعلم النفس الاجتماعي وعلم السياسة …الخ. لكنني اختصر النتائج هنا في مفهوم واحد.
ليس ابداعا، وانما استند فيه الى رموز تاريخية لها وزنها في عالم السياسة النظرية والميدانية كالمهاتما غاندي الذي يعتبر أحد قمم الفلسفة السياسية وتطبيقاتها، اذ اتخذ اللاعنف ركيزة ومذهبا قدّرها العالم بأسره، بل وحقق –استنادا اليها – استقلال الهند التي كانت تضم أكثر من ثلاثمئة مليون من السكان حينها، وساعد على تجنيب المسلمين والهندوس حروبا ربما كانت لتدوم عقودا، أو أكثر.
فمنهجه النظري وسلوكه الميداني المتوافقين (مصداقية النضال السياسي) المتضمن مواقف إنسانية نبيلة وشجاعة، وقدرة إدارية انبثقت من تفاعل مع الشعب بعمق وصدق. فأصبح جزءا منه، وأصبح الشعب أيضا جزءا من شخصيته، يقول: الوطنية والانسانية عندي سواء.
والوطنية تُبنى على معنى القومية أساسا، في تبلور نشوئها تاريخيا.
فكرة القومية بنيت عليها الدولة الحديثة في أوروبا، وامتدت الى المناطق الأخرى من العالم. وبحسب التطور الثقافي للعالم. وانعكاساته على حياة الشعوب والأوطان. كنشوء الشركات العابرة للحدود، بل القارات. وتأثيراتها السياسية والعسكرية من خلال دورها وتأثيرها على أنظمتها.
وإن التطور العلمي أثّر على مسار الثقافة العالمية، التي بدأت اساطير، ثم فلسفة لها اتجاهاتها التي برز فيها اتجاهان رئيسيان هما “المثالية” و “المادية”. وقد تعززت الأخيرة بكشف منهج العلم الذي يبدا بالمشاهدات، ويمر بالفرضيات، وينتهي بنتائج التجارب التي ثبتت يقينيا. فكانت “القوانين العلمية” التي ساهمت في دراسات؛ انحازت الى ما عرف بالواقعية، كنهج تفسير بدا كأنه يتقدم على الدراسات المنطقية النظرية(الفلسفية). لاسيما بعد ازدهار “التكنولوجيا” ونتائجها المبهرة على الحياة.
وقد تعززت أكثر، إثر تأليف داروين لكتابه “أصل الأنواع” وظهور مدرسة “التحليل النفسي ” على يد سيجمند فرويد، فكانت منطلقا للأيديولوجيا الماركسية وقاعدة لها، فادعت امتلاك فلسفة تفسيرية شاملة للكون، وانطلقت منه في محاولة فرضها تحت مسمى “الاشتراكية العلمية “. وانطلقت من ذلك لتبني فرضيات (ونظريات) باعتبارها قوانين، كمفهوم “الحتمية التاريخية ” و”الديالكتيك” واجتماعيا/سياسيا، مفهوم “دكتاتورية البروليتاريا” الذي ركبت موجه؛ واتخذته وسيلة لممارسة العنف باسم طبقة الكادحين (التي معظمها في ظروف عجز ثقافي(وعي) وحاجة مادية (فقر) مما وفر فيها مادة خام نموذجية لتمرير اجنداتها السياسية.
فهيمنت على الأمور، وانتشرت افكارها في مناطق من العالم، سهل مهمته، واقع رأسمالي انتجه تقدم العلم “التكنولوجيا” فنشأت طبقة رأسمالية الّهت المال، واستعبدت الفقراء والمحتاجين … لكن المنهج الخاطئ –لا بد ستظهر نتائجه الخاطئة في مرحلة ما. لاسيما إذا كان الذين يديرونه -0يتبعونه-يفرضون رؤاهم الذاتية باسم الموضوعية.
وهذا ما حدث للمنظومة الاشتراكية “الماركسية” التي انهارت سريعا امام الواقع وحقائقه، وبمساهمة من قوى رأس المال العالمي التي تعيش نظما تمارس الديموقراطية النسبية التي توفر لقوى الشعب قرصة التأثير من خلال الانتخابات، فتحسن ظروف الأداء الرأسمالي نسبيا، وأصبح أقرب لقبول الشعب من نظام شيوعي صارم تضخمت فيه أجهزة مخابراتية على حساب الشعب وحريته وكرامته، وتعملق السياسيون المتنفذون فيه، فأصبح كل “امين عام” حزب كأنه إله في شعبه. وعلى كل مواطن ان يحمل كراساته في حقائبه ويحفظ ما فيها.
وتقمص البعث هذه التجربة لأنها تتيح له الهيمنة على الشعب. وها هم الجميع يدفعون ضريبة ذلك، وفي العراق وسوريا خاصة…!
حتى اللحظة لم يكتشف الانسان أفضل من نظام العودة الى الشعوب لتقرير ما تراه؛ على الرغم من ان واقع بعض الشعوب –والكورد منها – لا يزال قاصرا او ناقصا لاستيعاب أهمية ودور الفرد فيها، في تقرير شؤونها وقضاياها المصيرية (أي ضعف الوعي السياسي وسوء إدارة المسار فيها). لكنه يبقى المنهج الأصلح، باعتباره يتضمن إمكانية التغيير نحو الأفضل كلما تقدم وعي الشعب، فمادامت حرية الاستفتاء متوفرة بحسب المعايير الدولية، فهذا يبشر بان أساسا سيوضع، ويمكن البناء عليه.
ويبدو ان كل المناهج التي تبنت تضليل الشعوب ومصادرة حقوقها افي اختياراتها انتهت الى ظروف كارثية خلال عقود، لا قرون، وخير مثال لذلك، الاتحاد السوفييتي الذي عاش إمبراطورية قوية ومتقدمة تكنولوجيا بنسبة ملحوظة. لكن البنية التي تأسست عليها جعلت الحكام في واد والشعوب في واد، ولم تنفع قوة الاستخبارات الضخمة ان تفعل شيئا مذكورا لهؤلاء الحكام. او انها نفسها انحازت الى الشعب اذ لاحظت الكارثة التي ينزلق اليها وطنهم نتيجة نهج سياسي متخلخل في بنيانه فالظاهر فيه القوة، والباطن فيه منخور. وهي الأكثر اطلاعا على الواقع والحقيقة فيه. وبالتالي فهم أبناء الأمة والوطن. ولا بد ان روح الوطنية ستحركهم في لحظة الخطر.
فكانت خطوات البيريسترويكا والغلاسنوست (الغلاصنوصت) رصاصة الرحمة الأخيرة. ومن حسن الحظ ان ظروف التجربة السابقة قد وفرت عوامل ساهمت في عدم الانجرار الى حروب داخلية.
30/5/2016
……………………………………………………………………
منقول عن موقع ولا تي مه