الحراك الاجتماعي كيف يكون؟

الحراك الاجتماعي كيف يكون؟

13.06.2005 – 22:58
ابن الجزيرة

في الانترنيت يلاحظ المرء دوما أسماء جديدة على صعيد التنظيمات أو الأحزاب أو الاجتماعات – وتحت مسميات مختلفة- وخاصة في سوريا، وإن دل ذلك على شيء فهو يدل على مدى تعطش المواطن إلى ممارسة وجوده عبر هذا الحراك الاجتماعي.
وعلى الرغم من عدم توفر المقومات الصحيحة أحيانا لبعض أشكال هذه التكتلات, إلاّ أن تدفقها – في الحصيلة- مؤشر إيجابي.
ما ليس إيجابيا هو الجهد المبذول من أجهزة الخفاء والإخفاء لمحاولة زرع الشك في هذه المبادرات، فتنشئ أسماء مختلفة، أو تدفع نحو اجتماعات, أو إصدار بيانات تحت أسماء طنانة – كما اعتادت دوما أن تفعل-.
ولعل أول سؤال يتبادر إلى الذهن, لماذا هذا الأسلوب الذي عفا عليه الزمن؟!
لماذا تلجأ السلطة إلى أسلوب كان يتبع – وربما كان ناجحا بالنسبة إلى السلطات حينها- قبل أن تكون هناك الفضائيات؟ وقبل أن يكون هناك الانترنيت؟ وقبل أن تكون هناك الهواتف المحمولة (الموبايل)؟ وقبل أن تسقط أنظمة كانت مفتولة العضلات بما تملك من أسلحة وجيوش وعتاد (صربيا، يوغوسلافيا، العراق…الخ).
لماذا هذا الأسلوب الملتوي؟ ألا يوجد أسلوب أفضل؟ أليس الدفع باتجاه العمل جهارا نهارا – كما يقال- وبترسيم قانوني ناتج عن مشاركة جميع أبناء الوطن، أفضل؟ أليس العمل باتجاه توفير الشعور بالثقة المتبادلة بين مختلف الحالات النشطة الرسمية والشعبية، أفضل لتجاوز أخطاء الماضي، والتأسيس لمرحلة ناهضة؟
من جهة أخرى:
لماذا التمسك الشديد بالحالة الحزبية القائمة الآن؟ هل التاريخية هو معيار الأصالة كما قد يتصورون – وهي ثقافة أصبحت مهترئة مادامت تفتقد أهم مقوماتها وهي الاختيار الحر-؟!
لماذا الإصرار على مصادرة المجموع لصالح الفرد؟ من المسؤول عن المسيرة الخطأ؟ هل هو القابع على عرش اتخاذ القرارات، أم هو المقموع الذي يستهلك كل وقته للبحث عن ما يقيم أوده وأود أفراد عائلته؟!
وسؤال خاص للسلطة الحاكمة، مستوحى من ندوة أقيمت في دمشق، وكان يديرها نقيب الأطباء في سوريا:
أبعد أربعين عاما من ممارسة سلطوية, لم يسمح خلالها للمواطن أن يصدر رأيه بحريته – بما فيه أعضاء الحزب الحاكم- يطلب من الجميع بتحمل المسؤولية حيال الإصلاح؟ من أين يستمد هذا الطلب شرعيته, إذا كان نائب وزير الخارجية يرى أن الإصلاح ستباشرها القيادة الحزبية البعثية (السلطة) المسؤولة عن ما يجري وعن ما جرى في الحياة الوطنية السورية؟! هل هو الأسلوب نفسه – الكلاسيكي-: قهر و استغباء؟!.
من ناحية أخرى:
من الضحية؟ هل هو الذي يتمزق جلده تحت سياط التعذيب، أم الذي يقوم بتمزيق هذا الجلد؟! من الجاني؟ هل هو الذي يصدر قرار التعذيب أو التصفية أو الاغتيال… أم الذي يقوم بالتعذيب أو التصفية أو الاغتيال؟!
أسئلة لو ظللنا نستقصيها لأعيانا الوقت والجهد…!
هي أسئلة للجميع بلا استثناء: كردا وعربا، حاكما ومحكوما، كل المكونات الأخرى من حيث الانتماء – الديني أو العرقي أو المذهبي أو السياسي…..!
ولكن لابد من أسئلة خاصة توجه إلى القائمين على السلطة:
قانون الطوارئ لماذا؟ هل يسن قانون كهذا لحماية المواطنين، أم للتفنن في إرهاب المواطنين بالاعتقال والتعذيب والتصفية على يد أجهزة يفترض بها أن تكون أجهزة أمن واطمئنان؟!
اعتقال أصحاب الرأي والفكر… لماذا؟! أليس تقدم الأمم بعدد أبنائها المتنورين والمستنيرين؟ وإذا كان المرء متنورا فهل يتوقع منه أن يكون إمعة؟ وإذا قبل أن يكون إمعة فهل يبقى متنورا؟ وبالتالي هل يبقى في مستوى القدرة على التغيير والتطوير؟!
كل عالم أو مفكر أو فاعل على الساحة الاجتماعية عموما والسياسية خصوصا…. كم يكون قد استهلك من الوقت والجهد والمال… حتى بلغ ما بلغ؟ وأصبح في حالة تؤهله ليخدم الوطن بكل ما فيه؟ فكيف يمكن أن يستباح في فكره فيرهن لأشباه أميين يقهرونه لينساق إلى ما يريدون – بل الأصح إلى ما يرغبون-؟ وكيف يمكن أن يستباح في طاقاته فترهن للسجون لمخالفة اتجاهات – هي خاطئة بمعايير الحقيقة-؟ ومن ثم كيف يستباح في روحه التي أودعها الله في جسده، لقوله ما يراه ((الحق)) ؟! يقولها بالكلمة المسموعة أو المكتوبة، فقط بالوسائل التي أقرها الدستور والقانون ؟!!
وبعد هذا من الذي يخسر من غياب هذه القوى الفاعلة فكريا وعلميا واجتماعيا…؟ أليس هو الوطن بكل ما فيه؟! أليس هم أبناء وطن نزعم أننا حريصون على مصالحه؟!
مثلا: الشيخ – وهي صفة دينية- الدكتور – وهي صفة علمية وفكرية عالية- محمد معشوق الخزنوي – وهو اسم عربي اللفظ وديني المدلول- وهو بهذا المعنى إنساني الشمول، وإن كان كرديا في الانتماء القومي- والكرد من المساهمين الذين لا يمكن إنكار أهمية مساهمتهم في الثقافة الإسلامية والعربية – فما الأسماء الكردية الشهيرة ببعيد عن ذاكرة المسلمين والعرب: أبو مسلم الخراساني، صلاح الدين الأيوبي, أحمد شوقي، الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، يوسف العظمة، محمد كرد علي, محمد علي العابد….الخ. فلست بصدد تعدادهم وإنما فقط الإشارة إلى أمثلة تدعم ما أقول للمصداقية فقط. كما أنني لا أقصد الإشارة إلى تميز عن الآخرين فكل الناس خير وبركة – كما يقال-.
لماذا اغتيال هذا الشيخ الجليل وحرمان الوطن مما كان يحمله من إمكانيات المساهمة في إثرائه؟!
وهل يبرر كونه كان حاملا رسالة للدعوة إلى إزالة الظلم عن كاهل أبناء جلدته الكرد – وهم مسلمون ومساهمون في التراث الإسلامي بسخاء- ومن جميع النواحي, هل يبرر هذا النهج منه أن يعرضه للخطف والقتل ؟ ومن ثم فبركة أسلوب لا يقنع حتى المفبركين أنفسهم؟ ومن ثم تعريض أمن البلاد كله للخطر سواء كنتيجة لما يمكن أن يترتب على الحدث من رد الفعل, أو ما يمكن أن يترتب عليه من اقتناص الغير لهذه الفرصة للتأثير على الداخل الوطني – وبغض النظر عن النجاح أو الفشل فيه-؟!
لك الرحمة أيها الشيخ الجليل، ولذويك وشعبك المنكوبين الصبر والسلوان، وعسى أن يكون حدث استشهادك فاتحة خير لما كنت تسعى إليه من استحقاق الحق وإزالة الظلم والجبروت…!.
ibneljezire@maktoob.com
………………………………………………………………………………………………………………………..
http://www.amude.net/Nivisar_Munteda_deep.php?newsLanguage=Munteda&newsId=2927