لقاء مع الكاتب محمد قاسم (أبن الجزيرة ) حول ما أنبثق من المجلس الوطني الكردي
نشر في : 30/04/2012 ;
س1 كيف ترى البرنامج السياسي للمرحلة القادمة المنبثقة عن المجلس الكردي
س2 كثيرا ما نشاهد انتقادات موجهه للمجلس برأيك هل هي حالة صحية أم العكس تمام
س3 هل حراكنا السياسي متوافق مع حراكنا الميداني
س4مارأيك بالعلاقة بين الكرد والمعارضة بشكل عام
……….(خاص سوى نيوز )
من المعلوم أن العمل السياسي –النضالي خاصة- يخضع لظروف واعتبارات –أحيانا تكون خارجة عن الإرادة والسيطرة- من هنا يأتي دور الخصوصية في الشخصية السياسية؛ لجهة الذكاء، والاستعداد، والوعي، والصدق، والقدرة على تجاوز الرغبات الشخصية لصالح القضية المركزية …الخ.
وفي هذه النقطة أيضا تكمن منزلقات الكثيرين من السياسيين في مواقع القيادة؛ إذ يتنازلون عن حقوق شعوبهم من اجل مصالح ذاتية؛ يسيل لها لعابهم.
والقوى العاملة والمؤثرة في الساحة السياسية تعرف كيف يؤكل الكتف –كما يقال-
نذكر هنا بالوزير الذي كان يتعامل مع الأمريكان بسلوك غير قابل للكشف بسهولة..ونذكر بقصة “في سبيل التاج” للمنفلوطي“[i] “.
لذا فعندما يتصدى احدهم أو بعضهم- للعمل السياسي عموما والعمل السياسي النضالي خصوصا –إذا جاز التعبير- يفترض به انه يفهم، ويتفهم الظروف التي ينبغي التعامل معها، وكيف يمكنه تجاوز صعوبتها دون الوقوع في الانحطاط ولعنة التاريخ.
أما بشأن البرنامج السياسي للمرحلة القادمة والمنبثقة عن المجلس الوطني الكوردي…فهو برنامج وضعه جمع من الكورد –أحزابا ومستقلين وبينهم من لديه خبرة سياسية، ومنهم من حملة شهادات عالية …وقد ساهم الجميع في صياغتها -افتراضا- ومن ثم فالجميع يتحملون مسؤولية ما فيها سياسيا وأخلاقيا وقانونيا… تجاه شعبهم، وتاريخه ووطنه –وهم منه طبعا-!
لن أعلق كثيرا على ذلك لأنهم يمارسون عملا في الميدان –لست معهم فيه- وقد يختلف الحكم في الميدان عنه في الواقع…
إن كنت أرى رأيا هنا فهو:
1- التقصير في لملمة القوى الكوردية عموما، بتأثيرات سلوكية سياسية وما تحمل من ذهنية أنانية طامعة بالسلطة دائما…هذا قد يكون ثغرة في تأثير سلبي محتمل في البرنامج. سواء في صياغته أو انعكساته وتداعياته…
2- ربما ليس الربط بين البيان الأول المتضمن صراحة “حق تقرير المصير واللامركزية… ” وبين البرنامج الذي يبدو انه حاول انه يكون أقل وضوحا لهذين المطلبين خاصة، -ربما بقصد مرونة التفاوض-وهذا محتمل…
لكن ألا يفترض –في هذه الحالة –أن يلتقي أعضاء المجلس الكوردي بجمهوره ويشرح لهم الحقائق والأفكار وغيرها، لتجنب اللغط الحاصل في الشارع وفي صفحات النت…؟!
ألا يدرك هؤلاء أن الظروف اختلفت عن السابق ولا بد من التعامل مع واقع جديد عنوانه الربيع العربي وتجليه انخراط الجميع في الحياة السياسية طوعا او كرها ،والظروف متاحة للجميع للتعليق والكتابة ونشر كل ما يرغب عنها وعن غيرها…
أما الانتقادات فهي ليست فقط صحية…بل ضرورية كمنهج ملازم لكل خطوة وكل عمل …وللأداء السياسي من باب أولى.
فإذا كانت الانتقادات تزعج البعض ممن يفهمون القيادة في السياسة “مخترة” أو “سلطة أغواتية” أو “باشوية”…أو نهج امني قامع في الإدارة والحكم…الخ.فهذا شأنهم…
ما نتمنى على المنتقدين – أيا كانوا- أن يكونوا منتقدين بنائين لا مجرد متشفّين، أو حاقدين، أو منطلقين من روح عدائية، وربما ثأرية….الخ.
فمثلما نطالب القيادات الحزبية للارتقاء إلى مستوى مطالب الناس وحقوقهم كذلك نطالب المنتقدين- ونحن منهم- أن يكونوا ناقدين بالمعنى الدقيق للنقد…
منذ الروح النقية…والصدق مع النفس في تغليب المصلحة العامة… وامتلاك أدوات نقدية مناسبة سواء لجهة لغة النقد أو لجهة صيغة التعبير وتسجيل الملاحظات…الخ.
والمهم هو: تحليل المواقف والحوادث وسوق الأدلة والحجج بدلا من الشتائم وما شابه..واعتماد المعلومة الصحيحة قدر الممكن..فإن لم تكن فليوضح ذلك.
ومن المؤسف فإن الحركة –وأفضل القول “الأحزاب السياسية” منذ البدايات لم تستطع أن تكون نابعة من ” الوسط الكوردي” هذه الكلمة التي أفضلها على كلمة ” الشارع الكوردي” ….
الأحزاب منذ البدايات وخاصة منذ الانقسام الحاصل عام 1965 انحدرت إلى مهاوي الشخصنة والأطماع والروح الثأريةوالمهاترات…الخ.
ومن المؤسف أنها لا تزال تعيش تلك الروحية على الرغم من محاولة التظاهر بخلاف ذلك، خاصة بعد أن اضطرتها التحولات إلى ضرورة التكتل في شكل يسعفها، ويمدها ببعض حياة…
وهي –وقد اعتادت الأنانية والمصالح الخاصة- لا تزال تلعب ضمن هذه التكتلات لعبا تمزق تكامل قوتها، وفعاليتها في العمل السياسي النضالي… لممارسة تأثير فاعل لمصلحة القضية الرئيسة.
ولهذا فإنها تبقى تعيش حالة لا تؤهلها للعب الدور المفترض لها كأحزاب على الرغم من إنشاء المجلس الوطني الكوردي .
وقد انتقدت النهج الذي اتبعه في التأسيس…ولكنني أعلنت عن دعمه باعتباره- الآن- التكتل الوحيد الموجود في الساحة الكوردية السورية، للتعامل مع الظروف المستجدة…
وآمل –دوما- أن يتطور أكثر، ويتجاوز المشكلات التي هي أصلا ناتج نهج الحزبيين أنفسهم في معظمها…
أملي أن المستقلين سيمارسون دورهم كمستقلين، وليسو كأذناب- او دمى- لهذا الحزب أو ذاك- لهذه الشخصية أو تلك..
فالقضية الأكبر هي قضية وطن وشعب وعيش حر كريم؛ لهذا الجيل والأجيال القادمة ومنها: أولادهم، وأحفادهم، وذويهم عموما.
وليتذكروا أننا جميعا زائلون بعد عمر طال أم قصر.
Ga dimrê çerm di mine, mêr dimrê nav dimîne
ولا بد من تذكير المجلس ببعض أمور:
1- ضرورة السعي لإيجاد أرضية تفاهم بينه وبين القوى خارج المجلس بأي جهد ممكن…ومنها محاولة التفاهم مع “p.y.d ” مع علمي بالصعوبات الكبيرة في هذا السياق…ولعل وثيقة التفاهم تتبلور إلى ما يقترب من هذا الطموح. ومع التنسيقيات التي لا تزال تعمل خارج ظروف التفاهم في شكل ما…
إضافة إلى الأحزاب التي لا تزال خارجا أيضا ،فرادى أو في تكتل ما فتضافر الجهود ضروري في هذه الظروف،
والاحتمالات –بقدر ما هي مبشرة فهي مخيفة أيضا…لأن القرار ليس بيد الكورد وحدهم.والصراعات الدموية ليست مرغوبة بالتأكيد.
2- عدم اللعب بالنسيج الاجتماعي وتمزيقه بروح حزبية أنانية،ومن ثم نشر المشكلة الحزبية المؤلمة بين صفوف الناس أو ما أسميه ” الوسط الكوردي”. إن كل قيمة خاطئة عندما تنبت في مساحة اجتماعية تؤثر على الثقافة الاجتماعية العامة وتحيل المجتمع إلى صراعات ومزق لا تعين السياسة بقدر ما تضعفها..فضلا عن تأثيرها على السلم ألأهلي و الاجتماعي ..عموما.
3- الظروف الدولية والإقليمية الداعمة للحقوق الكوردية في هذه المرحلة –وهي موجودة في شكل ما- إنما تمثل رؤية المؤثرين في الأحداث للمدى الذي يمكنهم من تأمين مصالحهم،
وليسوا جمعيات خيرية إنسانية تتقطع نياط قلوبهم من اجل أن الكورد ظلموا وهم يريدون إنقاذهم..
ليعد كل سياسي كوردي إلى ذاته ويبحث في محركاته النفسية فيعلم حقيقة مجريات السياسة الدولية أيضا اكسر.
وأخيرا عمرنا قصير ولكن تاريخنا الذي سيدوم، سيطول ،وسيطال الأبناء والأحفاد…
لو لم تكن السيدة “منتهى الأطرش” حفيدة سلطان باشا الأطرش لما كان لها مالها…فهناك الكثيرون الذين بمستوى شجاعتها وربما أكثر… وبمستوى غناها وربما أكثر وبمستوى …وبمستوى…لم يبلغوا ما بلغت.
فقط تاريخ جدها يخيّم عليها، ويؤمّنها، وينير صيتها أكثر من غيرها…!
فلنكن خيما لمن خلفنا لا سهاما تصوّب إلى مشاعرهم وصدورهم ووسمعتهم…الخ.
________________________________________
[i] – حكاية وزير يوغسلافي من رفاق تيتو في النضال، أخبر الروس تيتو بأنه عميل أمريكي …لكن تيتو لم يلاحظ عليه شيئا..فكرر الروس تنبيهه عندها طلبه تيتو إلى مكتبه وقال له: أنا متأكد من انك تخدعني مع أمريكا، ولك الأمان فقط أخبرني ماذا تفعل…فقال: ببساطة أضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب والرجل المناسب في المكان غير المناسب وبس.
أما قصة في سبيل التاج فهي متاحة لكل من يود قراءتها وما يعنينا منها أن الترك استطاعوا أن يهيمنوا على قائد الجيش “البطل” عبر امرأة فكاد أن يبع اليونان إليهم لولا أن تدارك ابنه الأمر فقتل والده بعد إذ أصر على الخيانة…بل وحاول قتل ابنه…ولكن الابن البار لم يكشف خيانة أبيه وتعرض للإهانة والتعذيب بالتعليق إلى أحد أعمدة السوق وتكليف كل احد بالبصق عليه وشتمه ..وهو ساكت لا ينقذ ذاته حرصا على سمعة أبيه.
[