لماذا نهتم بالثقافة (دور الثقافة في حياتنا).

لماذا نهتم بالثقافة. أو: دور الثقافة في الحياة
محمد قاسم
يتردد على الألسنة مفهوم الثقافة باستمرار ..مثقف-ثقافة- ثقافي-ثقافة المجتمع- التثقيف…الخ ولكن هل هذا المفهوم واضح في أذهان كل المتعاملين به..؟!
هل لمعنى الثقافة إطار واضح، أو دلالة واضحة، في جميع الأذهان، ليكون تصور المعنى واحدا بين المتكلم(الكاتب)وبين المتلقي(القارئ)…؟!
كما يبدو فإن الغموض، أو التشعب في المعنى؛ يرافق مفهوم الثقافة بشكل عام، حتى مع الذين يعتقدون بأن المعنى واضح لديهم. وذلك لسبب بسيط هو أنها-الثقافة-كلمة مركبة الدلالة. تحتوي على عناصر عدة ينبغي أن تحدد الروابط فيما بينها حتى يستقر في الأذهان بوضوح كاف لتمثل المعنى بنوع من الدقة.
معنى-الثقافة-يتقاطع-أو يشترك-مع مفاهيم أخرى تتنازعه المعنى مثل-الحضارة، أو المدنية، أو التراث…!
فالثقافة والحضارة والمدنية والتراث…كلمات تشترك في معان عديدة، كالتفكير، أو نمط التفكير، أو طريقة التفكير، مستوى التحصيل المعرفي، المعتقدات الدينية والسياسية، العادات الاجتماعية، والتقاليد السائدة-والعادات والتقاليد هي واحدة؛ سوى فارق بسيط-ربما-هو أن التقاليد تخص ممارسة العادات المجتمعية؛ في وضعية الاجتماع، والعادات قد تكون أقرب إلى السلوك الفردي..-وربما استخدم المفهومان بمعنى واحد في بعض الحالات –يحدد السياق ذلك-
وكالفنون السائدة، المكانية منها والزمانية…والعمار-الإعمار أو التعمير- بجميع أنواعها –وفيها تجليات فنية تتعلق بالألوان،والأشكال ،والتكوينات المختلفة..والهيكليات التي تبدو بها العمارات المختلفة….
وهذا يوضح لنا الطبيعة التركيبية لهذه المفاهيم..ولكننا إذا أردنا ان نفرق بينها فسنجد-من خلال الاستعمالات والتحديدات-أن الثقافة تشمل العناصر المعنوية أكثر، فيما نرى ان الحضارة تشمل العناصر المادية أكثر.. والمدنية كذلك.وفيما عدا ذلك فهي متشاركة في المعنى العام..وعندما نذكرها مترادفة فلكي نشعر بالتكامل بين العناصر، ولئلا يذهب التفكير أو التصور نحو عناصر محددة –مادية أو معنوية-ولكي يتحقق ذلك فأعتقد ينبغي على من يريد الفهم الواضح، والمتكامل ان يكثر من القراءة والمقارنة بين المفاهيم المتشاركة في بعض المعاني أو كلها..حتى يكتسب الخبرة في تحديدات المعاني والتصورات المترافقة مع منطوق الكلمات.
ومثل هذه المشكلة موجودة في استخدام المعاني ذات الطابع الاجتماعي عموما، وخاصة البعد السياسي..حيث تكثر الرموز المستخدمة..في الاستعمالات اليومية، ولكنها لا تكون واضحة –بالمستوى نفسه –في الأذهان المختلفة، ولنأخذ مثلا بعض المفاهيم-وقد تسمى الرموز أيضا –
فمفاهيم:السياسة- الديمقراطية-المجتمع- الثقافة-الحضارة-التقاليد- الحرية- الأخلاق- الفيدرالية..
كلها مفاهيم توحي بأننا نفهمها، ونستعملها باستمرار..ومع ذلك فلو طلب أحدهم ان نعرفها سنلاحظ كما كبيرا من الاختلاف حول هذا التعريف وأسلوبه..مما يدل على الأثر الذاتي في تأطير وتحديد المعاني عموما؛ والمفاهيم من هذا النمط بشكل خاص.. لأن المفهوم كلما كان البعد الإنساني فيها ظاهر فهو يحتاج إلى تحديد مدروس أكثر، بسبب كون المعاني الإنسانية ليست كالمفاهيم المادية -والتي يسهل تحديدها والاتفاق على دلالتها-كمصطلحات- .
فلو قلنا مثلا “h2o ” لا يختلف اثنان حول دلالته كمفهوم أو مصطلح،وعندما نقول:
( 1 +1=2 ) مثلا.. لا يختلف اثنان على دلالتها ونتيجتها ..ولذا تسمى مفاهيم علمية موضوعية (محددة وعامة). يتصور الجميع -في أي مكان و أي زمان- دلالتها بشكل محدد. بخلاف المفاهيم ذات البعد الإنساني –الذاتي- لا يتفق الكثيرون على تحديد دلالة الديمقراطية مثلا..أو الحرية ولذا قال الفيلسوف كانت الألماني،أهم المهن إطلاقا هي التربية والسياسة..لأن التعامل مع البشر الأحرار في اتخاذ قراراتهم يحيجنا إلى قدرة خاصة على استقراء النفس البشرية وانعكاساتها في حياة الإنسان.
ومن هنا الدعوة المستمرة الى الحواريات التي تكشف عن توحيد الدلالة للمفهوم الواحد..ولن هذه النزعة غلبت في حياة الغربيين فقد استطاعوا ان يبتكروا علما لا يزال يشكل الأساس لمنهجهم التطوري،وانعكس ذلك على ضعف الروح الدينية الغيبية لديهم،فيما لا يزال الشرقيون يتكئون على الرؤية الغيبية –على الأغلب-في تشكيل المفاهيم لديها.فغلب الطابع الأدبي الذاتي في التفكير ومن ثم السلوك لدى الشرقيين عموما والعرب خصوصا..وأفرز ذلك أمعانا في الإغراق في متاهات المفاهيم والتصورات الأيديولوجية بديلا عن البنية العلمية والمنطقية للتفكير..!
وما زاد الطين بلة أن سوق الثقافة قد كسدت في المشرق العربي،وكادت السياسة أن تحيط بها ،ولأن العمل السياسي يتطلب تصرفات ميدانية –أحيانا ،بل في الغالب- فإنها تحل بديلا عن الثقافة في تشكيل المفاهيم بحسب حاجاتها، ويكون ذلك سببا في تشكيلات مستعجلة لم تستوف حقها من البحث ومراعاة التوازنات أو الانسجام..فتنتج ثقافة مستعجلة،تستجيب لمقتضيات سياسية قد لا تكون متوافقة –أو موافقة- لنمط الحياة الاجتماعية ذات البعد التاريخي من حيث التراكم الثقافي –مفاهيم-فنون-سلوكيات-أحلام وآمال..الخ.مما يؤثر سلبا في الاستقرار الاجتماعي..هذه الظاهرة التي تكثر في وجودها تتضمن المجتمعات ذات الطابع الذي يسمى ثوريا-أيديولوجيا-حيث تصبح السياسة هي الملهمة –بل المسطرة-للفنون الثقافية،فتستحدث مفاهيم أيديولوجية لا تراعي الواقع ومتطلباته،ولا تراعي ضرورة التدرج والتراكم في اشتقاقات المفاهيم ونحتها وصياغتها..الخ.فيتشكل مناخ ضبابي للثقافة ،وتفتقد المناخ الطبيعي،ويغيب الاستقرار،وتتشوه المعاني والقيم تحت تأثيرات من أناس يديرون المجتمع والوطن بمفاهيم يحيكونها لما يلائم مشتهياتهم والأسلوب الذي به يتحكمون في مقدرات شعوبهم..ومن الطبيعي أن الحضارة والثقافة والمدنية …تفتقر الى قوائم وأعمدة صحيحة،بل يسود التشكيل الأيديولوجي الذاتي والذي يخدم النظام الحاكم عادة وهي مشكلة عربية من “المحيط الهادر الى الخليج الثائر”.
ولذا فلا غرابة ان نرى اليابان وماليزيا والهند وغيرها قد خطت خطوات بعيدة في النمو الديمقراطي والعلمي ومن ثم الحضاري..فيما لا يزال البلدان العربية التي حصلت على استقلالها في الفترة نفسها التي حصلت هذه البلدان على استقلالها،ولكنها لا تزال تناقش هل الديمقراطية تصلح لشعوبنا ذات الخصوصية أم لا ..والخصوصية عندهم تعني ان يبقوا هم الذين يقررون لحظة اعتماد الديمقراطية،باعتبارهم الأنضج وعيا والأقدر على تطبيقه-طبعا وفقا لما يريدونه هم..!!
………………………………………………………………………………………………..
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
ثقافة تحت المجهر
محمد قاسم ” ابن الجزيرة ”
ضبط المعاني وتأطيرها وتحديد دلالاتها…هاجس إنساني قديم…فكان المنطق والقواميس والشروح الضابطة والموضحة…الخ. فكان الطابع الغالب في الذهنية والسيكولوجية البشرية هو البحث عن الحقيقة، ومحاولة فهمها لتفسير الحياة ومعطياتها؛ لأن ذلك يخدم مصلحة البشر.
لكن نمو المطامح البشرية ونزوعها نحو المطامع، وتضخم الأنا إلى درجة غلبت فيها الروح الأنانية على الغيرية –نفسيا-بخلاف المعلن الفكري من القيم الأخلاقية والنهج المنطقي أدى إلى إضعاف هذا الشعور المشترك إنسانيا وانتقالها من حالتها العفوية التلقائية انبثاقا من العمق النفسي البشري الطبيعي…إلى حالة معقلنة ممنطقة تكاد تكون منعزلة عن الحالة النفسية الطبيعية.
اختل -بذلك – الميزان الطبيعي في ذات الإنسان…وأصبح هناك ميزان مصطنع تم تكوينه في ظروف نمو وتضخم جوانب في السيكولوجية البشرية على حساب جوانب أخرى…وغالبا كانت الجوانب السلبية المنسجمة والمتناغمة مع الرغبات والنزوات هي الغالبة.
نلاحظ بوضوح غلبة مفهوم-مصطلح-المصالح-في العلاقات الدولية أولا ثم انعكست في العلاقات الاجتماعية داخل الأوطان وشيئا فشيئا انتقلت إلى دوائر أضيق ضمن العلاقات الاجتماعية المحلية حتى كادت تتكرس داخل الأسرة الواحدة.
باختصار تحل الروح الأنانية بفعل عوامل مختلفة، منها موضوعية كالتكنولوجيا ونتائجها على القيم، ونمو الفردية، وذاتية –إنسانيا-كنمط، خاصة الإدارة السياسية والتحكم بحياة الشعوب؛ استبدادا، واستلابا، وإنتاج أنماط جديدة من القوى للتشبث بالسلطة استجابة لأنانية سلطوية هي ربما أقرب إلى حالة مرضية نفسيا واجتماعيا-من هذه القوى: الأجهزة الأمنية المختلفة ووسائلها غير الإنسانية. والقيم التي تخدم مصالحها عبر ثقافة موجهة، إضافة إلى التحكم في الاقتصاد والخدمات، بل وبالعقول: تسييس المدارس منذ المرحلة الابتدائية، وحفر أفكار مشوّهة في أذهان الصغار. وان كان ذلك –في الحصيلة النهائية لا يؤدي إلى المراد بالنسبة إليها، ولكنه يبيع الزمن للحكام والأنظمة لفترة تكفي لجعل الحياة بائسة لجيل أو أكثر أو أقل من الناس.
إن الاتحاد السوفييتي سيعيش ربما نصف قرن أو أكثر حتى تتبلور فيه قيم جديدة يتأقلم الشعب معها في صيغة حياة جديدة تكون أكثر ملاءمة لحياة حرة وديمقراطية تفجر الفردية كقوة ذات حقوق وقيمة.
وإن الثقافة العربية تتراوح بين محافظة رجعية حتى العظم تحت عنوان التراث الديني والطائفي والمذهبي…الخ. ومحاولات تحت عنوان التجديد كالماركسية والقومية المتطرفة –العروبية-ومثالها حزب البعث في سوريا والعراق … والناصرية وأشباه ذلك.
في ظل ظروف الارتباك وغياب الوضوح في المفاهيم والقيم والرؤى … في إطار حيوية تمكنها من التفاعل المستمر والمباشر للتغيرات الحاصلة طبيعيا وصنعيا في الحياة. يحل ارتباك في حياة المجتمع وتتصادم المفاهيم والقيم والقناعات والسلوكيات أيضا بالطبع باعتبارها ناتج ترجمة للقناعات والقيم التي يؤمن بها أبناء المجتمع…..
…………………………………………………………………………………………………
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
الثقافة السياسية “1”
محمد قاسم ” ابن الجزيرة ”
m.qibnjezire@hotmail.com

لا يقول عاقل بالاستغناء عن السياسة ، أوان ذلك ممكن حتى…! فالسياسة هي الجانب الإداري للمجتمع والذي لا بد منه –مهما كان السبب وكيف كان الحال…
ماذا نريد إذا؟
ببساطة ،نريد ثقافة تحدد الطبيعة والمساحة والتوجه والنهج …للممارسة السياسية ،
نريد قوننة العلاقة بين الحكام والمكومين، وإيجاد آلية تنفيذية لهذه القوننة…
نريد نهجا تربويا متفقا عليه لضمان تنفيذ مضمون هذه التربية واقعيا في ممارسة كل ما يتعلق بالنشاط والفعالية السياسية…فكرا وسلوكا …
باختصار نريد أن تكون الممارسة السياسية في مختلف مراحلها، وتجلياتها ونتائجها وإفرازاتها…. في ظل ثقافة واضحة الملامح مسارا اجتماعيا، وقبل ذلك فلسفة وفِقْها…!
ولعل هذا يقتضي توضيحا لا بد منه قبل السير قدما في هذا الموضوع. إنه التنبه إلى أن (مفهوم الثقاقة، شامل لكل أنشطة مجتمع ما في مرحلة ما تاريخه) فهي توافق مفهوم الحضارة –بهذا المعنى – مع فارق أن الحضارة تؤشر أكثر للجانب المادي في حين الثقافة يغلب فيها الجانب النظري بمعنى ما- ويتشارك مفهوم التراث مع مفهومي الثقافة والحضارة مع فارق هو أنه يخص مراحل تاريخية فحسب.
هكذا اصطلح الباحثون حول مفاهيم الثقافة والحضارة والتراث…بشكل عام، مع الحاجة الى تفصيلات أكثر عند البحث التخصصي فيها-طبعا.
لماذا الاهتمام بموضوع الثقافة السياسية؟
الأصل – ربما في كل بحث- هو البحث في المفاهيم الأعم، ومن ثم المفاهيم التي تندرج فيها –أو تحتها- لكن عدة عوامل تفرض تجاوز هذا النهج –أحيانا – منها مثلا: انتشار الثقافة –والوعي فيها- مما يجعل التفصيلات ليست ضرورية إلا في أحوال محددة، أكثرها لغايات تربوية .. وسعة مساحة الثقافة وتعدد مناحيها ، وقلة مساحة المقال لاستيعاب مثل هذا النوع من الأبحاث…وعدم التخصص أو الكفاءة أيضا أحيانا…و…غير ذلك. كما أن الهدف هنا هو تسليط الضوء على مفهوم معين قد تكون الحاجة الى قراءته تحت الضوء مفيدة .وأنا أراها مهمة أيضا.
الثقافة السياسية تعملقت –إذا جاز التعبير- وأصبحت كالغول تبتلع كل فروع الثقافة الأخرى ،وهذه ظاهرة غير طبيعية في مسار الثقافة عموما وما يفترض من العلاقة بين الثقافة العامة وفروعها –والثقافة السياسية فرع منها في الأصل-.
هناك –إذا- تضخم في الثقافة السياسية على حساب الثقافة العامة –الطبيعية- وبالتالي فإن القوة السلطوية المرافقة لها تجعلها خطرا على ما يفترض من البيئة الثقافية الاجتماعية التي تضمن التناغم والانسجام، وتوزع القوى المادية والمعنوية وفقا لتسلسل –أو قانون- طبيعي.
بالعودة الى تحليل نشوء الحكم – الممارسة السياسية- يتجه الجميع نحو فكرة أن الأصل هو التعاقد بين الحكام والمحكومين لقاء ممارسة كل منهم عمله الذي يخدم المجتمع في مختلف أنشطته وفعالياته ومن ثم بذل الجهد في اتجاه تطويرها وانعكاسها ايجابيا على تحسين الحياة عموما.
على هذا فالسياسة –الحكام- تستمد حضورها وممارستها لأنشطتها الإدارية من عقد مصدره الأساسي هو الشعب. وهذا هو معنى العبارة التي تتكرر دائما على أفواه المحللين والباحثين في شان السياسة” الشعب مصدر السلطات”.
لكن تطور المسار في اتجاه غلبة الحاكم عبر الملكية والوراثة والتفرد بالخبرة الإدارية والهيمنة على الجيش –المدافع عن الشعب في الأصل- وامتلاك ألثروة –مهما كانت الطريقة- ….جعل الكفة ترجح للقوة الحاكمة على المحكومين..في مراحل تاريخية، ثم استمر كمعيار لا يزال حتى اليوم من الناحية الميدانية، بل والثقافية أيضا، لأن المصلحة المشتركة بين الحكام تجعلهم جميعا يتبنون هذه الثقافة .. أو على الأقل يتفاعلون معها وفقا لاتجاهها المغالط، بل والمنحرف.
ولم يساعد تطور الثقافة السياسية في الكثير من البلدان التي تسمى متقدمة وبخصائصها الديمقراطية على تغيير هذا المعيار المغالط الذي فرضته ظروف القوة والتحكم في غياب إمكانية شعبية التغيير، بل وعندما تحاول التغيير فإنها تدفع ضريبة كبيرة جدا، ومبالغ فيها، بسبب تمسك الحكام بالمراكز، ومراوغة الدول المتقدمة في التعامل مع الظروف الجماهيرية.. لسبب بسيط وواضح هو: إن المعيار الاقتصادي الغالب –المصالح- في هذه الديمقراطيات المتقدمة انعكس سلبا –للأسف- على الثقافة السياسية ، فغلبت القيم ا لنظرية أو الدبلوماسية-إذا جاز التعبير –فيها وأهملت القيم التي تفرض التزاما ميدانيا تعين على التغيير لصالح المحكومين.
…………………………………………………………
………………………………………………………..

الثقافة السياسية “2”
مقدمة:
لا يقول عاقل بالاستغناء عن السياسة ، أوان ذلك ممكن حتى…! فالسياسة هي الجانب الإداري للمجتمع والذي لا بد منه –مهما كان السبب وكيف كان الحال…
ماذا نريد إذا؟
ببساطة ،نريد ثقافة تحدد الطبيعة والمساحة والتوجه والنهج …للممارسة السياسية …
نريد قوننة العلاقة بين الحكام والمكومين، وإيجاد آلية تنفيذية لهذه القوننة…
نريد نهجا تربويا متفقا عليه، لضمان تنفيذ مضمون هذه التربية واقعيا في ممارسة كل ما يتعلق بالنشاط والفعالية السياسية…فكرا وسلوكا …
باختصار نريد أن تكون الممارسة السياسية في مختلف مراحلها، وتجلياتها ونتائجها وإفرازاتها…في ظل ثقافة واضحة الملامح مسارا اجتماعيا، وقبل ذلك فلسفة وفقها…!
هناك- إذا- خلل في بنية العلاقة بين الحكام والمحكومين- أي في الممارسة السياسية – إدارة المجتمعات والشعوب…- نتج هذا الخلل من تمادي الحكام في استثمار مواقعهم ،والتجاوز على مشروعية وجودهم في رأس الحكم، بالانتقال من مهمة رعاية مصالح المحكومين بناء على تعاقد جرى بينهم وبين المحكومين-الشعوب- إلى تضخيم نفوذهم، وصلاحياتهم لتطال حقوق المحكومين في مختلف الجوانب،وفي بعض حالاتها الى درجة استعباد المحكومين-الشعوب-..ولا يخفى على احد ماذا وكيف يكون الحكم عندئذ …وتجاوزاته المشينة.
لم يستسلم للشعوب لهذا الواقع فكانت الثورات التي أدت الى تغيير في النظم السياسية الحاكمة أحيانا والفشل أحيانا أخرى مما أعطى فرصة –أو حرك نوازع غير إنسانية –عدوانية- في الح0كام فاستبدوا ،وظلموا،وقتلوا،ونهبوا ، وفعلوا كل قبيح…للتحكم بحياة الشعوب، ومحاولة تأمين فرص الحكم الآمن لورثتهم، ومما يؤسف له أن الخليفة معاوية كان أول من ارتكب هذا الخطأ في النظام الإسلامي الذي تجاوز الظاهرة بسلاسة نظرية مشهود لها، بعدم التوريث لا من الرسول ولا من الخلفاء الراشدين الأربعة ،على الرغم من المرارة في الواقع الميداني حيث قتل كل من الخلفاء الثلاثة “عمر وعثمان وعلي…” رضوان الله عليهم، ولكن الجانب التوريثي لم يُعتمد إلا على يد الخليفة معاوية بن أبي سفيان-سليل زعيم قريش الذي لم تفارقه فكرة الزعامة فقاتل عليا وغالطه في بعض المعارك برفع القران على أسنة الرماح لعلمه بطبيعة علي الدينية وإيمانه القوي وكانت لعبة منه ومن عمرو بن العاص انتهت الى انتزاع الخلافة من علي…بعد قتله من الخوارج-وهذه ملاحظة جديرة بالتوقف عندها..
وكانت الثورة الفرنسية الكبرى ملهم الحرية والديمقراطية ومفرزة مفاهيم اليسار واليمين في الثقافة السياسية والأهم ملهم مفاهيم العدالة والمساواة …
………………………..
………………………..
ملاحظة :
هذه المادة وغيرها المنقولة الى الموقع تحتاج اعادة نظر وتصحيح وتنسيق يرحى اخذ ذلك بعين الاعتبار.!