أيها العروبيون اتقوا الله.. من وحي حوار مع السيد جواد ألخالصي على قناة المستقلة
06.09.2005 – 00:57
ابن الجزيرة
كل يوم يتأكد لي أن قناعتي فيما يتعلق بالذهنية العروبية- وربما العربية – تقترب من المصداقية أكثر، وعلى الرغم من أن هذه القناعة تجري على خلاف ما أتمنى؛ إلا أن الموضوعية في التفكير والتحليل، تفرض علي القبول بها على مضض. و أكاد أعيش حالة سيدنا إبراهيم عليه السلام – ولكن في اتجاه معكوس- فعندما رأى النجم ظنه ربه، ولكن رؤيته للقمر جعله يعتقد أنه أكبر إذن فهو ربه، ولكن رؤيته للشمس الأكبر جعله يقول: هذا ربي هذا أكبر. فلما أفل قال لا أحب الآفلين. وراح يبحث في أعماق قلبه وعقله عن الإله المنشود.
وهكذا كلما وقعت على دليل في كتابة أو حديث تنبعث منه رائحة العنصرية والشوفينية العروبية – أو ربما العربية أيضا – قلت ربما كان الأمر خصوصية غير جديرة بالنظرة إليها كحالة عمومية، ولكن كتابة أخرى أو حديث آخر يجعلني أحتضن ما نفرت منه قبلاً. فمثلا: كنت اليوم (السبت الواقع في الثالث من شهر أيلول 2005) أتابع حواراً مع السيد جواد الخالصي على قناة المستقلة – وقد غمز في قناتها أيضاً؛ عندما علق على موضة الديمقراطية – وكونهم سموا أحد الفروع الإعلامية لديهم بالديمقراطية!. ( وكان يدير الحوار المذيع المهذب السيد جمال ).
وسأذكر فقط نقطتين أو ثلاثا وردت في سياق الحوار:
– حول المادة المتعلقة باعتبار الشعب العربي في العراق جزءاً من الأمة العربية. لم يرق له هذا بل استنكره بشدة واقترح صيغة بديلة قائلاً: لم لا يكتب: العراق جزء من الأمة العربية ومن الأمة الإسلامية وبذلك تحفظ للأكراد حقوقهم باعتبارهم مسلمين!!!!!
ولو ظللت أكتب إشارة التعجب على مدى الصفحة كلها لم تكف للتعبير عن التعجب. يعتبرون أنفسهم مادة الإسلام وحملة رسالته ويتميزون بذلك عن الآخرين ومع ذلك لا يقبلون أن يتخلوا عن تسميتهم القومية – على ما يكتنفها من خصائص التخلف باعتراف الكثيرين من مفكريهم- ولكنه يطلب ببساطة أن يكتفي الأكراد بقبول اعتبارهم جزءاً من الأمة الإسلامية وفي ذلك ضمان لحقهم وعليهم أن يقبلوا و إلا فهم متجاوزون !. سبحان الله !!.
– حديثه كله كان يجري في سياق اعتبار أنه مع الحق ومع حقوق ومصلحة الشعب والوطن العراقي ولذا فكل المختلفين أو المخالفين هم على ضلال وضد حقوق ومصلحة الشعب والوطن العراقيين. يا ألله !!. ومن هذا الذي له الحق أن يقرر ما هو الحق وما هي حقوق ومصلحة الشعب والوطن العراقي؟! وما هو المعيار الذي اعتمده هذا السيد، ومن الذي قرر هذا المعيار؟! في الحقيقة هذا هو منطق الذهنية العروبية؛ ما يقررونه فهو الصحيح وهو الوطني وهو المصلحة… ولا يتذكرون أو ينتبهون إلى مشروعاتهم الفاشلة إسلاميا منذ أن حرف الخليفة الأموي الأول مسيرة الحكم في الإسلام، فحوله من (شورى) في عهد الرسول وفي عهد خلفائه الراشدين الأربعة، إلى ولاية العهد. وحولوا المسلمين إلى عرب وموالي – مواطنين درجة أولى ومواطنين درجة ثانية وربما ثالثة- وهم يفخرون بهذا الإنجاز العروبي الذي سبقوا فيه هتلر بأكثر من ثمانية عشر قرناً. وفوق هذا لم يجلبوا لأبناء أمتهم الاستقرار و الازدهار طيلة هذه القرون سوى عقود قليلة كان للموالي فيها دور لا يمكن إنكاره – إن على صعيد العلم وإن على صعيد التجارة وإن على صعيد الجيش والفلسفة والأدب، بل وعلى صعيد اللغة العربية ذاتها – سيبويه الكسائي أبو خليل الفراهيدي، والشعر: غالبية الشعراء المجددين (المولدين) أبو العتاهية، بشار بن برد أبو نواس وفي الأدب عبد الله بن المقفع والذي كان جزاؤه ما كان، وهكذا حتى هذه اللحظة التي لا تزال تربة المرحوم الملا عبد الكريم المدرس – مفتي العراق- رطبة وهو كردي… ولا يزال اسم مفتي سوريا المرحوم أحمد كفتارو حياً في أذهان العالم. و لا يزال الدكتور محمد سعيد البوطي يحاضر في كل أنحاء العالم… وهذا الأخير يضحي بمصالح بني قومه في سبيل الإسلام – كما يعتقد- عبر تصريحات ضدهم إبان تحرير العراق- ولا يمكنني أن أقول سوى هذا القول – فهو تحرير حقا. ولولا الذهنية العروبية؛ والتي يمثل السيد الخالصي بعض ملامحها، والتي تحشد قواها باسم مقاومة الاحتلال؛ لتعيث قتلاً وتدميراً، ولا تفرق في ذلك بين رجل وامرأة أو طفل و كهل أو شيخ أو بريء… ويتباهى بهذه الأعمال مفكروا العروبة، ولعل السيد الخالصي من هؤلاء أو هكذا يبدو.
والله لسنا حاقدين على العرب ولسنا حاقدين على أي مجموعة بشرية على ظهر البسيطة ولكن!… عندما يضطرك أحدهم إلى الحديث فلا يمكن للمرء إلاّ أن يحاول مداولة الأمر وفق ما يراه صحيحاً، ولا ندعي أننا الوحيدون في امتلاك الحقيقة ولكننا – وعبر عمر طويل لم نتبن خلالها العنصرية والشوفينية والشعور بالتعالي على خلق الله مهما كان أصله وفصله- نجزم بمصداقية القول والفعل في مساعينا؛ انسجاماً مع قوله تعالى: (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)) سورة الحجرات الآية 13
وانسجاماً مع قول رسول اله صلى الله عليه وسلم في الخطبة الجامعة (حجة الوداع) في السنة العاشرة للهجرة في 9 ذي الحجة فوق جبل عرفات: ((…يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم خلق من تراب. إن أكرمكم عند الله أتقاكم. ليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى ألا هل بلغت؟ قالوا نعم قال اللهم اشهد. ثم قرأ على الناس قوله تعالى: (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)).
وأسال السيد الخالص وعلا: و يسعى إلى التقريب بين المذاهب كما ورد على لسان المذيع -: كيف تأمل من مسعاك نجاحا إذا كنت منحازا منذ لحظة البدء بسعيك هذا؟ بل كيف تتجاهل ما يقوله الله ورسوله في سبيل نزوع نفسي ؟ ومن ثم ما ذا ستقول أنت وغيرك لربكم في يوم الحشر والنشر وأنتم تتجاهلون لب رسالته السماوية إلى العالمين ؟ وهل نسيتم قوله جل وعلا:(( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)) النحل 125. أو قول الرسول (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) متفق عليه.
والسلام على من اتبع الهدى
ibneljezire@maktoob.com
……………………………………………………………………………………………………
منقول عن موقع عامودة نت بتصرف
http://www.amude.net/Nivisar_Munteda_deep.php?newsLanguage=Munteda&newsId=3550