نشاطات على الورق
11.06.2005 – 15:42
ابن الجزيرة
منذ أمد وأنا أتابع النشاطات الورقية لبعض الأحزاب الكردية في سوريا, سواء عبر الانترنت أو عبر المنشورات الحزبية، أو عبر ما يجري من نقاشات في ظروف مختلفة وخاصة في وسط القواعد الحزبية والجماهير. وبالمقارنة بين هذه الأنشطة (الشفهية و الورقية) وبين النضال (العملي)! لهذه الأحزاب, لم أجد تلك الصلة المتفاعلة بينها… فكل حزب لا يفتأ يذكر بسياسته الصائبة، ويشيد بعمره النضالي الطويل في مقارعة السياسات السلطوية الاستثنائية بصلابة المناضلين، وحكمة العارفين، والاستعداد للتضحية بالغالي والنفيس، وبأنه يستلهم من مصلحة الشعب الكردي وتأييده, خططه الأدائية، وتنظيره السياسي، بحسب هذه الأنشطة – لولا هذا الحزب أو ذاك لما كان للنهضة القومية بين الكرد قائمة…! و لكان الكرد في خبر كان!.. ولو تصفحنا منشوراتهم, والتي هي على الغالب نشرة دورية شهرية لا تزيد عن ثمان صفحات ما عدا نشرة الوحدة (16) صفحة, ونشرة (الديمقراطي) نصف شهرية وهناك مشروع للجناح الحزبي الذي يتزعمه السيد نصر الدين، بزيادة عدد صفحات نشرتهم، وربما إدخال تحديث في أسلوب إصداره – إذا كان ما قيل لنا صحيحاً. ولا أعلم عن النشرات الأخرى سوى أن الحزب اليساري الذي
شكل مع حزب الإتحاد الشعبي, حزبا موحدا باسم: حزب آزادي الكردي, كانت له محاولة جيدة لكنه لم يستمر فيها.
هذه هي الصحافة الكردية الشهرية – للأسف – مقابل عدد كبير من الصحف اليومية للسلطة (الخصم السياسي – افتراضا – ) إضافة إلى كل وسائل الإعلام الأخرى, ومع ذلك يقول عن هذه الصحافة, حزب كردي, و بالفم المليان: ((…فقد خطت الصحافة الكردية خطوات متقدمة من أجل إيصال صوت الشعب الكردي إلى كل مكان في العالم…)) علماً بأن آخر عدد من نشرته بالذات, فيها فقط (3) صفحات مشغولة بمقالات، بينما الصفحات الخمس الأخرى إما مقالات منقولة عن الانترنت وإما هي عبارة عن رصد أنشطة حزبية لم يشعر بها أحد, أو برقيات وأخبار منقولة عن نشرات إخبارية!!. وهذا الحزب نفسه يقول في مكان آخر داعياً إلى الإصلاح: ((…وكما طرحنا لأكثر من مرة لابد أولاً من عقد مؤتمر وطني عام يشارك فيه جميع مكونات الشعب… دون تهميش أو إقصاء… لوضع الأسس العامة للإصلاح…)) وهو وغيره من الأحزاب الكردية – والمقصود هنا ذووا المناصب – قلما يلجؤون إلى مواطنيهم جماهيرهم (المستقلة وربما الحزبية أيضاً) وإذا حصل لأمر ما, فهو فقط لتحميلها المشاركة في المسؤولية عندما يضطرون إلى ذلك ((لغاية في نفس يعقوب)) وما المجلس التحالفي العام إلا خير دليل…! (مؤسسة – كالعنقاء– ذات اسم ولكن بدون فاعلية، تماماً كما الجبهة الوطنية التقدمية، ذات الاسم الطنان والفعل التابعي.) وفي مقام آخر يقول أحد الأحزاب: ((وبدلاً من الدخول في مهاترات فإن حزبنا يوجه جل اهتمامه وطاقاته نحو المهام الكبيرة…)) ولكنه – في الواقع- لا يضيع أية فرصة لغمز قناة هذا الحزب أو ذاك, ولتبسيط رأي المثقفين – أو تسفيهه– بمنهجية خاصة متذاكية ومستعلية، وبدون مراجعة للذات أبدا – وهنا اشتراك مع السيكولوجية الحزبية عموما- والتي ترى في غير المنتمين إليها من الحزبيين، والمستقلين من أبناء الشعب بشرائحهم المختلفة, إما أعداء وإما قاصرين في الفهم والوطنية وينبغي عليهم بالتالي أن يقبلوا قدرهم في التبعية الفكرية والسلوكية لهذه الأحزاب!. فمعيارهم في تقيم النضال بعدد السنوات التي قضاها في الحزب, وإن لم يقدم طيلة المدة شيئاً مذكوراً. تذكر هذه الفكرة بقصة موظف احتج لدى رئيسه لأنه لم يدرجه بين مستحقي الترقية الوظيفية، وقال: لدي خبرة (16) عاماً, تكررت ست عشرة سنة!.. فابتسم الرئيس بهدوء وقال له: (( الصحيح أنه لك خبرة سنة واحدة)). ولعله وصف معقول لكثير من هؤلاء الحزبيين المتعالين على أبناء شعبهم, إلى درجة عدم القبول بلقاء المثقفين المتميزين إلاّ بشق النفس، بدلاّ من الاستنارة بآرائهم، وفي حال الاستماع كرها – لسبب ما إليهم فإنهم يستقبلون هذه الآراء على مضض, وبدون العزم على الانتفاع منها بشكل أو بآخر. الذين اتبعوا أسلوب المشاطرة في تعاملهم مع أبناء الشعب، وخاصة البسطاء منهم نفس السيكولوجية البعثية المتشدقة بالعلم والثقافة ولكن سجونها ممتلئة بالعلماء والمثقفين وأصحاب الرأي أو تمتلئ بهم المنافي لأنهم يملكون رؤى مختلفة. ومن كان يسمع السيد عبد القادر قدورة في برنامج NEWtv بلا رقيب, ليلة الأربعاء الموافق في 8/6/2005 واستزاد في المعرفة في بمتابعة إطلالات السيدة بثينة شعبان, سيلمس الأسلوب الخاص الذي يميز هذا الحزب وبالتالي أسلوب ذوي المناصب فيه، هذا الأسلوب الذي يتقاطع مع الأسلوب الذي امتصته بعض الأحزاب الكردية – مع الفرق في نسبة الامتصاص هذه– أسلوب شعاراتي التفافي يربك الفهم لدى العامة، ويحاول استغباء ذوي الفهم، أو على الأقل, الاستيحاء من نظرية وزير إعلام هتلر: اكذب اكذب حتى يصدقك الناس!
وهذا الأسلوب الشعاراتي, ظلت بعض الأحزاب الكردية تعتمده دون كلل أو ملل ما دام ذلك لا يكلفها جهداً ولا يرتب عليها سعيا نضاليا موازياً، ومن ثم فإن صيغة العمل الحزبي لديها تحول إلى نشاط على الورق هروبا من الاستحقاق النضالي منذ أكثر من عشرين عام، فلا نجد لها سوى هذا النشاط الورقي الذي يسمونه (صحافة) وبعض النشاط الفني والثقافي الهزيلين لاعتماد الموالين فيها غالباً، ولأن مجمل هذه الأنشطة لا تتجاوز طاقات أشخاص قليلين يمكنهم أداؤها، فما بالك بحزب ما, له امتدادات تاريخية ووجود على مساحة الوطن افتراضاَ!؟
وإذا عدنا إلى سعيها في سبيل توحيد الجهد الكردي, فإنه لا يتجاوز بعض كتابات على الورق أو تصريحات هنا وهناك لإلهاء بني قومهم بالعيش في أحلام لن تتحقق بمثل هذا الأسلوب أبداً. وإذا شعرت بجدية الطرح – أي طرح في هذا المعنى يتفننون في خلق الأعذار، وقد اكتسبوا خبرة نادرة في أساليب التملص والهروب من الاستحقاقات الجدية، بل وتحويل الهروب إلى وسيلة اتهام للآخرين وبملاحظة الأسلوب لدى هذه الأحزاب, نجده متوافقاً مع أسلوب حزب البعث الحاكم شعارات كثيرة وتنفيذ قليل، تعال على الشعب، استغباء له، استغلال (اليد التي توجع الشعب دوما) للتملص من الاستحقاقات اللازمة للمرحلة، مؤثرة الأسلوب التقليدي في النضال بما يوفر الأمن والأمان لمديري هذه الأحزاب ناسين أو متناسين أن المتغيرات تتطلب دوما تغييرا في أسلوب النضال, و تضحية قد تكون جسيمة أحياناً. وإذا ما حاول بعض أبناء الشعب الكردي – بدوافع نبيلة – دعوة هذه الأحزاب كي يبذلوا جهداً في توحيد التكتل السياسي (الحزبي) أو في توحيد الخطاب على الأقل, استقبلت هذه الدعوات بفتور وتعال وهروب أيضا, متفننة في أساليب التبرير لذلك. ومتهمة أصحابها بضعف الخبرة، وكأنهم متخرجين من الإكاديميات العالمية، لأن أسلوب أدائهم السياسي, حرمهم فرصة الخبرة المنتجة..
ولقد توصلت إلى استنتاج, عبر هذه السنوات الطوال من الحديث عن وحدة الحركة أو وحدة خطابها لدى هذه الأحزاب, بأنها ليست جادة فيه, وليس الاستمرار في ترديده, سوى ممارسة للسياسة على طريقتها, وهو: التملص من المهام النضالية الفاعلة، أو تمرير بعض أفكار لإطفاء جذوة النضال في نفوس الشباب القادم، بحجج كثيرة, أقلها, عدم التكافؤ مع قوة النظام…!. ونحن إذ نقر ذلك بمعنى ما, ولكن لا نقره بمعنى انتظار الفرج من المجهول. فبالأمس القريب أنتج نشاط شبابي, – 12 آذار 2004- ما لم تنتجه هذه الأحزاب جميعها خلال نصف قرن من الزمن، وهو الاعتراف بهوية الشعب الكردي ووطنيته على لسان أعلى هرم في السلطة – وإن كانت التضحية كبيرة ومرة, وهذا النشاط – على الرغم مما يقال فيه من ممارسي السياسة داخل البيوت أو المقاهي ومطاعم الصحارى, وعلى حساب الهم والدم الكردي – إضافة لأنشطة أخرى مقاربة, هو الذي فرض على مؤتمر حزب البعث الحاكم أن يناقش القضية الكردية ولأول مرة في تاريخ مؤتمراته، ويوصي بحلها – بحسب ما أوردته الفضائيات ومنها الجزيرة. ولم يكن النضال في الأماكن المغلقة لينفع شيئا مع النظام البعثي, والذي – كغيره من الأنظمة في هذا الشرق العربي- لا تستطيع وعي تطورات العصر, لم يكن ليدفع هذا النظام إلى البحث في حقوق شعب ظل يضطهده وفق سياسة رسمية, تطبيقا لدروس رفيقهم العروبي الغيور: محمد طلب هلال…
ما هو الحل إذن!؟ انتظار دون الاستفادة من المتاح من المتغيرات؟ هل تجربة كرد العراق بعيدة؟ حتى أولئك الذين وقعوا اتفاقيات معهم في المنافي أو في ضيافة كردستان, عندما يملكون زمام السلطة ينقلبون على هذه التوقيعات!..
وإذا كان الاعتراف بالكرد لا يزال على الورق أيضا – فهذا الأسلوب من البعث مألوف!!!, ولكن الذهنية التي تكمن خلف خطابات الرئيس الشاب توفر أملا بترسيخ هذا المفهوم وللعلم فإن هذه الأحزاب الرزينة ( والعارفة بأمور الغيب, والمتوازنة في أدائها السياسي – بحسب وصفها هي لنفسها- ما دام لا يرتب ذلك شيئاً أبدا من الاستحقاقات النضالية المترافقة مع التضحية…) هذه الأحزاب لا تزال تطلق العنان لنفسها, لتقزيم عمل هؤلاء الشباب وتضحياتهم، ولكنها لا تتورع عن ملء صفحات نشراتها الضعيفة كعدد خاص لكيل الصفات والمدائح لبعض من يموت من أعضائها, وهي تعلم قبل غيرها – بعدم مصداقية عملها، ولكنه دين و وفاء – كما يقال– حكللي لحكلك أو تعويض عن شعور بضآلة قيمة الأداء السياسي لديها. لأنها بدلاً من أن تستثمر سياسيا, هذه الأنشطة العزائية التي أصبحت تستغرق معظم أوقاتهم وجهودهم بل واقتصادهم المنتزع من قوت شعبهم, بدلا من استثمارها سياسياً تصبح السياسة ذاتها رهينة حالات اجتماعية متخلفة حتى العظم وبكل جوانبها ومراسيمها، ويصبح الحزب المناضل أحياناً وسيلة قليلة الأهمية في حياة الشعب !…
وقد شاركنا في هذا التحليل في البدء، وتحفظنا على بعض الأداء غير المسؤول، كإحراق وتخريب بعض المنشآت… ولكن ذلك لم يمنعنا أبداً من التعجيل في دعم حق أبناء شعبنا في المطالبة بحقوقه وفق الوسائل المقررة في الدستور ومنها التظاهر السلمي والاعتصام و…الخ. وإن شعبنا لم يتجاوز هذا المعنى، عموماً، أما أن يظل المزايدون يشيرون إلى بعض الممارسات التي تفرزها عادة مثل هذه الأحوال – سيكولوجية الجماعة – فهم ينسون مدى التخريب الذي ألحقوه بكيان الوطن, وكيف أوصلوه إلى حافة الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي… الخ. وينسون أو يتناسون أن القتلى في حادثة شبيهة في لبنان, قد استحقوا اعتذاراً وديّة من الدولة اللبنانية, وأن الجرحى قد استحقوا اعتذاراً ومعالجة وتعويضا أيضا, بخلاف ما جرى في سوريا, والتي لا تزال السلطة فيها تعاقب الشعب الكردي عقاباً جماعياً، عبر حرمانه من الحصول على البطاقات التموينية التي يستحقونها قانونيا، وعبر الإبقاء على المؤسسات المتضررة دون إصلاح, لتحميل المواطنين الكرد أحمالا فوق ما كانوا يعانون منه من الأحمال الشوفينية المختلفة؛ إضافة إلى السياسات الاضطهادية المعروفة والتاريخية…!
– وأما بالنسبة لما يتعرض له أبناء الشعب الكردي من الأضرار، والتي تحصر أسبابها في القيام بأنشطة عملية دستورية؛ فهو مغالطة مقصودة من هذه الأحزاب التي ارتضت لنفسها العطالة والجمود – ودون أن نوافق على التهور وعدم الحسابات الدقيقة – لكونها تأمل في سياساتها هذه, أن تجد مكاناً على مائدة السلطة التي لا تدعوا حزبا إليها إلاّ بعد تجريده من مقومات الاستقلال الحزبي في التفكير والتصرف. وهاهي أحزاب الجبهة وأحوالها ماثلة أمام أنظار الجميع، وآخرها الحزب المتهالك القومي السوري وأما إذا كانت السلطة البعثية قد عطلت هذه المواد الدستورية – الحق في التظاهر السلمي و…- فينبغي لهذه الأحزاب توجيه اللوم إليها, لا إلى المتوافقين مع مواد الدستور – وهم هنا- الشرائح الكردية التي تمارس حقا مشروعا, سواء في تظاهرة استقبال جثمان الشهيد الدكتور محمد معشوق الخزنوي, والذي لاتفتأ هذه الأحزاب تغمز من قناته عبر حملة – غير مكتوبة- ولكنها شرسة بمعنى ما، فالمرحوم كان قد بدأ يستقطب الاهتمام، ويواجه السلطة بالمطاليب الكردية على طريقته، وإن لم يتخل عن قضيته كمسلم غيور على معتقده وعلى معتقد الكرد الإسلامي أيضا. أما إذا وجهت جهات في السلطة إلى ممارسة اللصوصية والنهب و تخريب الممتلكات الخاصة, فأحرى بهذه الأحزاب أن تقف إلى جانب أبناء شعبها، وتطالب السلطة بممارسة واجباتها التي من أجلها وجدت, وهي حماية مواطنيها وممتلكاتهم.. – من باب حضاري على الأقل- وأحرى بهذه الأحزاب – وهي تزعم النضال من أجل حقوق أبناء شعبها- أن تعمل على معالجة الأخطاء والأخطار… لا أن تمارس في الوقت الحرج, الموعظة واستغلال ظروف الخسارة والألم لدى أبناء شعبها, لتصرف توجههم نحو ممارسة حقوقها من جهة، ولتصرف تعاطفهم عن بعض الأساليب النضالية التي باتت ضرورية- بشرط دراسة دقيقة لها، وليس من الضروري طبعا أن تنال موافقة هذه الأحزاب التي لن توافق أبداً على كل نشاط جدي, فتاريخها يشهد لها بمواقفها الثابتة من كل نضال قد يجر تضحية من نوع ما.
فقط نرجو من الجميع الأحزاب الكردية المنسجمة مع أسلوب النظام، والأحزاب الكردية التي تؤمن بأسلوب جديد في النضال، والجماهير الشعبية الكردية… أن تراعي ما أمكن -السلوك الحضاري في ممارسة أنشطتها، وأن يتذكروا جميعا – وبالرغم من كل شيء – بأن الوطن وطنهم, فيحافظوا على مرافقه، وأن الشرطة هي مؤسسة من أبناء وطنهم, وإن كانت تركيبتها ذات كثافة عربية الأصول والذهنية الشوفينية, وبأنهم مأمورون في كثير من الحالات، فلا يؤخذون بجريرة من أصدر أوامر القسوة في أسلوب التعامل مع هذه الأنشطة، وأن لا ننسى أن ذهنية العنف في السيكولوجية العربية – والعروبية خاصة – تاريخية, فلا يمكن تصور التحرر منها في سنوات قليلة…! ولعل استذكار المناقشات التي تمت على شاشة الديمقراطية (المستقلة) قبل يومين يوضح صحة الدلالة فيما ذهبت إليه. ولكن من حسن الطالع, أن طلائع المثقفين العرب بدأت سعيها في هذا الاتجاه، ونحن نشكر ممثلي هذا الاتجاه التنويري، وندعمهم بكل ما نملك. محمد غانم، د أحمد أبو مطر، هيثم مناع، د. سعد الدين إبراهيم…. وغيرهم الكثيرون, والذين تتزايد أعدادهم – بحمد الله – ( مثقفوا منتدى الأتاسي العظام، القابضون على الجمر) والمشاركون في جلساتهم. بل لقد بدأت أصوات من داخل أروقة الأنظمة تهمس بضرورة فهم جديد للعصر والمفاهيم التاريخية أيضاً, وقد برز الكثيرون منهم ممن أصبح يتعامل مع القضايا، على أساس المواطنة والإنسانية ووعي الواقع والتاريخ بعقلانية، لا بالعواطف والمشاعر والمعلومات المغلوطة أو الغلط، والسلوك المصلحي الفج والمغالي. ونأمل أن يتعزز هذا المنحى ويتطور ونرجو أيضاً من أركان إدارة النظام, أن ينفتحوا على العصر ومعطياته، ويغيروا من أساليبهم التي أثبتت فشلها – ليس في سوريا فقط – بل في كل أنحاء المعمورة ولا ينبغي ((أن يخرجوا التاريخ من رؤوسهم، بل يخرجوا رؤوسهم من التاريخ)) كما درج القول في هذا المقام – بل ولعل الكثير من طروحات الرئيس بشار يصب في اتجاه إيجابي كهذا, إذا توفر لها المناخ السليم والعزم الأكيد، وأرجو أخيرا من الجماهير الكردية أن تحسم خيارها، فلا تبقى متفرجة, فيما ينزف الشعب والوطن والإدارات السياسية التي تماهت مع السلطة -عربياً أو كردياً – لا تفكر إلا فيما يطيل أمد بقائها في السلطة, ومهما كانت تضحيات هذا الشعب المغلوب على أمره – عربياً أو كردياً – فلا يجني سوى المزيد من الشعارات التي لا تغني، ولا تسمن من جوع وكما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) وبالطبع لا نفهم معنى (بيده) هنا: اللجوء إلى أساليب التخريب والقتل الجماعي للأبرياء، وإنما نفهم ذلك على أنه تغيير باليد عند توفر الشروط المناسبة، وأن لا ينتج عن عمل اليد( منكر) يكون أكبر مما عملت اليد على تغييره…!؟
ibneljezire@maktoob.com
……………………………………………………………………………………………………………………..
منقول عن موقع عامودة نت بتصرف
http://www.amude.net/Nivisar_Munteda_deep.php?newsLanguage=Munteda&newsId=2896