((اليتيمة)) قصيدة شعرية ولها قصة مروية شعرا….

((اليتيمة))
قصيدة شعرية ولها قصة مروية شعرا….
فما مدى الصحة والمصداقية فيها..؟!
ديرك 28/7/1999
كنت طالبا في مدرسة دار المعلمين العامة بالحسكة،عندما وقع في يدي-وبأسلوب طريف- ذلك المظروف الرسمي الكبير..والذي كان يضم موضوعنا هذا-قصيدة اليتيمة وقصتها المروية شعرا…!
كان ذلك في إحدى صباحات شهر آذار المفعمة بإشراقه الشمس ورائحة النسيم الرطب اللطيف من عام 19868.وكم كان شعوري بالمتعة قويا وجميلا وأنا أقرأ هذا الشعر الوصفي والقصصي المتقن والعذب. احتفظت بها،وظللت أتابع أخبارها في مظانها، ولكني لم أقع على ما يشفي الغليل منها.
وجاء العام1981 وكان الشهر مرة أخرى آذار. ولكن المكان مختلف،فقد كنت أؤدي الدورة التدريبية في خدمة العلم،في مدينة حلب،وفي إحدى إجازاتي الأسبوعية كنت أتفقد عناوين الكتب المعروضة في واجهات المكتبات بعناية،وإذ بعنوان يجذب انتباهي ((أحلى عشرون قصيدة)).فما ترددت لحظة لكي اطلبه من البائع،وأتصفحه ملهوفا،فلا بد أن تكون اليتيمة واحدة من هذه القصائد الأحلى،بتقديري.!
وكم كانت فرحتي عارمة عندما لمحت عنوانها.. فقرأتها، ولاحظت في ذيلها شرحا للكلمات الصعبة فيها،مما زادني فرحا.ولكن فرحتي ظلت مبتورة لم تكتمل.فلم أجد أية إشارة،تصريحا أو تلميحا،إلى قصتها المروية شعرا..!
وعدت مرة أخرى إلى البحث والإطلاع ممن يُظن فيهم الاطلاع دون جدوى.
وعندما اطل العام 1984 وشهر أغسطس منه تحديدا،أخرج المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت ضمن سلسلته الثقافية المعروفة((عالم المعرفة)):كتاب : الزواج عند العرب في الجاهلية والإسلام(دراسة مقارنة) لمؤلفه الدكتور عبد السلام الترمانيني.. وكنت أقرأ ما فيه مجذوبا إلى موضوعاته ،وإذا القسم الثالث منه وتحت عنوان: (( الصفات المرغوبة في الزوجين)) وتحته عنوان فرعي((الجمال)) وإذا به يشتمل على بعض القصيدة –طِلبتي- وبعض حديث عنها أيضا،مع شرح للمفردات الصعبة فيها..!
من ذلك قوله ((عرفت باليتيمة ،تنسب إلى دوقلة المنبجي.وقد سميت هذه القصيدة بالقصيدة اليتيمة لأنها سببت قتل ناظمها)). ثم يمضي في سرد حكايتها وأنها قيلت في ((سيدة من سيدات العرب اشتهرت بالجمال والكمال،أعلنت أنها لا تتزوج إلا من يصف أعضاءها عضوا عضوا،وما في كل عضو من حسن وبهاء..!
وأتاها الشعراء.. فلم تجد في وصفهم لها ما يرضيها إلا قصيدة أتت على كل ما تطلب وتشتهي من وصف، ولكنها ارتابت في منشدها،واكتشفت أن ناظمها مر برجل فاستضافه، وأسمعه إياها،واخبره بخبرها،فلما نام قام إليه وقتله واخذ القصيدة منه وأنشدها لمن قدِم إليها. ومن أجل ذلك دعيت القصيدة اليتيمة وهي تقع في ستين بيتا)).
ويورد السيد د. ترمانيني-فقط- ستة وعشرين بيتا منها،وهي التي تتناول وصف محاسن هذه السيدة،مبتدئا بالبيت القائل:
لهفي على دعد وما خلقت=====إلا لطول تلهفي دعد
ومنهيا إياها بالبيت القائل:
ما عابها طول ولا قصر===== في خلقها فقوامها قصد
بيد أن السيد د.ترمانيني –ومثلما فعل الشاعر فاروق شوشة- لا يشير بأي شيء نحو القصة الشعرية للقصيدة..!
وتكاد قصتي في البحث – مع الفارق طبعا –تتشابه مع قصة سيدنا إبراهيم عندما كان يبحث عن ربه.كلما وجد كوكبا اعتقد انه ربه ((فلما أفل قال لا أحب الآفلين)).
فبعد خيبة مريرة ينفرج ظلامها عن بعض نور يسطع في أحد أعداد مجلة العربي الكويتية،وتحديدا العدد 369 آب 1989 – إذ يطالعني العنوان التالي الذي طالما بحثت عنه وهو (( بعض محاسن اليتيمة)) وهو عنوان لمقال كتبه الدكتور حسن عباس تحدث فيه عن القصيدة دون الإشارة إلى القصة الشعرية لها.
واستند في بعض ما كتب إلى كتيب، هو حلقة في سلسلة رسائل يصدرها الدكتور صلاح الدين المنجد وعنوانه: ((القصيدة اليتيمة برواية القاضي علي بن الحسن التنوخي)).
وما حل العام 1993 حتى كانت هذه الرسالة في يدي وهي تحمل الرقم 7 وقد حصلت عليها من إحدى مكتبات دمشق. وما إن وقع نظري عليها حتى هتفت:
هذه بغيتي..!
ولاحظت ما بذله الدكتور المنجد من جهد مشكور في تحقيق القصيدة، فهو يتحرى عن مراحل ظهورها،وانتشارها،إذ يقول-في مقدمة الرسالة-:
((لعل أقدم من استشهد ببعض أبيات هذه القصيدة من العلماء المحدثين هو الآلوسي. فقد نقل في كتابه ((بلوغ الأرب)) 21 بيتا منها..لكنه لم يذكر اسم القصيدة،ونسبها إلى أحد الشعراء الجاهليين)).
ويستمر الدكتور المنجد قائلا: ((وفي العام 1905 نشر جرجي زيدان في مجلة الهلال 60 بيتا من هذه القصيدة،ولم يذكر المصدر الذي نقل منه)).
ثم يقول المنجد : (( وأما أقدم من حاول أن يبحث في القصيدة وقائلها فهو المرحوم الشيخ عبد القادر المغربي في مقالاته المجموعة باسم ((البينات))…وسماها فيها “الدرة اليتيمة”)). ويستمر قائلا: ((ثم كتب العلامة عبد العزيز الميمني مقالا في مجلة الزهراء المصرية…نقل فيه ما قاله الآلوسي والمغربي. وأضاف نصا مهما وجده في فهرست ابن خير الأندلسي)).
((..وفي المجلد الثالث من الزهراء ص362 عقّّب عيسى اسكندر المعلوف على ما كتبه الميمني….)).
هكذا يستمر الدكتور المنجد في تحرياته وتدقيقاته عن هذه القصيدة وقائلها..والذين كتبوا عنها.. ويروي القصة ((التي نسجت حول القصيدة)) بأكثر من رواية،محاولا التحقيق والترجيح عنها، وعن عدد أبيات القصيدة قائلا: ((ففي رواية التنوخي هي ستون بيتا،وذكر الشنقيطي أنها نيف وسبعون بيتا، ووجدناها في مخطوطة ثانية في الظاهرية واحدا وستين بيتا.ونرجح أن ما زاد على رواية التنوخي كان من الإضافات التي أضيفت إلى القصيدة بعد القرن الخامس؛ ومنها الأبيات التي يصف فيها الشاعر أعضاء “دعد” الخفية)).
وعلى الرغم من هذا البحث والتمحيص الدقيق الذي قام به السيد د.المنجد فإنه –على ما يبدو- لم يقع على ما أو رده الشاعر فاروق شوشة في كتابه المذكور والموسوم بـ((أحلى عشرون قصيدة)) وهو قوله:
((طالعتها لأول مرة في أحد مجلدات مجلة “الحديقة” التي كان يصدرها منذ أكثر من نصف قرن العالم الراحل “محب الدين الخطيب” وقد صدِّرت بهذه الكلمات :” القصيدة اليتيمة “نقلها العلامة الشيخ عبد العزيز الميمني الراجكوتي من آخر نسخة مخطوطة من المقامات توجد في الهند)).
وأما عن قائل القصيدة فالروايات أيضا مختلفة.ولكن الأرجح انه أحد الأسماء التالية-كما وردت في التحقيقات-:ذو الرمة-أبو الشيص-العكوك اليمني الكندي- دوقلة المنبجي…ويعد الأخير الأوفر حظا في نسبة القصيدة إليه؛ رغم قلة المعلومات عنه. ولكن الشاعر فاروق شوشة يذكر أسماء أخرى في كتابه المذكور سابقا،إذ يقول: ((وظلت بعد ذلك سنوات متصلة تطالعني –بين الحين والحين- أبيات من اليتيمة أجدها منتشرة هنا وهناك في أمهات كتب الأدب،ومختارات من الشعر العربي،لكن العثور عليها كاملة ظل شيئا يشبه المستحيل لكن الذي لم يختلف عليها اثنان أن القصيدة من عيون تراثنا الشعري…)).
ويتابع السيد شوشة ،القول: ((والطريف أن “اليتيمة” ظلت عصورا طويلة مجهولة النسب..فمن قائل هو الشاعر علي بن جبلة الذي قتله المأمون…ومن قائل هو أبو نواس، وأصحاب هذا الرأي يؤكدون أن القصيدة تحمل بصمات فنه وشاعريته،ومن قائل:بل هو دوقلة المنبجي،وهو شاعر لم تتحدث عنه كتب الأدب،ولا يعرف له شعر سواها)).
وهكذا نجد كل هذا الاهتمام المنصب على القصيدة والتحقيقات عنها..لم يتجاوز ما يتعلق بالقصيدة من حيث تسميتها، ورواتها، وقائليها، وعدد أبياتها، ومصادرها الخ. وأما القصة المروية شعرا عنها فلم أقع على شيء منها في تلك التحريات والمصادر، لا عن قريب ولا عن بعيد،لا تصريحا ولا تلميحا. مما حول اتجاهي نحو صاحب التوقيع الذي في ذيل المخطوط الذي وقع في يدي،كما نوّهت منذ البداية، وهو “أبو الزوايا العاشق المحتال” واسمه الحقيقي (قرياقس). ولكن القدر كان اسبق مني إليه.فقد علمت بأنه توفي.وربما كان من أسباب وفاته مرض مستديم ظل الخمر والدخان يساهمان في اشتداده،والله يتولى عباده جميعا برحمته.
وبقي السؤال: من هو الشاعر الذي صاغ قصة مجريات أحداث القصيدة شعرا؟
هل هذه القصة الشعرية تخص فعلا هذه القصيدة أم أنها دخيلة؟
بالطبع لا يوجد ما نستند إليه للبت قطعيا.ولكن ما يبدو من حبكة القصة وأسلوب سردها ومستواها الأدبي الشعري يجعلنا نؤمن بان هذه القصة لها صلة بالقصيدة اليتيمة فعلا،وبان ناظمها لم يبتعد كثيرا عن تأثير الشعر المخضرم الذي لمْسته من العصر الإسلامي، ولكن بقايا من العصر الجاهلي قد يكون ذات تأثير فيها من حيث الصور والأخيلة، وبعض المفردات.
فكما نقدر، إنه يحمل شيئا من سمات ذلك العصر في الشعر!
فالشاعر بدأ بوصف البيد والأطلال والقوافل،مستخدما كلمات ترتد إلى ذلك الإرث اللغوي والأدبي مع تهذيب وتشذيب،أو الأصح –ربما- انتقاء يعبر عن شفافية تكاد تلامس تلك الروح الأدبية التي سادت في صدر الخلافة العباسية حيث اخضرت هذه الروح، واهتزت وربت. ولكن ضمن ظلال من المناخ والبيئة الشعرية التقليدية.. وعلى كل حال..! فإنني أقدم على نشر هذا المخطوط ،ليس على أن النظرة إليه صحيحة بقدر ما أرمي إلى أن يشاركني الآخرون في معرفته، والمساهمة في البحث فيه، للوصول إلى النتيجة الأدق، والأكثر حسما للجدل فيه.
وقد وجدت بعد كتابة هذا البحث في مجلة باسم “الصناديد” رقم العدد 2 تاريخ 1997 تصدر في دمشق، قولا لكاتب لم يصرح باسمه، وتحت عنوان:
“دعد ودوقلة المنبجي والقصيدة اليتيمة”:
(( تعددت الروايات واختلف الرواة في نسبة هذه القصيدة إلى سبعة عشر شاعرا ادعى كل منهم أنه قائلها…)) وبعد الحديث عن السبب في قول هذه القصيدة وهي: ((ملكة في اليمن آلت على نفسها ألا تتزوج إلا بمن يقهرها بالبلاغة والفصاحة،ويمهرها بأجمل قصيدة وصف…)) يذكر الكاتب: ((..وعلى من يرغب بالاطلاع على القصيدة كاملة مراجعة كتاب الأغاني)) ولا يذكر المجلد أو الصفحة ..ويورد أول بيت من القصيدة على انه:
هل بالطلول لسائل رد =====أم هل لها بتكلم عهد ؟
وآخر بيتين على أنهما :
وإذا المحب شكا الصدود فلم ===== يعطف عليه فقتله عمد
نختصها بالحب وهي عـلى ===== ما لا نحب فهكذا الوجد
ولذا فقد وجدت
ان أعرض هذه المعلومات عبر النشر –وإن جاءت ناقصة –خير من إبقائها طي الكتمان. فهي معلومات عن قصيدة تستحق ان يطلع عليها المهتمون بالشعر والمتذوقون للجمال، ولعل ذلك يوجد فرصا أفضل لتعاون بين من لديهم معلومات أفضل للوصول إلى ما هو أصح وأدق.
وإليكم وصفا للمخطوط الذي يبدأ بالبيتين التاليين:
في الـبيـد حيث لأهلها أبدا خفق الرياح…… وقـبـلة الـشمس
وتظل في همس كواكبها حتى الصباح…… بما رأت من أمس
ثم يرد فيه اثنا عشر مقطعا،في كل مقطع عشر أبيات،ما عدا المقطع الثامن فيه أربعة عشر بيتا،والمقطع الحادي عشر فيه اثنا عشر بيتا.
تصف هذه المقاطع قصة القصيدة شعرا.ثم تضمن القصة الشعرية عنها: القصيدة ذاتها، قصيدة (دعد) وهي مؤلفة من خمسة وعشرين بيتا مطلعها:
لهفي على دعد وما خلقت =====إلا لطول تلهفي دعـد
وختامها:
ما عابها طول ولا قصر ===== في خلْقها فقوامها قصد
وفي نهاية كل مقطع يرد بيت منته بروي اللام،ماعدا المقاطع الثلاثة الأخيرة،حيث ترك السطر -خاتمة كل مقطع- فارغا(نقاط) مما يوحي بأبيات ناقصة أو مجهولة فيها.
وفي الختام لابد من الإشارة إلى اختلاف –أحيانا – في بعض الكلمات أو بعض الأبيات بين المخطوط وبين رواية الشاعر فاروق شوشة،وهي حالات قليلة نشير إلى مثال :
رواية الشاعر شوشة:
لهفي على دعد وما حفلت ===== بالا بحر تلهفي دعـد
في المخطوط :
لهفي على دعد وما خلقت =====إلا لطول تلهفي دعـد
ولمن شاء الاستزادة فعليه بالرجوع إلى المصادر المذكورة في البحث.
وعلى الرغم من بعض ارتباك تبدو ملامحه في بعض الكلمات التي لا تتوافق مع سياق الشعر (القصيدة) أو إبهام في ترتيب بعض الأبيات لا سيما في المقاطع الثلاثة الأخيرة،ونقص في بعض الأبيات كما يبدو…ومع ذلك فإن القصيدة لم تفقد ما فيها من القيمة الجمالية الأخاذة ، ولم تفقد ما فيها من طلاوة وبهاء..
وإنني لم أحاول المس بشيء منها،وإنما عرضتها كما هي، على أمل أن نشرها قد يوفر معلومات دقيقة من القراء الكرام، لتتاح لنا فرصة دراسة مقارنة لعلها توصل إلى ما هو أكثر صحة ودقة.
28/7/1999
………………….ثبت بالمراجع:
1- المخطوط المذيل بتوقيع أبو الزوايا العاشق المحتال.
2-كتاب أحلى عشرون قصيدة –فاروق شوشة
3-مجلة العربي الكويتية-عدد 369 آب 1989-مقال الدكتور حسن عباس. بعنوان:
(بعض محاسن اليتيمة).
4- كتاب الزواج عند العرب في الجاهلية والإسلام(دراسة مقارنة) –د.عبد السلام الترمانيني-1984- سلسلة عالم المعرفة الكويتية.
5-الرسالة رقم 7 عام 1993بعنوان: القصيدة اليتيمة برواية القاضي علي بن الحسن التنوخي-د.صلاح الدين المنجد
……………………………………………………………………..
نص المخطوط
الدرة اليتيمة
القصيدة التي قتلت صاحبها
في البيد حيث لأهلها أبدا خفق الرياح ………….وقبلة الشـمس
وتظل في همس كواكبها حتى الصباح ………… بما رأت من امس
طلل يسف على نعامته ======رمل ويحسره لنا الرمل
كانت تمر به الحوافل في=====فجر العهود فسوقها حفل
مجتازة دهناء لا مط =====حتى توافيه ولا نخل
وكانما الكثبان في نسق======لجج على أشباهها تعلو
حتى لو ان الشمس طالعة=====ما صار تحت شعاعها طل
تبدو لعين الضب عارية =====حتى يواري ضوءها القفل
ما كان يعبا من يحل به ===== إن شدّ قبل لغيره الرحل
متبلغا بكفافه عجلا ===== تحت السماء وحسن ما تجلو
فإذا اناخ به الظلام بدا ===== وكأنه بسمائه يخلو
سيّان عندهم وحقيقتها=====إن الحياة تمرّ او تحلو
والقصر قائمة دعائمه
لأميرة هو ذلك الطلل
ما في الجزيرة روضة ظهرت=====من نورها في منظر بهج
مثل الأميرة وهي مقبلة ===== ترنو إلى الدنيا بقلي شجي
كانت تحف بها وصائفها ====== فيعذنها بالأعين الدعج
فكأنما هي فتنة عرضت ===== تمشي على قدمين في غنج
أو حلم بارئها تمثله ===== في نطفة معدودة الحجج
هل شبهوها بالمها فرنت =====إلا لطرف غير مختلج
يغضي لريح من مهابتها _______ صيد الولاة كألسن السرج
ما اقبلت في الرمل تذرعه _______إلا وأضحى الرمل في أرج
وكأنما قائم نصفها فنن ______ من نصفه الثاني على لجج
كانت على حسن ترق له ______حتى الغزالة وهي في وهج
إن الأميرة رغم عذرتها_______تنهي وتامر واسمها يغني
فيطيعها البعداء في ثقة ——وكأنما المحظوظ من تدني
كم ذل من ربق الهوى بشر____هم في ركاب العز كالجن
شحت عليهم بالرجاء ولو ______ ندبتهم جاؤوا بلا من
لو لم ترث ملكا لكان لها ______ هي ملكها في دولة الحسن
والغيد إذا يشهدن جمرتها ______ يقرعن _فوق الماء_بالسن
هذي تقول لخصرها هي ______ وتقول تلك كميسة الغصن
وتقول ثالثة وقد ضربت ______ كفا على كف من الغبن
ألاّ يرى هذا الجمال لنا ______ أو بعضه فنروح بالبدن
ونفوز من شعراءنا بهوى ______باك يضيء كبرقة المزن
إن الأميرة في مباذلها
لأجل منها وهي تحتفل
لم يخفها في كل خاطرة ______ ظمأ العيون وحسنها الماء
كم جاء يخطبها السراة فلم______ تحفل كأن الأذن صماء
من كل أروع مثل صيقلة ______ حدا فما ركبته عوراء
لبسوا الحياة كأنهم غرض______ يُرمى فوالتهم بما شاؤوا
ما سرت الحرب العوان بأحــرار كمثلهم إذا استساؤوا
حسناء بات لها الخيار فلم ______تعجل فعادوا مثل ما جاؤوا
هي لا تطلب في الصداق سوى ______ غزل تجس عليه أهواء
قالت:أتدرك مهجتي غردا ______ لهتافه في الخلد أصداء
يجلو قوامي في دقائقه______ فتراه_رأي العين_ عمياء
وتهافت الشعراء فيه بلا ______قصد فظلت وهي عذراء
في الحسن تيّمها الزمان فلم
يضرب بغير صداقها المثل
من قصرها كانت تطل على_____واد ووجهتها سوى الوادي
هي في انتظار موفق ملك_____ يأتي إليها دون ميعاد
يحلو على فمه النسيب إذا غنى بها في حلبة النادي
هي وردة بيضاء ليست لها______في عشها كالبليل الصادي
كم جاء ميمون بطائرة ______فتعود منه بغلة الصادي
لا طرفه يطري ولا يده ______ تبدي و لا فمه لإنشاد
لا خير في شعر تردده______ تلك النفوس بغنة الحادي
حتى أتاها شاعر لقفت ______ أبياته آذان أفراد
فإذا بها زعموا كجلوتها ______ فتكون من غده بمرصاد
وتظل ليلتها تقلب في
عرض الفراش وقلبها وجل
حفل البلاط بكل ذي وطر______ للغرب معدنه أو الشرق
قد غاظهم أن يشهدوا للفتى______ في وصفها بفضيله السبق
فتدير في الشعراء نظراتها______ ما فيهم إلا وذو عشق
أضحوا معا يتطلعون إلى ______ وجه الغريم بأعين زرق
كم شاعر هام الخيال به______ في كل أفق ومضة البرق
فكانه مستقرئ صورا______ لو جاز أن تجلى على الخلق
وتراه حيث هو استقر به______ الكرسي لا يُسقى ولا يسقي
فالشعر ما لخلوده أمل______ ما لم تزنه بحلية الصدق
كم طالب مال الغبيط به ______من حبها لو دين بالحق
حتى إذا انتظم الهدوء بهم______ ومأت بحاجبها بان يلقي
فتهلل النغم الشرود على
شفتيه مثل الغيث ينهطل
هل بالطلول لسائل رد______ أم هل لها بتكلم عهد
درس الجديد جديد معهدها ______ فكأنما هي ريطة جرد
من طول ما تبكي الغيوم على______ عرصاتها ويقهقه الرعد
وتلث سارية وغادية ______ ويكر نحس خلقه سعد
تلقى شآمية يمانية ______ لهما تمور ترابها سرد
فكست بواطنها ظواهرها______ نورا كان زهاءه برد
فوقفت أسألها وليس بها______ إلا المها ونقانق ربد
فتناثرت درر الشؤون على _____خدي كما يتناثر العقد
أو نضح عزلاء الشعيب وقد______راح العسيف بملئها يعدو
لهفي على دعد وما خلقت _____إلا لطول تلهفي دعد
بيضاء قد لبس الأديم بهاء ______الحسن فهو لجلدها جلد
ويزين فوديها إذا حسرت ______ضافي الغدائر فاحم جعد
فالوجه مثل الصبح مبيض_____والشعر مثل الليل مسود
ضدان لما استجمعا حسنا______والضد يظهر حسنه الضد
وجبينها شمس وحاجبها______شحط المخ ازج ممتد\
فكانها وسنى إذا نظرت______أو مدنف لما يفق بعد
بفتور عين ما بها رمد________وبها تداوى الأعين الرمد
وتريك عرنينا به شمم ________أقنى وخدا فوقه الورد
وتجيل مسواك الأراك على _____رتل كان رضابه الشهد
والجيد منها جيد جازئة _______تعطو إذا ما طالها المرد
وامتد من اعضائها قصب——نعم تلته مرافق درد
والمعصمان فما يرى لهما ——من رقة وبضاضة زند
ولها بنان لو اردت له——-عقدا بكفك امكن العقد
وبصدرها حقان خلتهما ——-كافورتين-نافورتين-علاهما ند
والبطن مطوي كما طويت——بعض الرياض يزينها الملد
وبخصرها هيف يزيّنه——فإذا تنوء يكاد ينقد
والتف فخذاها وفوقهما _—–كفل يجانب خصرها نهد
فقيامها مثنى إذا نهضت ——من ثقله وقعودها فرد
ولها هن راب مجسته——–وعر المسالك حشوه وقد
فإذا طعنت طعنت في لبد——وإذا سلكت يكاد ينسد
والساق خرعبة منعمة——-عبلت فطوق الحجل منسد
والكعب أدغم لا يبين له——حجم وليس لراسه حد
ومشت على قدمين خصرتا—–والتيتا فتكامل العقد
ما عابها طول ولا قصر —–في خلقها فقوامها قصد
فتشيح عنه الوجه باسمة
كالورد ألهبها الخجل
فيبادل العذراء بسمتها——-ويجيب وهو بشعره يشدو
أما ترى طمريّ بينهما——رجل ألح بهزله الجد
فالسيف يقطع وهو ذو صدا—-والنصل يعلو الهام لا الغمد
هل تنفعن السيف حليته——يوم الجلاد إذا نبا الحد
ولقد علمت بأنني رجل——-في الصالحات اروح واغدو
سلم على الأدنى ومرحمة—–وعلى الحوادث هادن جلد
متجلبب ثوب العفاف وقد—–وصل الحبيب وساعد السعد
منع المطامع أن تثلمني——أني لمعولها صفا صلد
فأروح حرا من مذلتها ——-والحر حين يطيعها عبد
آليت أمدح مقرفا أبدا——-يبقى المديح وينفذ الرفد
هيهات يأبى ذاك لي سلف—–خمدوا ولم يخمد لهم مجد
والجد كندة والبنون هم —–فزكا البنون وأنجب الجد
إن تتهمي فتهامة وطني ——أو تنجدي إن الهوى نجد
فكأن سرا بات يكتمه
عنه انجلى الشعر منتحل
وتحقق الحلم الجميل لها ——بعد انتظار كله بأس
هو ذا الحبيب تراه ممتثلا—–يشدو فما في امره لبس
يا فرحة القلب المشوق به—–كالروض أطلق طيره الحبس
ويحير في العينين دمعهما——-فرحا فنظرتها له خلس
لم يبق إلا في ممانعة ———يحظى بجلوة عرسه العرس
ومشى السرور على البلاط فما —يدري أتملك حالها نفس
من فرط ما عصف النسيب بها —وطغا على معناهم الجرس
وكأنما الشعراء من طرب——بالراح نشوتهم ولم يحسو
إن الجميع لفي ترقب ما ——ياتي فلا هرج ولا همس
وتهب قائمة لتدنيه ———منها وفي نبراتها الأنس
إيه وشانك أنت ياسكني
امواصل إنشاده الغزل؟!
غابت بها الآفاق مظلمة—-يا ظلمة وافت بلا سعر
وكان لحنا في تدفقه——خنقته ؟انملة على الوتر
واها اتفقد كل ما أملت—-من حبها في لمحة البصر
يا ليتها ما ادركت أملا—-إذ عاد يحرمها من الثمر
وكأنها لم تدن شاعرها—–لهنيهة في نشوة الظفر
وترى بعين خيالها شبحا—-تغدو به وجناء في خطر
من حلم غانية يسوق لها—-معنى الصداق بحوشة الدرر
لا بل هما شبحان ضمهما—–جنح الدجى في هدنة القمر
وترى كومضة بارق فإذا——-بحبيبها يهوى على الأثر
…………………………
………………………….
قد قلت لما ان كلفت بها—— واقتادني من حبها الجهد
إن لم يكن وصل لديك لنا —–يشفي الصبابة فليكن وعد
قد كان اورق وصلنا زمنا—–فذوى الوصال واورق الصد
لله أشواق إذا نزحت——–دار بنا ونبا بكم بعد
وزعمت انك تضمرين لنا —–ودا فهلا ينفع الود
وإذا المحب شكى الصدود ولم —-يعطف عليه فقتله عمد
ونخصها بالود وهي على ——-ما لانحب وهكذا الوجد
ليكن لديك لسائل فرج ——–إن لم يكن فليَحُسن الرد
طريد ليل ساقه سغب———-وهفا إليّ وساقه برد
أوسعت جهدي بشاشة وقرى—-وعلى الكريم لضيفه الجهد
يا ليت شعري بعد ذلكم——-ونبا بكل معمر لحد
أصريع وجد أم صريع ضنى—-أردى فليس من الردى بد
………………………
……………………….
يارب ما أغضى على ترة——-قلب له بحبيبه شغل
ما شعره هذا ولا بلغت——–كف المصوّر بعض ما يجلو
إني لأنسم في روائحه——-رملا وأين من النقا الرمل
قد غال زوجي في تصعلكه—-ليحل مني بالذي يتلو
العبد من هجر وصاحبه——نجم يماني اذا يعلو
فالجد كندة والبنون هم——زكت الفروع وانجب الاصل
إن غاب عن وجهي فإن يدي—-ما خانني في قبضها النصل
يا سالب الحرار جذوتهم——قلب الحرائر منك لا يسلو
لا تأخذوا بظلامتي بشرا—–فظلامتي هو ذلك النذل