أنابوليس هل يكون الفجر الذي يعقبه نهار..؟
محمد قاسم m.qasim@hotmail.com
منذ أطلقت أمريكا-ولا اقول بوش- كما اعتاد البعض ان يحصر القرارات بشخصية بوش،وكأنه فعلا المصدر للقرارات..متجاهلين حقيقة ان الرئيس في أمريكا إنما ينفذ سياسات مؤسساتية مقررة في أساسياتها..وربما فقط استطاع التأثير على بعض القرارات الفرعية في الإجراءات السياسية.ومن ثم فإن المراهنة على انتهاء ولا يته،ليست مراهنة مجدية..لأن ذلك لن يغير الخطوط العامة للسياسة الأمريكية..
ربما لأن الكثير من المحللين السياسيين في البلاد العربية لم يستوعبوا- تمثليا – معنى الآليات المؤسساتية في الحكم..لأنهم يسقطون ما يجري في بلدانهم على مجريات الأحداث في المناطق الأخرى من العالم وهذا هو بداية المقتل في مسار التحليل..لديهم..!
منذ أطلقت أمريكا نظرية الفوضى الخلاقة في منطقة الشرق الأوسط. وتلت ذلك سلسلة من الاجرءات الدراماتيكية في المنطقة. بدءا من غزو –أو تحرير-أفغانستان، ومرورا بالعراق وتداعياته، إضافة الى الوضع الإيراني المرشح لاحتمالات أو سيناريوهات مختلفة لم تستقر بعد على الصورة النهائية لها.
وفي تركيا رماد تحت النار يتأهب في أي لحظة ان يتوهج.
وما تساهل الأمريكيين معها في الإغارة على حزب العمال الكردستاني إلا مقدمة لحساب ينبغي ان يستوفى فيما بعد على الطريقة الأمريكية-كما يبدو-.
وفي لبنان تداعيات الأحداث الإيرانية تتفاعل مع الحالة السورية التي تطبخ –كما يبدو –على نار هادئة-لتغيير من نمط ما، هل هو تغيير في سلوكية النظام…؟ هل هو تغيير في النظام نفسه جزئيا…؟ هل هو تغيير كلي…؟ ليس الأمر واضحا. لكن تغييرا من نوع ما آت لا محالة. فلم يعد النظام في سوريا، مؤهلا-أمريكيا على الأقل-للاستمرار، بتركيبته الإيديولوجية، والبنية التي تنخر في أوصاله الفساد-المرشح لانفجارات شعبية تطول أو تقصر-ما لم يتدارك نفسه على مستويين :
– داخل سوريا والعلاقة مع شعبه.
– خارج سوريا. وخاصة قضية السلام في الشرق الأوسط، لتخطي العزلة التي وضع النظام نفسه فيها عبر الحلف مع إيران وحزب الله، وبعض الأنظمة المتمردة على السياسة العامة التي تهيمن على العالم في هذه الحقبة من تاريخه. كنظام هوغو شافيز وكاسترو…الخ.
وعلى الرغم من الطبيعة البراغماتية لسياسة النظام في سوريا أساسا، الإ أنها تتخطى –أحيانا- الحدود التي ينبغي ان لا تتخطاها. وذلك بتأثيرات ذاتية –أيديولوجية-كما فعلت في تأييدها لسياسة التدخل التركي في العراق ضد مقاتلي حزب العمل الكردستاني الذين تدربوا في لبنان تحت وصايتها، عندما كانت تهيمن على السياسة فيه.فارتكبت خطأين على الأقل:
– الخطأ الأول: التنازل لتركيا بأكثر مما هو معتاد في أحوال كهذه، بظن أن تحالفا يمكن ان يعقد مع تركيا دعما للتحالف السوري الإيراني…وهذا ممكن مؤقتا وضمن مستوى محدود جدا، ربما لبعض الضغط على سياسات أمريكية بعينها تخص تركيا في المنطقة أساسا، ومنها قضية حزب العمال الكردستاني -الأرق المشترك بين تركيا وإيرانيا وسوريا. -.
أما ان يكون تحالفا ((استراتيجيا)) -كما يتوهم بعض أركان النظام في سوريا-فذلك أقرب إلى الوهم لأسباب عديدة ليس المجال الآن لذكرها.
وإضافة إلى هذه الظروف، هناك تخوف أمريكي من تطورات محتملة ومفاجئة في بعض مناطق العالم الشرقي روسيا –الصين-شرق آسيا-…الخ. على المدى البعيد، القريب…!
هذه جميعا تستدعي جهدا حقيقيا من الولايات الأمريكية المتحدة لتعزيز الهدوء والاستقرار في المنطقة..خاصة وإنها وقعت اتفاقية غير ملزمة مع الحكومة العراقية برئاسة المالكي..تنظم بقاء الجيوش الأمريكية في العراق لمدة طويلة ..وهذا ما كانت دول الجوار تخشاه.فلعبت لعبتها المؤثرة سلبا في حياة العراق بابتكار المليشيات تحت عناوين مختلفة وخاصة الإسلامية ..لضرب مرتكزات أمريكا في العراق وأفغانستان..وكانت هذه النظم تدرك ان مسعاها هذا لن يغير من واقع المنطقة في الاتجاه الذي يرغبون..ولكنها قاعدة :(الرصاص الذي لا يصيب يدوش) كما في المثل المصري العامي..وفي ذلك بعض تطويل لنظامهم ومكتسباتهم المالية ومشاريعهم التي بدؤوا بها وربما لم تكتمل بعد..لخشيتهم من التصريح بها لئلا يتكرر ما تكرر مع صدام حسين ورؤوس أمواله المودعة في الغرب بأسماء شتى..!
(قبل أيام تحدثت وسائل الإعلام عن 000000و20 عشرين مليون دولار صودرت من حساباته في إحدى الدول الأوروبية)
إضافة الى ان محاربة ((الإرهاب)) الذي يهدد باستمرار المصالح الأمريكية في داخلها باتت قضية تشغل السياسة الأمريكية فعلا.وهي هاجس مشترك بين الجمهوريين والديمقراطيين معا – رغم الحملات الإعلامية الظاهرة بينهما.
في كلمته الترحيبية بضيوفه عشية استقبالهم للتحضير لاجتماع اليوم التالي، الثلاثاء 27/11/2007 أكد على دولتين ديمقراطيتين قابلتين للحياة جنبا الى جنب-فلسطينية، إسرائيلية-وكرر ذلك في اجتماع اليوم التالي وما بعده، في عدة تصريحات على لسانه ولسان وزير خارجيته رايس وغيرهما. وكلفت رايس أحد الجنرالات المتقاعدين لمتابعة القضية. مما يعطي انطباعا بان النظام في أمريكا لن يسلم الحكم لسلفه قبل أن يسجل في رصيده-رئيسا وحكومة وحزبا – شيئا يرفع رصيده بين الجماهير الشعبية في أمريكا..!
الأمر الذي يوحي وكان تطورا ما سيحدث فيما يتعلق بقضية الشرق الأوسط-فلسطين خاصة-
الواضح منه الآن ملامح دولتين (فلسطينية وإسرائيلية).
فما هي هذه الملامح؟
وما هي التداعيات لهذه الخطوة-أو الإجراء-؟
لعلنا سنناقش ذلك في مقال قادم.