قراءة في واقع الوسط الكردي.. محاولة تحليل وتشخيص الملامح العامة 1(3 حلقات )

قراءة في واقع الوسط الكردي.. محاولة تحليل وتشخيص الملامح العامة (1)
الأثنين 05 ايلول 2011
محمد قاسم ” ابن الجزيرة”

في الوسط الكردي- ولا أحبذ تعبير الشارع الكردي- تبدو حالة حيوية تتجلى في سجال يفترض أن تحدد ملامحه ومنطلقاته ومساره… لكي يمكننا قراءة واقعه… ومبرراته… ومآله المفترض. وقبلا أذكر بدراسة سريعة كتبتها ذات يوم بعنوان: “قراءة مختصرة في أدبيات الأحزاب الكوردية” نشرت في العدد 15 من مجلة “أجراس” التي كان الحزب اليساري الكوردي يصدرها… كما نشر في مختلف المواقع الإلكترونية التي كنت أتعامل معها، ومنها : موقع ولاتي مه – الركن الأخضر- الحوار نت … حاولت فيها تلمس التكوين البنيوي للمجتمع الكوردي…

وعلى الرغم من أنها محاولة لم تكن متبلورة إلى حد الكفاية… إلا أنها حاولت –كما قلت قبل قليل- تلمس هذا التكوين.. في عناوين محددة…
ولعلنا الآن بحاجة مرة أخرى إلى شيء شبيه – وبروح مختلفة- أهم سماتها- هنا- الإيجاز، لأننا هنا نكتب مقالة قصيرة ـ لا بحثا طويلا… ويبدو أن الثورة -أو الانتفاضة- أو الأزمة….السورية؛ ساهمت في فرز جديد لبعض المفاهيم، والاتجاهات الاجتماعية للحياة، أو- الحراك الاجتماعي ككل، وحراك المجتمع الكوردي على الخصوص. إنني أحبذ كلمة “المجتمع” عادة، لأنها أشمل من كلمة “الشعب” ذات المدلول السياسي الأغلب، والذي يكاد يكون محددا –أو على الأقل موحيا بنوع من التحديد-. أما هنا، فإنني أميل إلى مفهوم “الشعب” ذي المدلول السياسي اجتماعيا.. لأنني سأتطرق إلى حراك طابعه العام سياسي.. وان كان يحمل دلالات اجتماعية شتى فيما يحمل -وهذا طبيعي- فلا فصل بين السياسة والمجتمع- أو الشعب.. إلا في بعض لمسات خاصة … سأستخدم هنا ، مفهوم “الوسط الكردي” بدلا عن “المجتمع” و ” الشعب” للتخفيف من الأبعاد الممتدة والمتشظية… للدلالة؛ في حالتي “الشعب” و “المجتمع”.
فمفهوم “الوسط الكوردي” كما أعنيه هنا، يعني بديلا عن ا لمصطلح المألوف “الشارع الكوردي” وقد أعلنت عن عدم ميلي إليه، لما لكلمة الشارع من دلالات مختلفة -غير منضبطة- بعضها منحدرة، كمعاني . في الوسط الكوردي اليوم “حراك” اتخذ مناحي تكاد تكون مضطربة… لأسباب مختلفة منها : إن الوسط الكوردي فقد الكثير من تجانسه الاجتماعي نتيجة للظروف التي عاشها في ظل أنظمة معادية له… جهدت بكل ما ملكت؛ لجعله يفقد التجانس الاجتماعي الذي يسهل حركته في حالة تفاعلية ضمن إطار هذا التجانس، والذي يعطي معنى يمكن تسميته -بحسب الفيلسوف الألماني هيغل- “روح الأمة” الجامعة.. مع التنبه إلى أن مفهوم الأمة يتجاوز كثيرا مفهوم “الوسط الاجتماعي” في دلالته ونموه وأبعاده.. ومما ساهم سلبا في هذا الجانب؛ غلبة الثقافة السياسية على الثقافة الطبيعية -إن جاز التعبير-… فالثقافة السياسية- في محاولة تعريف سريع- هي: مستوى محدود متعال من الثقافة، يحاول أن يرسم كل شيء وفقا لمخطط أو منهج مرسوم في الغالب… بينما الثقافة الطبيعية اجتماعيا، هي نمو عفوي في معظمها؛ كنتيجة لحيوية المجتمع وتفاعلاته الداخلية والخارجية، ووفق نظرية الانتقاء والاصطفاء –البقاء للأصلح-…في الغالب-إذا كان سير الحياة الاجتماعية طبيعيا-. هذه الحالة في الثقافة الطبيعية- تجعلها ثقافة تنمو بهدوء، وقبول اجتماعي؛ بتدرج يثبّت عناصرها في وعي وسيكولوجية أبناء المجتمع، ودون خرق- أو تمزيق – لنسيج التجانس لديه، ويتضمن الحرص على تنمية روح الأمة الجامعة بين أبنائه… الثقافة السياسية يتولى إدارتها- وزرع عناصرها- بعض النخب التي قد تتباين في مصادر تلقي ثقافتها، وتكوين سيكولوجيتها… وبالتالي رؤاها، خاصة لدى أولئك المتأثرين بثقافات مختلفة، كما حصل لدى بعضهم. ومنهم الذين استوردوا الفلسفة الماركسية من الاتحاد السوفييتي دون كفاءة في التمثل والنقل … ومن ثم اتباع أسلوب التعسف في فرضها؛ دون مراعاة لواقع الثقافة الطبيعية السائدة، والتي أغلب عناصرها منحوتة من الثقافة الإسلامية، فضلا عن بقايا الثقافة الاجتماعية في تغيراتها المختلفة والمستمرة- سيرورتها التاريخية.. وتعطي المجتمع ذهنية وسيكولوجية -ثقافة- تتجلى في سلوك اجتماعي عام يميزه عن غيره بملامحه الخاصة.. وبغض النظر عن تقبلنا أو رفضنا لها أو بعضها- أي الثقافة الإسلامية والثقافة التي تتكون من بقايا التغيرات التاريخية، مهما كانت..فإنها -في الحصيلة- واقع معاش … و في تقديري، من الواقعية –والمفترض- أن يكون التعامل معها تعاملا واعيا، وهادئا، ووفقا لمنهج واضح الملامح والفاعلية- فضلا عن سطوع الحقائق إلى درجة تجعل الاستجابة لها ممكنة… للأسف -هذا ما لم يتوفر أبدا في الفلسفات المستوردة –والماركسية أهمها – بسبب أن أغلب النخب كانت تتلقى ثقافتها- أو علمها- في الاتحاد السوفييتي مثلا–المنفذ المفتوح لها حينها أكثر من غيره.. وعلى الرغم من أن الذين تلقوا تعليمهم في الشرق قد عادوا بالكثير من الخبرات في ميادين مختلفة، وخدموا -بدرجة أو أخرى- أبناء مجتمعهم …لكنهم فشلوا –وربما أساؤوا –في محاولة تطبيع مجتمعاتهم بثقافة مستوردة لم يحسنوا –للأسف وغالبا- وعيها بكفاءة، وتحسين عملية نقلها وتعديلها… وفقا للظروف الخاصة لكل مجتمع… لقد غلّبوا الجانب السياسي –الأيديولوجي- فيها، وحاولوا تغييرا ميكانيكا وسريعا للحياة الاجتماعية الكوردية في ظل شعور بتخلفها، وتقدم المستورد عليها، والذي كان يحمل مفهوم”التقدمية” أيديولوجيا لا واقعيا. كان هذا النهج سببا في نمو قيم متصارعة بين المنقول المستورد وبين الموجود الواقعي بروح “ثوروية” متهافتة، شوّهت التأثيرات بدلا من تحسين الواقع، ونشر قيم تخدم التجانس –ولا اعني الوحدة في التصورات أو الأفكار أو الاتجاهات… وإنما اعني القدرة على التفاعل مع الاختلاف تحت سقف اجتماعي واحد، وبروح اجتماعية جامعة، كما توصف بها –حالة الديمقراطية “العيش ضمن الاختلاف” أو تقبل الاختلاف في إطار الوحدة…..!
……………………………………………………………………….
منقول عن موقع ولا تي مه
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=9894#.XmeIs3LXLIU
………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………….
قراءة في واقع الوسط الكردي.. محاولة تحليل وتشخيص الملامح العامة (2)
الأثنين 05 ايلول 2011
محمد قاسم “ابن الجزيرة”

الديمقراطية مفهوم يوناني قديم، مؤداه الحرية في الاختيار “حكم الشعب نفسه بنفسه ولنفسه” . هذا المفهوم ذو جذور عميقة في الثقافة الغربية منذ اليونان وما بعده، على الرغم من الانتكاسات التي حصلت في تاريخ هذه الشعوب؛ أوصلتها إلى الاستبداد المغرق كما روما مثلا… وقصة نيرون شهيرة حيث احرق روما ليستمتع بسنا اللهب الراقص والمتموج…على حساب مآسي وآلام الناس. لكن الجذور العميقة لمعنى الديمقراطية غلبت مرة أخرى في فرنسا، فكانت الثورة الفرنسية التي لا تزال تلهم العالم بمعاني الحرية والعدالة والمساواة..الخ. وأخيرا انتصرت بعد الحربين العالميتين في القرن العشرين. فانتقل الغرب إلى ممارسة ديمقراطية –لم يدّع مفكروها أنها النهاية- استقرت معها الأحوال في دوله ، وعاشت شعوبها حياة ذات ملامح هادئة، وقابلية للتطور المستمر، والموفر للرفاهية، لاسيما مع تطور التقنية الهائل …
ولما للمفهوم- الديمقراطية- من جاذبية وسحر أصلا –من الناحية النظرية- ومن الناحية الواقعية بعد اطلاع الناس على تطبيقاتها عبر الفضائيات والسياحة والهجرات وعام النت ….الخ. وقارنوا واقع الحياة معاشة في هذه البلدان، مع تجارب أخرى فقدت جاذبيتها ، خاصة بعد فشل التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي ومنظومتها …لذا أصبح الأغلب –ما عدا بعض المنتفعين أو الذين لهم أيديولوجيات بفهم مشوّش أو مشوّه..- أصبحوا يتجهون نحو تبني المفهوم ونتائجه –وربما تداعياته أيضا-. لكن المشكلة أن الكثيرين من هؤلاء الناس–خاصة المتبوّئون مراكز إدارية –ولا أقول قيادية- في الأنظمة الحاكمة، والأحزاب المتشربة روحا سلطوية، وقطاعات مختلفة- ومتخلفة – اجتماعيا… دأبوا على إخراج المفاهيم بتفصيل يناسب مصالحهم وربما أمزجتمهم…والهروب من المنطق والموضوعية في الفهم- قصدا أو عجزا عن الفهم….- إلى إلباس المفاهيم ثوب الذاتية، وإخراجها أيديولوجيا، ليطوعوها لما يرغبون.وهذا ما هو حاصل في واقع المجتمعات المختلفة والمتخلفة…ومنها المجتمع الكوردي…والوسط الكوردي الذي نحن بصدد الحديث عن عدم التجانس فيه، وانعكاس ذلك على حراكه؛ خاصة في ظروف الأزمة –أو الثورة أو الانتفاضة السورية..القائمة. ولئن ترجمنا ما سبق في الوسط الكوردي النشط والمتفاعل مع الظروف الراهنة، عبر قراءة لواقعه، وما يجري فيه، نلاحظ: بعض ملامح – على الأقل- تحتاج إلى الوقوف عندها، ومحاولة استقرائها، ومن ثم محاولة تحديد ما يفترض لتصحيحها، ووضعها في مسار يخدم وجودها، وحضوها، وفاعليتها، وأخيرا- لا آخرا- غاياتها…! وهذا –طبعا- غير ممكن إلا عبر تفاعل يتدرج في العمق والرقي، بحسب مصادر التفاعل هذا..ولعل المستوى الراقي- أو الأرقى- لعملية التفاعل المنتج هو:في النهج والغاية كما لدى المجتمعات المتقدمة التي امتلكت قيم التفاعل برقي . سأذكر هنا فقط حالة –او جانبا – واحدا وهو المنهج المتبع في عملية التفاعل الحواري في الثقافة الكوردية واقعيا.-إذا صح التعبير. ففي صفحات المواقع نجد غزارة في الحديث عن قضايا مختلفة في صورة مقال ومقال معاكس ربما. وفي صيغة تحليل أو بيان أو تصريح أو توضيح..الخ. فهل استطاع الناشطون في الوسط الكوردي أن يحققوا المأمول والمرجو في هذه الأنشطة؟! ولا اعني الكمال هنا..فالكمال لله وحده. وإنما اعني، تحديد الاتجاه…النهج… المشاعر واللمسات التي تطبع أو تختفي خلف السطور…! هل استطاع هؤلاء الناشطون-أو معظمهم- سواء أكانوا حزبيين أم مستقلين أم شبابا في تنيسقية..أم…غير ذلك.. هل استطاعوا أن يوفروا –بما قالوا أو كتبوا – إضافة روح الحوار السامي والنقي إلى مساحة الحوار المفترض بين الجميع –وهم شركاء –في المغنم والمغرم في نهاية الأمر….وكل سلوك يصدر عنهم- كيفما كان سلبا أم إيجابا- سينعكس حتما على الأجيال اللاحقة، ومن مكوناتها، أبناؤهم، وأحفادهم، وأقرباؤهم في مختلف المستويات والتجليات..؟!
………………………………..
منقول عن موقع ولاتي مه
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=9900#.XmeJd3LXLIU
……………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………
قراءة في واقع الوسط الكردي.. محاولة تحليل وتشخيص الملامح العامة (3)
الثلاثاء 06 ايلول 2011
محمد قاسم”ابن الجزيرة ”
معروف للجميع- أو المهتمين على الأقل- أن النهج الأفضل و المفترض إتباعه، في قراءة أي موضوع أو مشهد… يكون عادة في توصيف؛ يجهد أن يكون محايدا، لتحقيق المعنى –والغاية- المعرفي (العلمي) الخاضع لمعايير منطقية؛ ويمكن تداولها من الناس كافة ، استنادا إلى مقولة فلسفية تقول: “على صعيد العقل يلتقي البشر”. ولكن هذا النهج المفترض إتباعه لقراءة المواضيع والمشاهد… – في مرحلة ما ، في مكان ما ، يصطبغ أو يتأثر- بالحالة الذاتية لرأي الذي يتبعه. هذا الرأي-كما غيره من الآراء- يكون عادة ناتج –وخلاصة- تفاعله مع هذا الموضوع والمشهد. وقد يفلح صاحبه في عرضه بنجاح،وقد يفشل.وقد يكون مصيبا وقد يكون مخطئا ..لكنه يعبر عن ناتج تفاعله على كل حال..
هذا التفاعل الذي يفترض انه سيوجد تفاعلا من الغير،و ربما تكون الحصيلة ناتجا أفضل مرجوا..هذه هي مسيرة التفاعل الفكري والثقافي في حياة الناس، وتمثل مستوى وطبيعة حيوية الحراك الاجتماعي والسياسي وكل ما يتعلق بهما. بعبارة أخرى، على الرغم من محاولة اتباع نهج -نظنه موضوعيا- لكننا قد نفشل في اتباع سير منطقي فيه؛ نتيجة لمؤثرات ذاتية لا نستطيع- بالضرورة – ا التحرر منها…والمعيار الأدق هنا -ربما- هو القدرة على التحرر من المؤثرات الذاتية في عرض المعلومات والمفاهيم والأفكار عموما…ولذا قال الشافعي” رأيي الصحيح يحتمل الخطأ ورأيك الخاطئ يحتمل الصواب” وأكمل بالقول: ” الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية”. فرسم المنهج المعقول للتعامل والتفاعل عبر ضرورة الاحترام المتبادل للآراء المختلفة.والبحث المستمر عن الحقيقة بلا كلل…وهو منهج اتبعه الفلاسفة منذ القديم ولا يزالون…! هنا، هذا ما أحاوله –ولا ادعي العصمة- بعد عرض ما سبق،للوصول إلى الخلاصة التي أردناها من هذه المقالات المتسلسلة في حلقات ثلاثة.. في تقديري، يمكن تقسيم الأنشطة الحاصلة راهنا في سوريا-كرديا- إلى: – أنشطة التنسيقيات كجزء من الحراك الشبابي السوري عامة، والتي قوامها شباب انخرطوا في عملية ناشطة ومغامرة- بمعنى ما – أيضا…وقد دفعوا – وطنيا على الأقل- ولا يزالون؛ الدم والجراح والعذابات واحتمالات مجهولة – وربما مؤلمة..- وان كان الوسط كله ينفعل بها، فهؤلاء الشباب أبناء وإخوة وأحفاد وأقرباء وجيران وأبناء وطن…الخ . ويبدو أن السمة الغالبة في حراك هؤلاء الشباب، تتلخص في جرأة الإقدام، ووعي لم يكن يقدّره لهم الآخرون قبل هذا… مع ذلك فإنهم يحتاجون إلى النظر حولهم، وتحليل الماضي، والاستفادة من خبرات الغير – أقرباء أم أعداء…فالخبرة لا هوية لها- ليتعرفوا على خارطة الحراك الاجتماعي /السياسي … – أيا كانت التسمية..ويستمدوا من الخبرة المتراكمة فيها ما يمدهم بزاد مفيد في مسيرهم الشاق والطويل ربما. – أنشطة الأحزاب …هذه التي تبدو ملامح الهرم والروتين فيها واضحة… من خلال الأسلوب الذي تتبعه في حراكها الميداني…. فعلى الرغم من أن هذه الأحزاب هي البادئة بالحراك السياسي الكوردي منذ نصف قرن..لكنها- للأسف- فقدت الكثير من الحيوية والمرونة والآفاق المفترضة للعمل التنظيمي والنضالي الذي كان الأساس لوجودها، والمبرّر لعملها وبقائها…وبالتالي فإنها تكاد تفقد القدرة على التأثير المتناسب مع تطور الأحداث وسخونتها، سواء على وسطها الكوردي ام الوسط الوطني بما فيه السلطة…وذلك بسبب آليات تبنّتها؛ لعل أهمها، اختزال الحراك الحزبي/السياسي في شخصية الرجل الأول –الإداري الأول- بغض النظر عن المسمى.وما نتج عن ذلك من اختزال وترهل وتكيف مع حال هذه الشخصية وطبيعتها …وليس بالضرورة دائما أن هذه الشخصية ومثيلاتها تمثل الضمير الحي وطنيا في وسط يفترض أنها تمثله مهما كان السبب -عمدا أم عجزا…! لكن هذه الأحزاب تبقى رقما على كل حال..وهي تمتلك خبرة – بدرجة ما كبيرة أم صغيرة- يمكن توظيفها للمصلحة العامة؛ إذا حسنت النوايا، وصح العزم ؛خاصة إذا لملمت جراحها ،وضخت حيوية جديدة في نشاطها بثورة شبيهة مما يجري على الأرض في الوطن. وهذه مهمة تلك القوى التي لا تزال تحتفظ ببراءتها وروحها النقية في الشعور بمسؤوليتها تجاه عملها النضالي ودوافع الانتماء الحزبي…الصحيحة. – أو الوسط- أو المجتمع – الذي ينقسم إلى تجليات مختلفة نشير إلى بعضها السلبية ،مثل: اللامبالاة، الخوف، الأنانية، سوء الفهم والتقييم للوضع، وعدم استيعاب الأمور في حيوية تضيّع الفرصة للإدراك الصحيح، ..الخ… ومنها حالات باعت ذاتها لقاء ثمن بخس… ومنها التي تعرضت للاستلاب ا في لحظة ما بتأثير ما…الخ. ولن نعرج على المسببات والمسؤوليات هنا، فذلك يحتاج مساحة كبيرة ليس الآن محلها. هذه التجليات جميعا تعكس أحوال شرائح أو جماعات تكون معيقة للحركة… والأنشطة الفاعلة المفترضة ضمن الوسط الكوردي هذا. أما أولئك الحزبيين الذين تركوا السياسة،أو الأصح التنظيمات الحزبية؛ خاصة بعد تشت قواها في صراعات داخلية تبدو شخصية وأنانية ومتهافتة في الكثير منها…ومنذ البدايات – وقد يكون تركهم بسبب عدم اندماجهم مع الآلية التي سادت وطبعت الأداء الحزبي منذ فترة طويلة وعندما اختزل العمل الحزبي فكريا وميدانيا في الشخصية الأولى . كما ان هناك شريحة تتسع وترتقي تحصيلا معرفيا وثقافة مفترضة… من المثقفين وذوي التحصيل العالي ….يؤمل منها عطاء أفضل في الظروف الجادة والمستجدة، والتي لا تحتمل التجاهل أو اللامبالاة…كما هي الظروف الراهنة. “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فقلبه” ولكن دون عنف ذاتي المنشأ في الفهم والتعبير اللفظي والعملي. هنا نؤكد –وكما نرى- أن أفضل آليات التفاعل إنتاجا هي: الحوار الجاد والمسؤول والمبني على معرفة وخبرة وروح ايجابية…بعيدا عن أنانيات، وأوهام تستند إلى مناصب- لها تسمية ولكنها أقرب إلى الوهم في ظل الظروف السائدة..- ولعل هذا الخطاب يوجه للجميع، ولكنه إلى الأحزاب أكثر، فهي اعتادت -في ثقافتها اليومية- الحديث عن المناصب ، والعمل على تسلمها وان كان السبيل –أحيانا غير مشروعة كما يحصل في انتخابات موجهة أو تجاوزات للمعايير المفترضة…ومنها التنازل عن كثير من قيم الشخصية النضالية المفترضة من اجل وهم المنصب…وغير ذلك من السلبيات المتبناة ، حتى أصبحت الحالة ذهنية وسيكولوجية “ثقافة” في حياتها اليومية على حساب الهدف والمنهج المفترضين الذين يبرران وجود الحزب أصلا . وقد يكون مفيدا أن نذكر بأن روح الاستئثار بقيادة الوسط الكوردي السائدة في الذهنية الحزبية لم تعد مبررة ،لاسيما وإنها –للأسف- تعجز عن لملمة شتاتها، واخذ روح المبادرة في المواقف الحرجة…وهذا بالتأكيد لا يسرنا، لكنه واقع.. بل وندعوها بكل مودة ان تفعل ذلك قبل أن يفوتها الزمن-او القطار كما يقال- فتخسر ويخسر المجتمع أيضا بخسارتها فهي تبقى جزءا مؤثرا في المجتمع كيفما كان.. ولعل تفهّم المبادرات الأخرى أيضا ضرورة حيوية في هذه المرحلة. لتمارس هذه المبادرات ذاتهاـ وتخطئ وتصيب ومن ثم تتعلم عن طريق الخطأ والصواب وهو منهج تربوي قويم-وتخلص إلى نتائج وتراكم خبرة تهيئها لعمل مستقبلي، خاصة أن معظم قيادات الأحزاب أصبحت هرمة ،وستترك الساحة مضطرة- بحكم السن – المواقع القيادية طوعا أم كرها…فلتقم بعمل يسجل لها ،فتساهم في تهيئة الوسط الكوردي كله لنوع جديد من حيث الحيوية والنهج الفاعل والجاد والمنطقي استنادا إلى فهم الواقع بروح شجاعة وموضوعية … واستعداد لحمل المسؤولية بجدية وصدق. ليدعوا الشباب يعيشوا تجربة ومخاضا يبدو أنهما سمة هذه المرحلة من الحراك الاجتماعي /السياسي..على مستوى المنطقة والوطن والوسط الكوردي. ويبقى إيجاد سبل تعاون منتج حاجة للجميع.
……………………………………………………………………………………………………………………….
منقول عن موقع ولاتي مه
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=9918#.XmeKEnLXLIU