سررنا لتفهم السلطة الواقع، وإطلاق سراح مواطنيها
محمد قاسم(ابن الجزيرة)
Wednesday 19-11 -2008
سرني نبا الإفراج عن المعتصمين الكورد أمام البرلمان في دمشق
وكان اعتصاما سلميا كما أعلن عنه مسبقا..كما أكدت ذلك، المصادر الحقوقية والإعلامية المختلفة.
ومن الحسنات التي ينبغي أن تسجلها جماهير الشعب -العربية خاصة -والكردية أيضا،أن الكرد سنوا سنة حسنة على مستوى سوريا،وهي الخروج الى التظاهر والاعتصام سلميا، انسجاما مع الحق الدستوري لهم..
وبأسلوب سلمي حضاري إذا استثنينا بعض ممارسات انفعالية رافقت خروج 12 آذار لعام 2004.وهي ذاتها كانت نتيجة كبت ومحاولة خلق جو توتير من جهات أرادت للجماهير الكردية إن تنزلق الى بعض ما خططته لها..ولكنها لم تنزلق إلا الى بعض ظواهر تحدث عادة في مثل الأحوال.. إذا راعينا المجريات الواقعية لأحداث من هذا النوع..
فاعتادت السلطات –وان كان على مضض- على وجود الجماهير في الشارع وأمام البرلمان والمواقع الرسمية الأخرى..!رغم بعض وجوه قمع ..
وعلى الرغم من انفعالها فإنها سرعان ما تعود الى ما ينبغي، وهو إطلاق سراح المعتقلين..بعد حجز لم يكن ضروريا ولو لساعات فقط..
بل الأولى بها أن تفعل كما في البلدان المتحضرة..فترافق التظاهر والاعتصام برعايتها ومنع احتمالات الخطر في حركتها..
وينفض الجمع بسلام بعد أن يكون قد ابلغ رسالته الى السلطات في صورة حضارية هي جزء من الحراك الجماهيري للفت انتباه السلطات الى معاناتها.وماذا تريد منها …وتسمع او ترى السلطات ما عرضه الجمع.. وتتخذه مؤشرا لطبيعة الحركة وأهدافها المشروعة بروح المشاركة..
المواطنة تشارك في الوطن بمعزل عن الأيديولوجيات..وطريقة التغيير في واقع الوطن يكون عبر الحوار والإقناع و والوسائل السياسية المعتمدة وصناديق الانتخابات..
هكذا تفعل الدول المتحضرة جميعا..وقد يؤدي ذلك الى بعض ما لا تشتهي النظم الحاكمة..ولكنها احترام إرادة المواطنين ..وثقة بان الحس الوطني المجبول بتفهم المصالح سيساهم في المحافظة على الملامح الأساسية للوطن بحيث تضمن العيش بحرية وسلام..تحقيقا لمبدأ “التعاقد” الذي تقوم الدول عليها عادة..
مدعوون جميعا للحوار بروح الانتماء الى وطن مشترك بغض النظر عن الاختلافات العرقية والدينية والمذهبية…والحزبية..فتلك حالات طبيعية في وجودها وينبغي أن تكون طبيعية في تفاعلها..وتعايشها..
ففي النهاية الناس يبحثون عن حياة مطمئنة هادئة توفر لهم شروط العمل والعيش الكريم في ظلال حرية تنظمها القوانين..
في تجربة البشر الكثير..
لكن المشكلة في ذهنية الأيديولوجيين إنهم لا يقبلون إلا ما يفكرون به..وغالبا ما يفكرون به مجرد غطاء لرغبات التمسك بالسلطات..ولهذا فهم دائما الأكثر تربية لأجهزة أمنية تتجاوز القانون دائما..ويختل التوازن في العلاقة بين السلطة والشعب..ويؤدي ذلك الى استقطابات ليست ضرورية لو أن المسار كان طبيعيا في الحياة السياسية والإدارية..
الحالة النفسية الغالبة في طبيعة الفكر الأيديولوجي تقطع السبيل أمام الانعتاق من أوهامها المجدولة بغايات خاصة او في لحظات انفعالية :طمعا او رد فعل..أو تصورا يبعث بعض القلق او الخوف..الخ.وفي كل ذلك فهي حالة نفسية لا ينبغي أن تبنى على طبيعتها مصالح الوطن والمواطنين..
او مصالح البشرية..
الاختلاف والعمل من اجل ما نؤمن به حقوق مشروعة ليست بحاجة الى تفلسف يعقد الفهم والتفسير ..فكل سياسي عندما يخاطب الجماهير يردد عبارة “الحس الجماهيري” وهو فعلا حس له قيمته الحقيقية عندما يمارس
بعفوية..ودون ضغط سلطوي ..ولذا فإننا نرى الغرب متقدما علينا منذ أكثر من قرنين مع أن نظام الحكم في بلداننا يمتد الى ما يقرب من أربعة قرنا..-كما نزعم دائما..ويزعم أصحاب الأيديولوجيات والذين يحرّفون الحقائق –أحيانا –خدمة لتوجهاتهم التي غالبا ما ليست صوابا في كليته.. وان بدا فيها ما يغري أحيانا..
……………………………………………………………………………………………………
منقول عن موقع الركن الأخضر
http://www.grenc.com/show_article_main.cfm?id=13841
………………………………………………………………………………………………………
………………………………………………………………………………………………………
……………………………………………………………………………………………………..
ما هي الحكمة من السجن السياسي..؟
ابن الجزيرة/م.قاسم Saturday 21-10 -2006
ما هي الحكمة من السجن السياسي..؟النفس أمارة بالسوء(قرآن كريم)
النفس عدوانية بالغريزة(الفطرة)(فرويد)
إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب(مثل شعبي)
ويمكننا أن نورد الكثير من هذه الأقوال التي تسمى بالعربية ” الأقوال المأثورة” وإن كان المتدينون سيحتجون على درج أية قرآنية بينها- كما اقدر- إلا إنني أرى في معنى المأثور ما يمكن أن يبيح درج آية قرآنية تحته..فالمأثور من الأثر (الباقي، أو الآتي بعده، أو الخارج منه، أو المنطوق به منه ،..إلى آخره).
المهم ..
هل السجن السياسي حالة طبيعية أم بدعة ابتدعها السجانون وهم هنا- الحكام دائما-
– يحافظوا على حكمهم..؟ – يحققوا العدل بين الناس..؟ – يحافظوا على السلم الأهلي..؟
– يحموا الوطن والعباد من المتهافتين..؟ أم غير ذلك..؟!
سيفرض السؤال علينا مسيرة طويلة في البحث عن معنى السجن، وعن سبب السجن، وعن مشروعية السجن، وعن أشكال السجون، وعن تطورها، وعن المعاني والمقاصد التي انبثقت عن هذا التطور..الخ.
وربما نفعل ذلك يوما ما..
ولكننا اليوم نريد مقالا مختصرا يحاول أن ينبه إلى أهمية بحث كهذا، من جهة، وتكون مناسبة للحديث عن إفراج عدد من المساجين السياسيين من جهة أخرى..
السجن عقوبة هينة في العموم إذا اقتصرت على حجب القدرة على نشاط ، يخشى من انتشاره وتأثيره على الساحة السياسية،مع المحافظة على الحقوق الإنسانية الطبيعية من حرية التفكير والتعبير، والمعاملة وفق استحقاق الكرامة والأحوال الجسدية والنفسية المريحة- بدرجة ما- وقد يقلق الحاكم من تأثيره إلى درجة مؤثرة على سلطته فيلجأ إلى السجن درءا لهذا القلق..(موافقا للمشروعية أم لا..) ولكن المشكلة في أن السجن ليس من جهات قانونية – في الأغلب- وإنما من جهات ،سميت بالأمنية- وهي في الحقيقة متجاوزة لكل معنى أمني، ومعتادة على أسلوب بدائي- إنسانيا- يعتمد التعذيب بأشكال قد لا يمكن تصور الإنسان له بسبب غرابته وبشاعته..من هنا تأتي مشكلة السجن المؤلمة..(بكل صورها وآثارها) و المؤسفة بكل تجلياتها..وهو في الحالة السياسية سجن لمنع التعبير عن الذات(توضيحا..نقدا..نصحا..الخ). باختصار هو سجن للفكر..!
في المجتمعات التي تطورت. لم تنتهي الظاهرة تماما كما قد يتخيله البعض، فالسجن بقي فيها، ولكنه أصبح خاضعا لمقتضيات قانونية أكثر، وما يمكن أن يخفى عن القانون يحاسب عليه القانون – عند اكتشافه- وبما أن الأنظمة في هذه المجتمعات – عموما- هي تحكم بطريقة ديمقراطية،تتضمن حرية الرأي والتعبير والنقد بضوابط قانونية أيضا،والحكام مسؤولين تجاه شعوبهم عبر آلية الانتخابات، فقد حلت جزءا كبيرا من المشكلة، (وكان – لذلك – عدد المساجين السياسيين دائما قلة(وربما معدوم) وقعت في حبائل بعض المتحايلين في السلطة بطريقة ما،ولمصالح خاصة، ويمكن للمسجون- إذا وجد دليله القانوني –أن يتخلص من هذه الأحابيل..ويطالب بما يستحقه من تعويض معنوي، أو مادي).
نرى ذلك- مثلا- فيما حصل لسجناء غوانتانامو، ومع سجناء أبي غريب، وسجناء في مناطق مختلفة من العالم الديمقراطي(وينبغي أن ننتبه إلى أن المجتمع الديمقراطي،يختلف عن العالم الشمولي الذي يكون القرار فيه مبنى ومعنى واحدا في صدوره وفي تطبيقه، وفي سرعة وسهولة إصداره، في حين يكون القرار في المجتمع الديمقراطي ناتج شد وجذب، واختلاف واتفاق، تلعب دورا فيها، المصلحة واعتبارات أخرى كالذكاء، والقوة المالية والمعنوية ..وغير ذلك). فعلى الرغم من سوء وبشاعة ما جرى فيها،إلا أنها طفت على السطح، وأصبحت معروفة على صعيد عالمي، ونال ذلك من صورة الحكام،ونال من سمعة المجتمع الأمريكي الذي يسعى إلى اعتبار نفسه القوة والقدوة للمجتمعات العالمية ..وقد سمحت الآليات الديمقراطية فيها أن يعلن قضاة عن عدم قانونية هذه المعتقلات وما يجري فيها، وأصبح سجالا قويا بين قواد السلطة وبين- إذا جاز التعبير- المجتمع المدني الرسمي(القضاة والمشرعون) والمجتمع المدني غير الرسمي(الأهلي) وكانت الأمور تحسم في جزء كبير منه لصالح المجتمع المدني،إضافة إلى ما كان يلحق برموز السلطة من صفات تؤثر على مستقبلهم السياسي(إن لم يكن كأفراد،فأحزاب).
هذه المواقف والسلوكيات تدفع المؤسسات النشطة في هذه المجتمعات إلى دراسات عميقة، وتصل إلى نتائج ذات بال –دائما- تنعكس قناعات مؤثرة، تنتج قوانين جديدة تعالج مواطن النقص والتجاوز في مثل هذه الممارسات..! فما الذي يجري في المجتمعات العربية.. ومنها المجتمع السوري..؟
قانون الطوارئ مفروض منذ أربعين عاما أو يكاد، وفيه يسمح للسلطات أن تستجوب، وتعتقل، من تشاء من مواطنيها، وكوَّن هذا القانون مناخا مطمئنا للقائمين به، فلا خشية من حساب، ولا من عقاب،سواء بما تضمنه القانون نفسه لحمايتهم، أو ما كوّنه طول العهد به، من مناخ يطمئنهم، والأسوأ من هذا، ما كوّنه من مناخ.. اعتادوا خلاله على أساليب في التفكير والممارسات…أثرت سلبا على الشعور بالمسؤولية القانونية، أو الأخلاقية، أو الإنسانية بشكل عام..فتحول القائمون على هذه الأعمال إلى كائنات ذات مناخ خاص في تكوينهم الإنساني (وللذين يختارونهم دور في تعزيز وتعميق هذا المناخ الخاص السلبي..!
وغابت مؤسسات الدراسات لأسباب مقصودة، خلال تحكم الحكام في كل مناحي الحياة، وما وجد منها فهي – غالبا- من صنع الحكام أنفسهم، وتهدف إلى تعزيز ما يشاؤون من أساليب وقيم..لذا فما كان يجري قبل قرون طويلة في أنظمة الحكم العربية، لا يزال ساريا، وبأساليب أكثر تطورا ،عبر تطور تقنيات التعذيب، خاصة لدى الأنظمة الأيديولوجية(ألمانيا هتلر،إيطاليا موسوليني، الإتحاد السوفييتي والأنظمة الدائرة في فلكها، البلدان العربية الأيديولوجية جميعا (إما دينية، وإما قومية..) وغيرها.وهي جميعا تستسهل السجن والتعذيب والحرمان من الحقوق المختلفة،ربما أسوؤها الحقوق الاقتصادية والتي انتبه القدماء إلى خطورتها عمليا وأخلاقيا فأطلقوا القول المشهور(( قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق)).
في ظل هذه الأيديولوجيات لا وجود لآخر مختلف، لسان حالها: إما أنا وإما أنتم (يشهد تاريخ سورية مثلا والعراق وليبيا، ومصر والسودان …الخ جميعا استلام الحكم عن طريق انقلاب، أو ثورة، أو غير ذلك من مسميات تختلف في اللفظ وتتفق في المدلول). لذا فما تصرف من ميزانيات على السجون وأدوات التعذيب والقائمين عليها وما يلحق بذلك مما لا نعرفه، يفوق ما يصرف على وزارات “التعليم والتربية” و”العالي” “والثقافة” وغيرها.. والاهتمام بتحديث وتطوير هذه السجون والعاملين فيها باتجاه الشدة والمراوغة.. يفوق الاهتمام بهذه الوزارات ..
يا ترى كيف يمكن لمجتمع هذا واقع حاله، أن يتطور أبناؤه..؟ وكيف لشعب مغلوب على أمره في كل جانب،أن يكوّن أبناؤه لأنفسهم شخصيات قابلة للفعل والتأثير ..؟ وبالتالي كيف يتطور مجتمع أبناؤه مسجونون فكريا أو في إرادتهم. أو في قدرتهم على الإبداع والتجديد..؟
ولماذا السجون السياسية أصلا..؟ أليس الحراك السياسي مطلوبا للتطور والتقدم..كجزء لا بد منه عمليا؟
وهل السجون تصقل الأخلاق، أم تدفع نحو الانتقام أكثر..؟
في الهند أكبر ديمقراطية في العالم- كما يقال- ما الذي أنتج هذه الديمقراطية..؟ أليست هي تعاليم غاندي (اللاعنف)ية..؟ وفي أوروبا.. ألم يهدم الفرنسيون سجن الباستيل- رمز القهر فيها- ليبدؤوا نمطا جديدا من الحياة، تحت بنود مبادئ ثورتهم..؟ يتعايش اليمين واليسار جنبا إلى جنب، ولكن كلا منهم يسعى للوصول إلى التأثير على الواقع السياسي بأسلوب ديمقراطي..سلمي؟ وكان هذا سبب ما هم فيه الآن من سلام وتطور وقابلية التقدم المستمر على كل صعيد..!
لماذا فقط في بلدان الشرق الإسلامي وخاصة البلدان العربية التي لا تفتا تذكي نفسها في تاريخها، وفي أخلاق شعوبها، وفي روحانيتها(ويعلو صخب الحديث فيها عن التاريخ الحضاري، وعن التراث العلمي، وعن الأفكار والمبادئ .. الخ، تبقى الوحيدة المتخلفة في معالجة قضايا أساسية في مجتمعاتها من اجل بعض مصلحة حرام وغير مشروعة، وسلطة لا تحظى برضا العباد والإله..؟! هل لأن النفس أمارة بالسوء..؟
هل لأن النفس عدوانية بالفطرة..؟
هل لأنك إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب..؟
هل هذه المعاني فقط تخص تكويننا كشرقيين وكعرب..وكمسلين..؟!
كيف السبيل إلى أن نتقي يا عرب.. ويا مسلمون..؟
…………………………………………………….
*بمناسبة إطلاق سراح عدد من المساجين في السجون السورية منهم الصوت الجريء والذي يحاول – بأسلوبه- أن يجدد في مفاهيم عروبية عفا عليها الزمان..الأستاذ محمد غانم.
ومنهم الطالب المفعم بالشعور بالمسؤولية في محاولة دفاع – بما ملكت يده- عن حقوق الإنسان الكردي، وعبره الإنسان العربي وغيرهم عبر إعلام حر يمكن أن ينشر ما هو فعلا، لا ما هو موظف لخدمة السلطة – كما هي عادة الصحافة المصادرة-..شـﭬان.
ومنهم مثقفون وقعوا على وثيقة إعلان بيروت- دمشق يحاولون تذكير السلطة بالخطر من سلوك قد يجر سوءا على المجتمع كله- بشرا ووطنا- ربما عملا بقوله تعالى: “وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين” نضال درويش..
وزملاءه من المنظمات الحقوقية والإنسانية..
الكاتب علي عبد الله ونجله(عائلة في السجن السياسي)
وكل سجين سياسي وسجين رأي، على وجه الأرض من أجل قضية يؤمن بها سواء اتفقت معه أو اختلفت معه..
ibneljezire@maktoob.com
…………………………………………………………………………………………………………………………………
منقول عن موقع الركن الأخضر
http://www.grenc.com/show_article_main.cfm?id=3563