حول مقال مروان عثمان (الحركة السياسية الكردية في سوريا واغتيال الفعل)

حول مقال مروان عثمان (الحركة السياسية الكردية في سوريا واغتيال الفعل)
28.08.2005 – 18:41
ابن الجزيرة

بلا أدنى شك فإن هذا التحليل يخترق المنظومة الفكرية السياسية – إن وجدت فعلا مثل هذه المنظومة على المستوى الفلسفي- ليضع اليد على الجرح الغائر في جسم الحركة السياسية الكردية في سورية، ومن جهة الدماغ، حيث مصدر التفكير والقرار، أو على الأقل الجانب المادي المتناغم مع مفهوم العقل ( المعنوي). وإذا كان – وبلا شك – المحرك الأخلاقي للسلوك البشري – ومنها سلوك الحركة السياسية الكردية في سوريا تحديدا – يرتبط ببؤرة التفكير لدى الإنسان, فإن هذا المحرك يعاني من الخلل الذي يعاني منه الدماغ أو العقل لدى هذه الحركة –وللأسف-. فعندما نعود إلى تاريخ هذه الحركة نجد أن الإطار الذي تعمل فيه منذ أكثر من خمس وعشرين عاما – وربما أكثر – يحمل اسم الحكمة والرؤية المستقبلية الدقيقةإداريوها أند على اتهام كل من يخرج عن دائرته بالتطرف أو الانعزالية أو المغامرة…- وهي على حق من وجهة نظرها في ذلك – فكل خروج عن دائرة ما قد رسمته يعني وضعها في مواجهة الواقع بكل ما يتضمنه من الآلام والحقائق المرة، و التي يكاد إداريوها أن ينسوه- وربما نسوه فعلا !.- واستكانوا إلى ما اعتادوا عليه من الراحة على حساب شعبهم المحطم والمستهان بقيمته، وحياته، وآفاق تفكيره، وأحلامه أيضا…؟! ولعل الأمر يكون طبيعيا لو أن هؤلاء عاشوا حياة خاصة بهم، وعلى الطريقة التي يريدونها، ولكن أن يستهينوا بمصلحة أبناء شعبهم في استثمار ظروفهم الصعبة من كل النواحي, في سبيل أنماط رخيصة الثمن إذا قيست بالثمن المدفوع عنه من حياة هذا الشعب المغلوب على أمره من كل ناحية ( السلطة المستبيحة لكل حقوقه بدم بارد، والإدارات الحزبية التي ألفت مواقعها التي يستثمرونها سلبا حيال قضية شعبهم) فلا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال. والأنكى من الأمر كله هو نجاح هؤلاء في تمرير هذه الممارسات الخاطئة – قصدا أو بدون قصد أحيانا- على الشعب, باعتبارها الوسيلة المثلى لإيصاله إلى الحقوق المستباحة والمهضومة، وهم يتحملون المسؤولية عن كل الأخطاء لسببين – على الأقل- الأول: لأنهم يقودون الحركة طوال هذه المدة بأسلوبهم الخاص. والثاني: لأنهم لم يكترثوا طوال هذه المدة بكل مداخلات أبناء الشعب بشرائحه المختلفة!!. ولقد نجح السيد مروان عثمان في الإشارة إلى عقدة المنشار- كما يقال – في تحليله هذا عن أداء الحركة, ولكنه- برأيي- أخفق عندما بالغ في الإشادة بنظرة (حزب يكيتي) وممارساته السياسية باعتبارها النظرة الموفقة في قراءة الحالة السياسية العامة. على الرغم من أن (حزب يكيتي) قد أوجد صيغا أكثر جدة – وربما– أكثر جدية أيضا. ولكنه تجاهل التربية التي طبع بآثارها الحركة السياسية الكردية- ومنها حزب يكيتي- سواء بتأثير النظام الحاكم عبر حزب مستفرد بالسلطة منذ أكثر من أربعين عاما, يمارس خلاله أسلوب الإقصاء القسري وبالوسائل القامعة، وغير المشروعة وفق منهاج الأمم المتحدة, أو بتأثير أسلوب التسلط والإقصاء الذين مارستها الإدارة الحزبية الكردية. وإذا كانت السلطة تملك أدوات القمع المباشرة التي سهلت عليها ممارساتها في كل الاتجاهات التي رغبت فيها, فإن إدارة الحالة الحزبية الكردية لم تمتلك هذه الأدوات المباشرة، فلجأت إلى وسائل – ربما كانت أسوأ بمعنى ما-. هذه الوسائل تراوحت بين استثمار فج للمشاعر والمعاناة والتركيبة الاجتماعية الكردية، وبين صيغ أدائية (تربوية) خاطئة أو فاشلة أو مشوهة طالت الحياة الاجتماعية إضافة إلى الممارسة السياسية في كل مكوناتها العملية والنظرية. وربما كان التأثير على الجانب النظري هو الخطر, لأنها أسست لنمط فكري سكوني وما يستتبعه من تأثير سلبي على بناء الشخصية الكردية (الإنسانية المتكاملة). ولقد لاحظت شيئا من ذلك في إحدى المناسبات عندما انبرى عضو قيادي في حركة كردية بتقديم خدمة شخصية- لسكرتير حزبه – بأسلوب ينم عن مدى خضوعه لهذا السكرتير, وبوجود العشرات ممن يمكن أن يقوموا بهذه الخدمة بدلا منه، وفي الإطار الطبيعي لقيامهم بهذه الخدمة. وتساءلت حينها: ما الذي يمكن لهذا العضو القيادي وأمثاله في الأحزاب الكردية وغير الكردية أن يقوموا به في مناقشة قضايا حزبية إذا كانت لديهم رؤى مختلفة عن هذا السكرتير؟! فبحسب فهمي – وأرجو أن لا أكون مخطئا- إن الانتماء إلى هيئة حزبية أو مجلس شعب أو شركة ما…الخ يعني حالة تكافؤ في الشعور بهذا الانتماء, وما لم يكن كذلك فإن هيمنة الشخص الإداري فيها ستكون محققة، وبالتالي: فإن وجود هذا النمط من الأعضاء ليسوا سوى هياكل أو أشباح لا حول لها ولا قوة، وتنحصر وظيفتهم في رفع اليد عندما يقر هذا السكرتير ومن مثله أو يشبهه, أمرا ما – ومهما كانت طبيعة هذا القرار- لذا فإن القول – بحسب السيد مروان- (( لقد مر على تأسيس الأحزاب الكردية في كردستان سوريا، قرابة نصف قرن، وطوال هذه المدة الطويلة نسبيا، بقيت أسيرة اطر وأساليب نضالية محددة وثابتة، رغم تغير المعطيات والظروف)). هو قول صحيح، ولا مبالغة فيه أبدا. فإن الحركة السياسية منذ أكثر من ربع قرن هي أسيرة أو رهينة نمط معين من الأداء الحزبي، وقد حدد هذا الأداء, القائمون على رأس أحزابها بما يتوافق مع – أكاد أقول – مصالحهم الشخصية، ومهما كانت طبيعة هذه المصالح, فإنها لم تكن متوافقة مع مصلحة الشعب الكردي بالمقاييس الصحيحة.
m.qasim@nefel.com
…………………………………………………………………………………………………………………………..
منقول عن موقع عامودة نت
http://www.amude.net/Nivisar_Munteda_deep.php?newsLanguage=Munteda&newsId=3496