مقال في رسالة

مقال في رسالة..
ابن الجزيرة
ibneljezire@maktoob.com
في مقال سبق أن نشره موقع رابطة أدباء الشام للسيد إبراهيم درويش(هو عبارة عن محاضرة بعنوان: كرد سوريا، نظرة للماضي والحاضر والمستقبل) (*)
وقد استعان فيه بحوالي <56> مصدرا مختلفا، وأنهاه بخاتمة تمثل وجهة نظر الإخوان المسلمين- على ما يبدو- ولكنه وضع عنوانا لهذه الخاتمة يظل عنوانا إشكاليا وهو:” حل القضية الكردية من منظور شرعي”- نورده أدناه:

حل القضية الكردية من منظور شرعي:
إن النظر إلى المطالب الكردية في سورية وغيرها من منظور شرعي إسلامي يمكن توضيحه بما يأتي:
إنه لا يوجد مانع شرعي أو وطني يحول دون تمتّع الإخوة الكرد بالحقوق الثقافية والسياسية والاجتماعية، على قدم المساواة مع إخوانهم العرب والترك والفرس، لأن التنوّع العرقي واللغوي مدعاة للتعارف والتعاون على البر والتقوى، التعارف الذي يعني التواصل الحضاري بين الشعوب والاعتراف بالآخر والتواصل معه على الخير والكلمة السواء والمجادلة بالتي هي أحسن[53]. كما أنّ في المطالبة بالحقوق في سياقها الوطني مطالبةً عامة تشمل أبناء الوطن جميعاً[54].
-من المشكلات التي يعاني منها الإسلام هذا الأسلوب في الحكم والتعبير..فيعتبر بعض المسلمين ومنهم السيد إبراهيم درويش– والذي يبدو انه يمثل الاتجاه ألإخواني” الإخوان المسلمون”— يعتبرون أنهم يمثلون الشرع، وان تفسيرهم له هو ما ينبغي أن يتبع، وتأسيسا على ذلك.. فهم ربما يكفّرون من يشاؤون، أو يمجدون من يشاؤون، ويتعاملون مع مفهوم الإسلام كصيغة فكر واعتقاد، يحتكرون مصداقيته، ويحتكرون حق التفسير والحكم فيه..! ولعل هذا الموقف (أو السلوك حتى) هو ما أبعدهم عن التآلف مع الشرائح الإسلامية التي ترى نظرات مختلفة عن نظرتهم. – وعلى الرغم من كفاءات مشهودة لهم في ميادين مختلفة ومنها المعرفية والأدائية ..- .
ولعل هذه الصفة.. ليست خاصة إخوانية (من الإخوان المسلمين). بل ربما هي خاصة اجتماعية عروبية (ذهنية ونفسية) انعكست في نظرتهم إلى فهم الإسلام، وأنتج معنى احتكاريا لهذا الفهم..وبالتالي كانت النتيجة: ( إخلالا دائما في منهج العلاقة مع الآخرين..)
وفي الفترات الأخيرة، تبدو منهم بعض نظرات أكثر مرونة في هذا الجانب.
ولكن السيكولوجية العربية(و الأدق،العروبية) لا تزال مؤثرة في مواقفهم العملية خاصة، وكذلك في بعض صياغاتهم النظرية أيضا..ولعل السيد إبراهيم درويش إنما يمثل حالة شبيهة.
فهو في محاضرته السابقة على البالتوك. يستعرض وضع الكرد عموما بنوع مريح من الموضوعية، ومحاولة الحيادية في ذلك، ويبدو واضحا انه بذل جهدا غير هين في الإطلاع على مصادر مختلفة، ليخرج بنتيجة فيها كثير من الإنصاف للكرد، سواء في الأجزاء الكردستانية في العراق وتركيا وإيران، أو في كردستان سوريا(إنه يقر باقتطاع جزء من كردستان في اتفاقية (سايكس بيكو) وإلحاقه بسوريا.. (ولذا فإنني أقدر أنه لا يرى ضيرا من هذه التسمية التي تخرق طبلة الأذن لدى المتعصبين العروبيين الذين سعوا بكل الوسائل لتغييب هذه الحقيقة..من أبرزها إحصاء 1962 والحزام العربي ومتعلقاتهما..).
هذا الأسلوب في الدراسات التي يقوم بها باحث عربي إسلامي يدفع نحو الارتياح.. بفهم إيجابي للقضية الكردية في جميع أجزاء كردستان (الحلم)..ولكن..!
لا يتأخر الباحث نفسه في عنوان آخر:
من جانب كتّاب كرد
هذه المحاولات اليائسة للنيل من الإسلام…ما الهدف منها؟
يطرح قضية فيها إشكال،وفيه نوع من الاستفزاز-ربما- حين يتهم الكتاب الكرد بطريقة فيها هجوم أكثر منه حوارا أو تنويرا او إرشادا..الخ. (ولقد استعان –أحيانا- بكلمة بعض،إلا أن ذلك لم يسعفه في إخفاء موقف نفسي تجاه الكرد بخلاف أسلوبه في دراسته المعنونة بـ: (كرد سوريا، نظرة للماضي والحاضر والمستقبل) المقروءة في البالتوك..! (و طبعا ذلك باعتباره غيرة على الإسلام منهم..!). ونحن نشاركه هذه الغيرة، ولكننا لا نشاركه أسلوبه في التعبير عنها.
ولا أدري.. هل هو داع إلى الإسلام في مقاله..؟ أم هو مدافع عن الإسلام..؟ أم أنه مهاجم للكرد باعتبارهم أعداء للإسلام..؟ أو غير ذلك..؟ وهذا ما حيرني قليلا..!(بالمقارنة بين موقفه في الدراسة السابقة وبين موقفه في هذا المقال).
فإن كان الأستاذ الباحث داعيا ،فلا ينبغي أن ينسى أن القاعدة الجوهرية في الإسلام قوله تعالى: ((وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)).
وإن كان مدافعا فليتذكر أن هناك من الكرد من يقف معه في خندق الدفاع عن الإسلام ولكن بالطريقة التي فرضها الإسلام نفسه، وقد بين الله ذلك في قوله:((ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)). أو قوله تعالى: ((وجادلهم بالتي هي أحسن)). وقد أشار هو نفسه إلى هذه الآية الكريمة في قوله:
((والمجادلة بالتي هي أحسن)). فكيف نسي هذه الآية في سياق نقده الهجومي..؟
لست أدري..ولكن الذي أدريه ان الكرد – وربما غيره أيضا –اعتادوا من الإخوة العرب(والعرب المسلمين) مثل هذا النوع من التعالي في خطاب، دأب العرب يعتمدونه.. تجاه الشعوب المسلمة من غير العرب- عمليا- وأحيانا نظريا أيضا، واستنادا إلى السيكولوجية، والحالة الذهنية التاريخية لهم..– وهي أقرب إلى الأسلوب القبلي للأسف- فهم يتصرفون وكأنهم قد امتلكوا الإسلام دينا .. ومن ثم فالذين يخالفونهم محكومون بعداوة الله والإسلام..! وعلى هذا الأساس يتخذون المواقف ويتصرفون عمليا أيضا – أحيانا-
نرى أن أصحاب هذه الرؤية كانوا- سابقا ولا يزالون حاضرا- من أكثر الناس إساءة إلى الإسلام.. بما خالطوه من أحاسيسهم الخاصة.. والتي هي – غالبا- أحاسيس قومية بشكل أو بآخر.. ألبسوها لبوس الإسلام..! (يجمعون بين العروبة والإسلام بانتقائية فيها غرابة، وفيها تجاوز لما يفهمه أي مؤمن متعلم بما يؤهله لفهم دلالات الرسالة الإسلامية في عموميتها – على الأقل- إذا كان متحررا من أسر الحالة السيكولوجية والحالة الذهنية اللتان تشدان إلى بنية فكرية قبلية تاريخية).
سيدي الكريم..
نقدر لك ولغيرك، غيرتكم على إيمانكم، وما اعتقدتموه من الإسلام..ولكننا نحيلكم إلى قيم الإسلام.. وتعاليمه..ومعتقداته.. وأساسيات مضمونه، لتلاحظوا بأنفسكم أنكم إنما تتجاوزون حدودكم مع الله، بتبنيكم طريقة فيها بعض غلظة(تجاوز لمشاعر الآخرين أو تجاهلها..) في أسلوب الدعوة إلى الإسلام- ترغيبا.. أو توجيها.. أو انتقادا.. وكأنكم لم تقرؤوا قوله تعالى:((ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك))..!
ولعل هؤلاء الكرد الذين تجادلهم بطريقتك التي تكاد تكون استفزازية.. قد تنكبوا طريق الإسلام بسبب هذا الأسلوب النظري.. وكذلك الأسلوب العملي(السياسي خاصة) ممن يلجأ ون إلى أسلوب غير منسجم مع الدعوة الإسلامية ذاتها..كما فعل صدام في قضية الأنفال مثلا(الاستناد إلى القرآن في حملته الآثمة)، وهو- الآن وفي السجن والمحكمة، يضع القرآن على صدره- ولا نعلم إذا كان متوضئا أم لا.. نكل أمر ذلك إلى الله سبحانه وتعالى- ولكننا نعلم علم اليقين بأنه قال في الجلسة التي بدأ يصفّي- فيها- خصومه من أفراد حزبه، إن ألبعثي هو بمنزلة عمر بن الخطاب، والبعث ذاته هو الذي يقول في بعض شعاراته التي تتردد في الشارع((حزب البعث بعد الله بنعبده)).
وإذا كان عمرك لم يسمح لك بسماعه في هتافات الشوارع فلا بد أن أهلك وأصدقاءك يتذكرون ذلك بقوة..بل أكثر من هذا.. ألم ينظّر للبعث وصلة الإسلام به، السيد ميشيل عفلق(غير المسلم)..؟
ومع ذلك فلبعض الإسلاميين – وربما الإخوان منهم- رأي في هذا الأفّاك(صدام) بحجج تتكئ إلى شعور قومي أكثر من إيمان ديني إسلامي.. وهل هذه الطريقة التي تتبعونها في الدعوة- أو الدفاع- موافقة لقوله تعالى: –
((ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)) وقوله تعالى: ((ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)).
سيدي .. هذه النغمة المتعالية، والتي مصدرها النفس،لا الإيمان.. ولا الالتزام برسالة الإسلام ..هي التي تؤدي إلى هذه النتائج غير المرغوب فيها..!0 (ولست أقصد أنك بالضرورة من أصحابها).
ومن المؤسف أن جهود بعض المخلصين للإسلام وروحانيته، تذهب هدرا في إصلاح ما أفسدته الممارسات الخاطئة عبر تصحيح المفاهيم عن صلة الإسلام بالسلوكيات المؤذية للإسلام وللبشرية. لأن مثل هذه المداخلات.. تفرغها من محتواها، ومن إمكانية تأثيرها في تعديل ردود الأفعال لدى أولئك الذين لم يجدوا سوى الغبن في علاقتهم بالإسلام (السياسي خاصة..).
دعونا نعود إلى المتداول من الكتب المدرسية – الابتدائية والمتوسطة والجامعية..- هل نجد فيها سوى الطمس على دور الكرد وغيرهم من الشعوب المسلمة في المساهمة في تشكيل الثقافة الإسلامية ودولتها وحماية ذلك..؟
ودعونا نعود إلى بنية الثقافة العروبية،هل نجد سوى تغييب لدور الكرد وغير الكرد من المسلمين، ولكن نصيب الكرد- دوما- هو الأكبر..لماذا زز؟ لست أدري تماما..ولكن السيد صال القلاب- وهو عربي، جزاه الله خيرا- كفانا مؤونة السؤال عندما طرح هو السؤال (ويمكن العودة إلى المقال كله في إحدى المواقع التالية:
Amude.net-tirej.net-kurdistantv.net….
الأكراد: لماذا الحقد عليهم وكرههم.. في كل العهود والمراحل ؟!
كلما ازدادت تعقيدات القضية العراقية، ازداد استهداف الأكراد واستهداف مسعود البارزاني بالذات، وحال كل هؤلاء الذين يبادرون الى اعتصار الأحداث لاستخراج تهمة توجه الى الشعب الكردي، في شمالي العراق، وقيادته كحال من لا يجد ما يثبت به رجولته بعد ان يُشبع إهانات وامتهان كرامة في الخارج إلا بالعودة الى بيته ليُشْبِعَ أهله مرجلة وتفنناً في الشتم والضرب والاتهامات.
في كل يوم تتفتق عقلية الإفلاس ليس في العراق فحسب، وإنما في طول الساحة العربية وعرضها عن تلفيق تهمة جديدة ومن الوزن الثقيل وإلصاقها بالشعب الكردي وبمسعود البارزاني، فغير القادرين على لجم غول الذبح على الهوية والعاجزين عن إبعاد شبح التشظي والتفتت عن العراق، لا يجدون مشجباً يعلقون أخطاءهم وخطاياهم عليه سوى القيادة الكردية، التي كل الذين يسيئون إليها ويقولون فيها أكثر مما قاله مالك في الخمر، كانوا قد استظلوا بظلها هرباً من سطوة شمس صدام حسين يوم كانت ساطعة وحارقة.

أليس صلاح الدين وإبراهيم هنانو – مثلا- بطلان عربيان حتى الآن في هذه الثقافة..؟ هل تجد إشارة إلى أصول كردية لكل منهما أو للفراهيدي أو احمد شوقي.. أو يوسف العظمة..و العشرات من مشاهير الكرد المسلمين والذين خدموا الإسلام ..الخ؟
منذ استقلال سورية تكال الاتهامات إلى الكرد باعتبارهم خونة أو عملاء لإسرائيل..أو أدوات تحركها قوى إقليمية..أو غير ذلك ..هل تبادر إلى خاطركم أن تقوموا بإحصائية تقارنون فيها بين الذين خانوا قضايا الإسلام وقضايا الوطن من الكرد ومن العرب..وغيرهم أيضا؟!
لماذا دوما هذا الاتهام المؤذي لمشاعر أمة دخلت الإسلام منذ القرن الثامن عشر الهجري..؟ وحاربت من اجل نشر رسالة الإسلام بكل ما أوتيت ..وما صلاح الدين ببعيد..ولكن.. (ولعل الكرد لا يزالون يفعون ضريبة نتائج حروب صلاح الدين ضد الصليبيين، فما الذي قدمه لهم العرب(المسلمون)..؟! ما هي الأوصاف التي تنالها أسرة صلاح التي حكمت بعده.. في نظر العروبيين الذين يستخدمون الإسلام – دوما – وكأنه ملك أو تراث قومي خاص بهم، وهو ما يخالف طبيعة الإسلام الكونية أو الأممية – كما تعلم – (انظر ذلك في المؤلفات التاريخية الرسمية خاصة، وانظر ذلك في المسلسلات والأفلام العربية عموما..).إنني أتساءل ..كيف تتجرؤون على الإسلام.. فتنتجون هذا الأسلوب غير المنسجم مع الدعوة إلى الإسلام..؟! ألم يدعو الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل الطائف ((اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون))..! كان يتمتم بذلك، وهو يمسح الدماء عن جسده الشريف بسبب الحجارة التي نالت منه على أيدي أهل الطائف ؟!
تكرم بالعودة إلى كتيب بعنوان (حكم حكمة) لفضيلة الدكتور محمد سعيد البوطي..وانظر الصفحة 84 (من آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) واقرأ الآية التي استهل بها مقاله القصير : قال تعالى: (( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدْوا بغير علم. كذلك زينا لكل امة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون)).
…………….
“والحكمة من ذلك واضحة- الكلام لا يزال للبوطي- فإنما الغاية التي شرع من أجلها مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إشاعة الحق في المجتمع، وإزالة الباطل عنه بقد الإمكان، وذلك عن طريق النصيحة لدين الله عز وجل. وإنما يتم ذلك ضمن جو من الصفاء النفسي عن الأغراض والأهواء والضغائن، وبأسلوب موضوعي يستهدف مخاطبة الفكر والعقل ولا يتجه إلى جرح الشعور والنفس، وفي وقت لا يخشى فيه من الفضيحة والتشهير”ز ويستمر الدكتور البوطي فيقول:
“ففي هذه الحالة وحدها يشرع مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعامة المسلمين. أما في الحالات المخالفة الأخرى فإن التلبس بذلك لا يعدو أن يكون فتحا لذريعة الشر في أي شكل من أشكاله، وهو ما لا يرضاه الله سبحانه وتعالى.”
ص86 ” واهم ما يجب على المسلم ملاحظته في هذا الصدد هو التفريق بين الغضب لله تعالى والغيرة لدينه، والغضب للنفس وحب الانتصار لها،إن كثيرا ممن يريدون إنكار المنكر ينساقون إلى ذلك بدافع من الانتصار للنفس أكثر من دافع الانتصار لدين الله تعالى،وهو دافع لا يخفى على الطرف الآخر فتكون نتيجته الاستكبار والعناد”.
انتهى قول البوطي.
أخي الكريم..
ليس الأكراد أعداء للإسلام..وينبغي عليك وعلى غيرك أن يعلم هذا..- وحتى إن كانوا كذلك .. فهذا لا يعطيكم الحق في استفزاز مشاعرهم والحط من شأنهم.. وهم من خلق الله مثلما انتم من خلق الله. ألم يقل سبحانه وتعالى:((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة…)).
الكرد ذاقوا الأمرّين من العرب.. ومن فارس.. ومن الترك.. – وباسم الإسلام..!- ولا يزالون كذلك باعترافك أنت في دراستك المشار إليها. وقد أنتج ذلك لدى بعضهم رد فعل مشروع– ربما –..
*- فالأنفال قضية معروفة قام بها عرب وتحت اسم الإسلام، وتأييد الكثيرين من المسلمين .. أو سكوتهم على الأقل.. *- وحلبجة قضية معروفة.. قام بها نظام عربي يحمل رئيسه القرآن وهو يدخل المحكمة. ويوجد من المسلمين العرب الكثيرين الذين يدافعون عنه..بل ويوجد من يتهم الكرد بالكفر من على الفضائيات بكل أريحية.. ودون أن يتصدى الإسلام العربي- إذا جاز هذا التعبير- في الدفاع عن إخوة في الدين امتثالا لقول الله سبحانه وتعالى: ((إنما المؤمنون إخوة )). أم أن الآية فقط تسري على الحالة العربية من الإسلام..؟
*- ومعاناة الكرد في سوريا معروفة من قبلك.. فأنت الذي قمت بالدراسة.. وأنت على إطلاع بما جرى في \ 12 آذار 2004 \ كيف زج الآلاف منهم في السجون.. شباب بين الثانية عشرة والثامنة عشرة في أغلبهم، وشيوخ تجاوزوا الخمسين – وربما الستين- ونساء أيضا..!!). وهل نسيت أعداد الذي ماتوا تحت التعذيب …؟ كانوا بالعشرات..!!
وأنت نفسك ذكرت ما حصل للأرض التي سلبت من الفلاحين الكرد وقدمت هدية لعرب مستوطنين بدوافع تغيير الديموغرافية.. وبدوافع صناعة قنابل موقوتة.. وبدوافع إلغاء الوجود الكردي..وإحصاء 1962 والتعريب والحزام العربي، ومختلف الممارسات السلبية…المخالفة لتعاليم الإسلام ..! ما الذي فعله المسلمون- وخاصة العرب المسلمون- لهم ..؟ لأقد أشفق صحافي واحد منهم في زمن متأخر عليهم ببعض مقالات ، لم يلبث أن وضعهم في دائرة المشكوك بهم في مقالات أخرى بعد سقوط الصنم في العراق(فهمي هويدي)- والأصنام في البلدان العربية كثر..كنتيجة لذهنية وسيكولوجية عروبية لا تتطلع إلى التحرر منها..!
ما ذا تتوقع من شعب تحت كل هذه المعاناة تحت سمع وبصر الإسلاميين العرب وصمتهم.. (أو بعض تصريحات عربية متعالية تظهر إشفاقا عليهم – بأسلوب مؤلم – وبدوافع سياسية ..غالبا..؟!).
أخي الكريم:
الكرد المسلمون يحاولون بكل ما أتوا ليجعلوا فهم الإسلام عبر مساره الصحيح.. لا عبر هؤلاء المستغلين للإسلام..فإن كنتم غيورين على الإسلام فحاولوا فهم الحقائق على أرض الواقع..وبعقلية منفتحة.. ووعي علمي نير..بدلا من تنكب الطريق المؤذي للإسلام والمسلمين.. ؟! ليس مع الكرد فقط بل مع غير الكرد أيضا..
ثم يا أيها السيد.. لو عدت إلى من حارب الإسلام من العرب – ولا يزالون – (حكاما ومحكومين،أفرادا وأحزاب وتيارات..) ألا تجدهم أكثر عددا وأشد إيلاما..؟! فلماذا – إذا- هذا التهجم على الكرد فقط..؟
دعوا الكرد يوازنوا بين قوميتهم وإسلامهم، ويصلحوا بينهما- إنشاء الله- بطريقتهم الخاصة..وحاولوا أن تكونوا عونا لهم على هذه الخطوة بشجاعة المؤمن، ونزاهة المسلم، ومصداقيته أيضا.. لتعود الأمور إلى نصابها- ولو بعد حين.. لا احتكار فيها من قوم للإسلام بدوافع سياسية. بل يصبح الإسلام ذا مضمون أنزله الله وفقه وهو:
((إنما المؤمنون إخوة)). ، و” المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يحقره..”.
والسلام على من اتبع الهدى..

………………………..
(*) نص المحاضرة التي ألقيت في البالتوك،في غرفة سورية العدالة والحريةSyria justice and freedom) (،ليلة السبت على الأحد 14/15 102006م).