12 آذار 2004 انتفاضة الكورد في سوريا

12آذار

ابن الجزيرة

لا بد من أن يتوقف المرء على الحدث- أي حدث- لفهمه وتحليله واستقاء العبر منه !.
ولعل (أحداث 12آذار) 2004 أو ( أحداث القامشلي) وبعضهم يسميها (أحداث قامشلو) أو (انتفاضة قامشلو)، أو(هبة القامشلي) … بل وهناك من سماها(فتنة القامشلي..!). و كلها تسميات من كتاب أو أحزاب كردية.(1)
لعل هذه الأحداث من الأحداث التي يجدر بنا الوقوف عليها، ومحاولة فهمها،وتحليلها،واستقاء العبر منها.!
فبعد أيام قليلة، ستحل ذكرى هذه الأحداث- بغض النظر عن التسميات المختلفة لها -. ويستعد لإحيائها، ولكن كيف؟!
هذا يدعونا، إلى الوقوف عليها، وتأمل معطياتها، وتصور نتائجها ومجرياتها؛ قبل اتخاذ موقف حيالها – سلبا أو إيجابا – وقبل الانخراط في سلوكيات قد تكون مفيدة، أوقد تكون ضارة حتى…!
ففي هذا الحدث يبرز بعض تحد من طرفي المعادلة – السلطة السورية، والشعب الكردي في سوريا،عبر مكوناته المختلفة…! .
وهو تحد ليس في إطاره الصحيح على كل حال…!
-إذ من المفروض أن تكون العلاقة بين شعب وسلطته، علاقة واضحة وشرعية، يقرر شكلها:
دستور وُضِع بالمشاركة التامة،وفي ظل توفر الحرية الكاملة لممارسة حق الاختيار.
وقوانين صيغت في ظروف حكم ديموقراطي.. يتبادل أبناء الشعب فيه الاعتراف بحق الآخر وجودا..ونمط حياة..وثقافة خاصة.. واختيارات..وغيرها، يشتركون جميعا في معنى المواطنة كإطار لا ينفي الخصوصيات ولكن – ومما يؤسف له- أن شيئا من هذا لم يحدث في الواقع..! بل الذي حدث كان مخالفا لهذا تماما.
فالكل يعلم – بما فيهم السلطة نفسها- أن الظروف التي أحاطت بصياغة الدستور والقوانين وما يلحق بها..الخ؛ كانت ظروفاً إيديولوجية،وحالة قانون طوارئ.. مما جعلها تؤسس لنمط حكم خاص، انتهى إلى الانفراد بالسلطة، ونتائجها المعروفة (السلبية).! لعل من أهمها: تحييد الشعب(الجماهير) وباسم الشعب (الجماهير)..!. حتى أن الحديث عن السياسة أصبح محظورا من (الناحية الواقعية) ما لم يكن في إطار تحديدات السلطة الأيديولوجية، والمرتكزة على مفهوم غير متبلور منطقيا وعمليا حتى في أذهان أصحابه.! مثل ( مفهوم العروبة،العلاقة بين الإسلام والعروبة، علاقة العروبة –أيديولوجيا- مع غير العرب، وخاصة المتعايشين معهم،بل والمسلين البعيدين جغرافيا عنهم،مفهوم الوطنية في ميزان العروبة،حكم الحزب الواحد ومسوغاته الفلسفية والقانونية..الخ).
وقد أفرز أسلوب السلطة في إدارة المجتمع والبلاد، مجموعة حالات سلبية، انعكست على:
حيوية الشعب(الجماهير) ودفعته باتجاه: اللامبالاة، والعطالة، وجمّدت الطاقات لديه، أو وجَّهتها – بقصد وبدون قصد – نحو سلوكيات مقيتة، مثل:
الانكفاء على الذات القبلية…!أو الذات الطائفية….!أو الذات الحزبية المشوهة– ومهما كان طبيعتها-..! ومن الناحية الأخلاقية، وجّهت إلى:
النزوع نحو: الأنانية، والمزاجية، والفوضى،وأحيانا، إلى صيغ مغرقة في السلبية، ومنها مثلا: – الميوعة.. الانحلال في الشخصية -بمعنى ما-.. الخضوع المذل لمراكز القوى: ( الوظيفية.. المالية.. السلطوية..) الخ(مع تمركز غير مسبوق في رأس المال السياسي و الطفيلي). على خلاف ما تضمنتها أيديولوجيا السلطة (الاشتراكية) المعلنة، والتي صيغت القوانين من أجل تحقيقها- افتراضا على الأقل-…!
ولقد غدت هذه الأحوال من الأساليب الغريبة، التي أصبحت سلوكا يوميا لـ(لمواطن).! ويمكن وضع عنوان له-درج على كل لسان- وهو: الفساد العام…! ولعل من أسباب ذلك:
غياب الضوابط القانونية لصالح السلوك الأمني والنظريات الأيديولوجية..الخ. اعتماد أسلوب الضغط، والتخويف،مما أدى إلى تعبير منافق أو( مشوب بالخوف والارتباك) عن:
– الرؤى الفكرية…!
– المشاعر النفسية…!
أو استساغة أسلوب التملق لغرض خاص وظيفة إدارية(كمثال) – صغيرة أو كبيرة – بحسب تركيبة الشخصية وطموحها،للحصول على: ومستوى آمالها أو مدى الدعم الذي يتمتع به..الخ.
مصلحة مالية…
مركز ما – مهما كان طبيعته-….!
وكان من الطبيعي أن تكون النتيجة: فقدان الثقة فيما بين الناس،انعكس على: – المواعيد…!
– المعاهدات…!
– التعاملات المختلفة ومستلزماتها من القيم القانونية والأخلاقية…(لا سيما أن واقع الظروف المعيشية في مستوى؛لا يوفر الحد الأدنى للمعيشة المقبولة وفق المعايير الدولية).
وهذا يذكر بالقول المنسوب إلى علي كرم الله وجهه:((إذا ذهب الفقر إلى بلد قال له الكفر خذني معك)).
وفي المثل الكردي: feqîrî zingora mêraye وترجمته: ((الفقر يجعل الرجل الشجاع صدئا)).
فماذا يجب أن يكون إذاً؟.
المفروض(أو الواجب) أن يكون الحال غير التي هي عليها، قبل أحداث الثاني عشر من آذار 2004، وبعدها أيضا.
 المفروض(أوالوا جب) أن السلطة هي في خدمة الشعب لقاء ما تتمتع به من صلاحيات مختلفة ومنها الحكم. هذا ما أصبح الأساس لمنهاج وشرعة حقوق الإنسان المقررة من كل العالم، ومنها السلطة الحاكمة في سوريا.، وأن يكون الحكم بالتشارك وفق صيغ ديمقراطية المفروض أن كل مجموعة بشرية تتميز عن غيرها بخصائص معينة(عرقية أومعروفة..! اعتقادية…) ينبغي أن تعيش وفق ما تقررها هي لنفسها، عبر آليات أصبحت معروفة،ولكن أصحاب الذهنية المستبدة (والذهنية العروبية واحدة منها بكل أسف) يتجاهلونها؛ بتأثيرات مصلحية يؤدلجونها كما يشاؤون…! وبدلا من أن يستفيد أصحاب هذه الذهنية من تراث مملوء بقيم ذات بعد إنساني هو (الإسلام)، حوّلت صورة الإسلام نفسه إلى صورة مشوّهة، ارتبطت بالإرهاب- وبغض النظر عن صحة أو بطلان ادعاء المدعين..!(فقد كاد أن يصبح واقعا).(2)
وذلك كله، بسبب الأسلوب الذاتي المرتكز إلى البعد المصلحي للحكام، وحاشيتهم، والمتمسحين بهم أيضا.! (وهؤلاء؛ قد يكونون أخطر من أي شيء آخر على مصلحة الوطن وشعبه..!).(3)
هذه الحقائق لا تنسينا دور الخارج السلبي والمستمر لتحقيق مصالحه. ولكن يبقى أن الذين لا يحسنون حماية مصالح الشعب والوطن وهم في موقع المسؤولية عنها واقعا، هم المسؤولون أولا وأخيرا عن التردي الذي وصلت إليه،بخلاف ما تنشره وسائل إعلام النظام التي تشير دوما إلى انتعاش لا ينعكس على حياة المواطن منه شيئ..!
هذا هو منطق المسؤولية…!!!!
هؤلاء العروبيون يظلون يتهمون الدنيا بأسرها بكل الصفات،و النعوت الممقوتة:
-ازدواجية المعايير…!
-التحيز…!
-الظلم القهر…!
-النزوع الاستعماري لـ( استغلال خيرات الشعوب). – التلاعب بالحقائق راهنا وتاريخا…. الخ.
ولكنهم لا يتذكرون – أو حتى لا يريدوا أن يتذكروا- بأن تأمل مسيرة الحياة، ونتائجها، وتحليلها، عبر نظرة نقدية في مستواها، هي: (ضرورة يقتضيها، الحرص على حسن المسير(التقدم)..! خاصة بالنسبة إليهم، وإن هذه الحالة هي ذاتها التي تعيشها نظام الحكم لدينا…! فمثلاًً: فيما يتعلق بالوحدة الوطنية ، وكون الشعب الكردي( قومية من نسيج المجتمع والوطن السوري ،و…و…الخ). تظل رموزها السياسية والثقافية تردد:
نعتز بصلاح الدين الأيوبي.. ويوسف العظمة.. وإبراهيم هنانو.. و.. إلا أنهم في الوقت ذاته يجدون في أولادهم وأحفادهم، إما عملاء للغرب، أو لإسرائيل، أو.. الخ.
المهم أن يجدوا تهمة يبنون عليها تبريرهم لإيذائهم، وحرمانهم من حقوقهم المختلفة،والتي قررتها لهم ولغيرهم الشرائع والقوانين.وربما ممارسة لدواعي سيكولوجية غير مقبولة.
ألم يزجوا بالآلف في السجون بعد أحداث 12 آذار ؟!.
ألم يمارسوا تعذيبا مخالفا للقيم والشرائع الإنسانية بلغ في بعض الحالات حد الموت تحت التعذيب ؟!.
ألم يحاولوا دوما القفز فوق حقائق الواقع بتجاهل الشكاوى والدعوات إلى التصحيح ومعالجة الأخطاء والفساد….؟!.
(والغريب أن هؤلاء ((العملاء أو المرتبطين بـ…)) هم أنفسهم الذين يكونون في اخطر المواقع العسكرية- في الخدمة الإلزامية، (ومع إسرائيل التي يُتّهمون بالعمالة لها)… بسبب الثقة بكفاءتهم، إخلاصهم، ومصداقيتهم في الأداء العسكري – حربا أو سلما- بل إن المرافقات وحمايات الضباط وحراسهم …الخ هم من الكرد غالبا للأسباب ذاتها…!)
وربما يعتبر بعضهم ذلك غباء من هؤلاء الكرد لأن فيهم هذه المزايا، من يدري …!
بل وربما هذا هو السبب في قول العروبيين عنهم: بتستكردني..! تعبيرا عن هدوئهم وربما خضوعهم أيضا…! علما بأن الأصل -كما قال السيد د. فريد سعدون- يتعلق بسلوك الكرد في مصر حيث كانوا يتسامحون مع الباعة والتجار في فضل ثمن ما يشترون ، فوافق ذلك هوى هؤلاء التجار، فبادروا إلى زيادة الأسعار.فأصبح أهل مصر يقولون :بتستكردني؟ أي هل ترى فيّ كرديا فتزيد في السعر معي؟! )
هذه الحالة عن واقع مجريات الأمور في البلد، وما يتقاطع معها، هي التي كونت المناخ الملائم لأحداث (12 آذار2004) بغض النظر عن التسميات المختلفة لها، (وهذا من مظاهر قصور أحزاب الحركة الكردية ومثقفيها) فأحداث بهذا الحجم من التأثير ((على شكل حراكات رافضة ومظاهرات مستنكرة, لتنقل القضية الكردية إلى مرحلة جديدة لم يعد فيها بالإمكان إنكار الوجود القومي الكردي)) بحسب بيان مجموعة التحالف والجبهة…و((, وكانت انتفاضته في آذار 2004 , دليلاً ساطعاً على وجود قضية كردية , كأرض وشعب , وان حلها يشكل مدخلا حقيقيا للتغيير الديمقراطي في سوريا , وعاملا للاستقرار والتعايش المشترك في وطن تشاركي وتعددي)) بحسب بيان حزب يكيتي وتيار المستقبل.وكلا البيانين منشورين على الانترنيت.
أحداث بهذا التأثير لا ينبغي أن يعبر عنها بعدد من الأسماء المتناقضة، وربما المسببة للاختلاف في فهم دلالاتها، حين دراستها و حين تقييمها،وقد ينعكس ذلك اختلافا في التعامل معها.
فقد ورد اسم(أحداث آذار الدامية) واسم(فتنة) في بيان (4)
وورد اسم (انتفاضة شعبية سلمية) كتوصيف، واسم (يوم الشهيد الكردي) و(انتفاضة آذار) في بيان(يكيتي و التيار).
من جهة أخرى، فإن استخدام تسمية(الحركة الكردية) للتعبير عن الأحزاب الكردية في نضالها، أيضا تسمية فيها ضبابية- وربما مقصودة من الأحزاب أو بعضها- وإنني أتساءل:ما هي الدلالة الدقيقة التسمية، والتعبير العملي عنها؟!.
ونعود للقول:
(واقع مجريات الأمور في البلد بما فيه من مكبوتات؛ أنتج نموا دائما بالشعور المستمر بالغبن والإيذاء بكل تجلياتها منع اللغة والثقافة الكرديتين والحرمان من التعلم بها….ومنها:
التعامل مع الكرد كمواطنين من الدرجة الثانية، وأكاد أقول الثالثة أيضا، في مختلف جوانب الحياة، ومنها:
حرمانهم من التوظيف- خاصة في المراكز الإدارية ….
حرمانهم من الترخيص للعمل الحر،أو حيازة الملكية… إلا قليلا..
منعهم من الاحتفال بأعيادهم الخاصة (القومية والاجتماعية…بشكل طبيعي وحر
حرمانهم من الانتساب للجيش (التطوع)….
حرمانهم من شغل الوظائف العامة والكبرى في الدولة…
التعامل الأمني مع كل تحركاتهم اليومية….الخ.
وتوِّج ذلك بالإحصاء( العجيب والغريب) عام 1962، وتجريد أكثر من (120) ألف مواطن كردي من حق الجنسية، بتهم كانت باطلة، نسجتها حينها عقول شوفينية ، ولا تزال امتدادات هذه العقول الشوفينية تنسجها، وتتفنن في هذا النسيج …!وقد أنتج ذلك جلب مستوطنين عرب إلى المناطق الكردية(مشروع الحزام العربي) للتأثير في ديموغرافيتها، والزعم فيما بعد؛ بأنها أرض عربية،كما هي العادة …!
هل هذا السلوك السلطوي(الأيديولوجيا الاشتراكية) ذو معيار مبدئي-أخلاقيا-؟ أم هو سلوك تقدمي بكل المعاني؟ هل هو يستند إلى الواقع أم هي تمنيات أيديولوجية(خيالية) وفيها تجاوز للقيم الإنسانية الواضحة..؟!
ولذا فإننا لا نستغرب حالة التخلف التي كرسها أصحاب هذه الذهنية (الطوباوية) منذ القدم ولا يزالون يعيشونها ، على مدى 14 أربعة عشر قرنا،على الرغم من توفر الفرصة خلال هذه المدة لقيادة المجتمع الإسلامي…!وهم في محاولة تعويض دائم لهذا الشعور، فيهربون إلى الانتحال دائما بأساليب شتى وخاصة فيما يتعلق بلإسلام،فعلى الرغم من التشددعلى عروبتهم؛يستسهلون تجريد الآخرين منالشعور بالانتماء القومي أو غيره، وينسبون كلما أبدعه غير العرب في سياق التاريخ الإسلامي إلى أنفسهم..:
الأبطال والقادة من غير العرب(طارق بن زياد البربري ،صلاح الدين الأيوبي ،إبراهيم هنانو الكرديين….الخ) يقدمون في الأدبيات على أنهم عرب،المنجزات الإسلامية الفكرية والفلسفية والأدبية والتي أنتجتها عقول وضمائر أبناء شعوب أخرى(الفارابي،ابن سينا،أبو حنيفة، البخري،مسلم..الخ) تقدم على أنها عربية…!(5) ولولا أن الله كان يقيض للإسلام من يصونه ويذود عنه، فربما انتهى إلى ما انتهى إليه اليوم باكرا..! (انظر التاريخ الإسلامي- والتاريخ العربي جزء أساسي منه – لترى مصداقية هذا القول أو الزعم إن شئت…!).
أحيانا يستخدم بعضهم عبارة مؤداها: (( قضية صحيحة يدافع عنها محام فاشل)).
ولعلها تنطبق أكثر ما تنطبق على العروبيين في دفاعهم عن الإسلام بصورة غير متوافقة مع الفلسفة الإسلامية ذاتها؛ بقدر ما هي مرتكزة إلى أسلوب انتقائي لعناصر تكوين الفلسفة الإسلامية. مما يؤدي إلى تشويه حقيقته كدين أممي( كوني).
هذه الذهنية أفرزت حالة، فيها بعض غرابة، فهي تصر على أن تسمي كل منطقة، أو أرض، حل بها عرب أو مروا فيها…على أنها أرض عربية…!
وكل من سكن في أرض حكمها عربي يوما ما، حتى ولو كان باسم الإسلام؛فهم عرب، شاؤا أم أبوا ( ودون أن ينالوا شرف الانتماء إلى العرب..!!!)فكل ما دق الكوز بالجرة، هم إما موالون لهذا العدو أو ذاك… ولا يهم الدليل ما دامت التهمة من حياكة عربية…!! ويبررر أصحابها لأنفسهم كل إجراء وتدبير ضد الآخرين ،حتى لو كان متجاوزا على حقوق الإنسان…(الحزام العربي،إحصاء 1962….) ويسميها أصحاب هذه الذهنية بأنها أخطاء ارتكبت..!! 300ألف يعيشون بسببها المعانة والحرمان من الحقوق الأبسط(بطاقة الهوية النوم في فندق مثلا،البطاقة التموينية، استلام شهادة بكالوريا نجح فيها بحجة عدم وجود هوية ممنوعة علية من قبلها…(ألقاه في اليوم مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء) !!!!
ذهنية، ظللت طويلا أتأمل ماهيتها، فلم أقع على شبيه لها، وحاولت أن ألتمس حججا لتبريرها، فلم أقع على سند من المنطق أو الواقع أو الشرائع أو التجارب أو التاريخ…! فقط المبرر نفسي(أيديولوجي)!!
تذكرت قولا لأحد المثقفين من غير العرب – فحواه: من أسباب مشاكل العرب؛ لغتهم…! وقد اعترضت عليه حينها ، ولكني راجعت نفسي، وحاولت تحليل هذا القول، فوجدت أن الصيغة الأدبية التي تتميز بها هذه اللغة، قد تكون فعلا من عوامل غموض وإبهام المفاهيم، في هذه الذهنية التي يغلب الطابع الأدبي (الخيالي) عليها؛ عند التعبير عن الأفكار، والمفاهيم ذات الخصوصية العلمية والفلسفية …الخ.
ووجدت أن هذا التحليل قديم يعود إلى فلاسفة غربيين، وكنت انساق مع الاتهام القائل أن الغرب يعادي العروبيين فكنت أرى ذلك دليلا ضد الرأي الغربي ،ولكن التحليل يوحي بشيئ من الصحة لهذا الرأي – بالرغم من عدم رضاي – فالعرب – في الحصيلة هم مادة الإسلام وحملته- ويؤذيني كمسلم، أن يوصفوا هكذا… ولكن ما العمل إذا كانوا هم يصرون على الرضا بما هم فيه؟! ولا يقبلون من أحد نقداً، أو رأيا، أو نصيحة، أو غير ذلك؟!.
وتوصلت إلى استنتاج: إن الرغبة العارمة لدى أصحاب هذه الذهنية في تنسيب كل الأمور –الأرض والشعوب والناس ..- إلى العروبة ربما من العناصر المتسببة عن ذلك،فلو قرأنا التاريخ العربي عبر الكتب المتداولة في المناهج المدرسية خاصة نلاحظ ذلك فمثلا:
السومريون،الكنعانيون، الآشوريون،السريان،الكلدانيون الأكراد، الفينيقيون، المصريون القدماء،….ألخ جميعهم عرب.
وعندما نعود إلى هؤلاء، نجدهم قوميات مغايرة للعرب، لكل منها: لغتها الخاصة،وتاريخها وأدبياتها الحياتية المختلفة عما لدى العرب،ولها مشاعرها، وأمنياتها، وطموحاتها، وأحزابها القومية، ولها فهمها الخاص لأصولها، ولها معاناتها من الأسلوب العروبي في التعامل معها (تجاهر بكونها عربا،شاءت ذلك أم أبت، وتتهمها في كل مناسبة بولائها لغير العرب. والكرد أبرز مثال. أو((الأكراد العرب)) كما ورد على لسان عضو تطوير فكر حزب البعث(د.أحمد الحاج على )….!!
والأغرب، القدرة على المضي في الاتجاه نفسه، حتى وإن ظهرت الأمور بخلاف ما يحللون ويتمنون أو حتى يعتقدون…! غريب صبر هؤلاء على تسميع أنفسهم ما يشاؤون، وتصديق ما أسمعوا أنفسهم …!!!
هذه حال كثير من المحللين العروبيين – وأكاد أقول العرب – الذين يحملون ألقابا تخرق الآذان…(دكتور في القانون الدولي، مدير مركز الشرق أو الغرب …خبير في الشؤون الاستراتيجية … مدير مركز الدراسات الدنيوية والأخروية…الخ.
ويبدو أنهم في الغالب من موفدي حكوماتهم الشمولية أو ذات الأسلوب القبلي في الإدارة…الخ، وفق أسلوب المحسوبيات، التي تكرست بسبب الذهنية إياها، والتي لا تزال تعيش الحالة القبلية في ممارستها-بكل أسف – (باعتراف المنصفين منهم، والذين يكثرون هذه الأيام-ومن حسن الحظ- ونحن نقدر لهؤلاء الوعي المتنامي بواقعية لعلها سترد بعض ما فقدته بسبب ما كان من الأسلوب القديم…!).
هذا المناخ من الواقع، ومن التاريخ، ومن التفكير …الخ؛ هو الذي أنتج أحداث 12 آذار 2004 (أحداث قامشلو).
هذا المناخ التاريخي، والواقعي، والمتخيل… أيضا.! هو الذي أنتج الآليات الذهنية التي لا ترى في التعامل سوى النقيضين غير الممكن تعايشهما:
إما قامع أو مقموع، إما أن تسود أو لا يسود غيرك، إما أنا أو الطوفان. الخ. وهذه الآليات الممارسة هي التي أنتجت أحداث 12 آذار 2004 وما تلاها أيضا ….!وستظل تفرخ المشاكل ما لم تصحح…!
في كتابه ((سجناء بلا قضبان-محنة الأكراد في العراق)) يقول الصحافي (ياسر فرحات) في المقدمة:
(( من الإنصاف الاعتراف بداية ..أننا مذنبون في حق هذا الشعب.
لم نقف معه في كارثته..ولم نسانده في محنته..ولم نتضامن معه في تصديه للطاغية.
ضاقت أمامهم صدورنا وديارنا..فتجاهلنا عن عمد ما تعرضوا له لسنوات عدة من حملات إبادة اعترف لها الجميع بأنها من أفظع ما تعرض لها شعب في التاريخ على مر العصور)). ص3
((وإذا كان العرب والمسلمون ينددون بإسرائيل حاليا للممارسات التي تقوم بها من طرد السكان العرب والفلسطينيين وإحلال اليهود المهاجرين محلهم، فإن السلطات العراقية قامت بأبشع من ذلك فقد شهد الأكراد حرمانا من جميع الحقوق التي تكفلها لهم جميع القوانين الوضعية والسماوية…. ص9
((وطرد أكثر من ربع مليون كردي بتهمة عدم التمتع بالأصالة العراقية تحت حجة أنهم هاجروا إلى العراق قبل قرن من الزمان ومصادرة أموالهم المنقولة من قبل سلطات البعث. ص10
((إن الآمل معقود على التضامن العربي للوقوف مع الأكراد والدفاع عنهم ليعودوا إلى ديارهم وصدق الله العظيم إذ يقول(( إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا)) ص16
ولقد ولقد أوردت المقتبس من هذا الكاتب العربي، للمقارنة بين ما عاناه الكرد في العراق وما يعانيه الكرد في الدول الأخرى ومنها سوريا، وكيف أن المعاناة متشابهة، وإذا اختلفت فهي في المدى لا النوع؛فالذهنية –بالرغم من الاختلاف الحزبي- تتغذى من معين تربوي وأيديولوجي واحد.!
ولا يخامر الشك أي محلل لأسلوب البداية في الأحداث(12 آذار 2004) بأن:
قوى ذات صلة بالسلطة هي التي مهدت لحدوثها لتتخذ منها ذريعة في ضربة قاصمة لمعنويات الكرد بعد إذ أنعشتها تغيرات دولية ومنها ما حصل في العراق ، ويوغوسلافيا وغيرهما…ولكن الكبت المزمن في أعماق أبناء الشعب الكردي وبعض وعي استقاه من مجمل الظروف المستجدة والحاصلة، ومنها بعض دور للأحزاب الكردية أيضا، فجرت النفوس وأحدثت هبة –بلغة سليم بركات-لم تكن متوقعة ممن افتعلها، يذكرني هذا السلوك بكلمات أغنية تقول: والنار ما تحرقإلا بموضعها.! وكأنها لسان حال هذا الحدث…!
حدث الحدث –بغض النظر عمن افتعلها- واستشهد من الشباب العشرات، برصاص حي كان المحافظ يطلقه ويطلب من الشرطة والأمن فعل ذلك .. وجرح العشرات ..ومات تحت التعذيب معتقلون على خلفية هذه الأحداث عدد من الشباب الذين اعتقلوا بالآلاف…! فماذا كانت النتائج على صعيد السلوك السلطوي بعد هذا؟!
لا محاسبة مسؤول..! لا اعتذار لمقتول..! لا تعويض عن خسارة..! لا اعتراف بالخطأ..! لا اهتمام بالأمر كله سوى من ناحية أمنية تخصها فقط..!
ولكن لا بد في هذا المقام، أن نذكر بالتقدير،إجراءين من السيد الرئيس د.بشار هما:
1- تصريحه الذي لم يصدر مثله في سوريا قبلا من مسؤول أول، وهو إن الأكراد قومية خاصة من النسيج التاريخي والوطني لسوريا.
2- إصداره عفوا عن الذين اعتقلوا على خلفية أحداث القامشلي.(مفوتا فرصا على بعض المتصيدين لمناسبات كهذه لغايات حقيرة)
وكنا نتمنى عليه أن يستكمل ذلك بمحاسبة المتسببين بالقتل والتعذيب، وإصدار قرارات صارمة في هذا الجانب بما يحمي حقوق المواطنين الإنسانية على الأقل.
ولكن الذي ساءنا وأثار الاستياء لدى الكرد فعلا تصريحه لمراسل جريدة تركية بأن لا مشكلة سياسية للأكراد في سوريا مختصرا ذلك في أخطاء حصلت أثناء إحصاء 1962 وسوف يعمل على تلافيها..!!
يسهل لدى العروبيين عن عمل طيّب بادروا إليه،ولكنهم يجدون أقصى صعوبة في إصلاح ما أخطؤوا فيه ومهما كان بالغا..
في فترة قريبة من تاريخ الحدث، حصلت مظاهرة في لبنان، وأحرق المتظاهرون بناية من ستة طوابق تعود لإحدى وزارات الدولة<الشؤون الاجتماعية>، وقتلت الشرطة اللبنانية بعض المتظاهرين وجرحت البعض الأخر، وغير ذلك… فما الذي حصل؟
تعهدت الدولة بالتعويض على المقتولين برصاص الشرطة، وتعهدت المجروحين بالمعالجة حتى الشفاء والتعويض على المتضررين منهم…)
والسؤال الذي يطرح نفسه:إذا كانت السلطة فعلت هذا، فما هو دور الأحزاب الكردية حينحصول الأحداث وبعدها؟!
ألم تعبر عن عجز في احتواء الأحداث؟ فتركت الجماهير الغاضبة تسيّرها عفويتها المكتنزة بتراكمات المكبوت من جراء الضغط المستمر ،وبأشكال مختلفة عليها؟!.
ألم تتخذ بعضها مواقف سلبية بححج لا تعجز عن اختلاقها؟!
ألم تترك ظهور هؤلاء الشباب –سمهم ما شئت،طائشون، غير عقلانيي،غير مقدرين للعواقب…الخ_ ألم تترك ظهورهم للعراء ولوحشية بعض الشوفينيين الذين يتحكمون في جوانب من شؤوون الوطن؟! ألم….؟ وألم…..؟!!!! بل ألم يعبروا عن عجز ينبغي أن يقفوا عنده ويعالجوه بدلا من الكتابات الوعظية المستمرة للسلطة ولموطنيها؟!!!!
ومع ذلك فإن هؤلاء الشباب الذين قاموا بـ((حراكات رافضة مظاهرات مستنكرة لنقل القضية الكردية إلى مرحلة جديدة لم يعد فيها بالإمكان إنكار الوجود القومي الكردي…)).(6)
لم يتصرفوا بعيدا عن المسؤولية تجاه المواطنين وممتلكاتهم، سوى ما كانوا يشعرون<بحسب تقديرهم> بأنها رموز سلطوية هي السبب في معاناتهم واضطهادهم. ونحن -بلا شك- لسنا متفقين مع أسلوب الحرق أو التهديم أو غير ذلك، إلا أن ذلك لا ينفي أنهم كانوا منضبطين أكثر مما يتوقع، في مثل هذه الحالات في التعبير عن الذات الهائجة(سيكولوجية الجماعة)…!
شباب لا يتجاوزون العشرين سنا، في الأغلب،تنفجر فيهم المكبوتات المتراكمة بتأثير شرارة الملعب والهوى الرياضي وحب فريقهم المحبوب منهم..وأنباء عن ضحايا( شهداء وجرحى…الخ) ولا ينزلقون إلى سلوكيات مشينة،كالسرقة أو إيذاء الغير، أو الخروج عن الإطار السياسي في العموم….(7)
أليس هذا السلوك المسؤول منهم جديرا بالتقدير والإشادة بل والتحليل أيضا ؟!
أين فعالية هذه الأحزاب في تربية سياسية مسؤولة تحتوي فعاليات الشباب بشكل أو بآخر؟!(فعالية ثقافية، فعالية رياضية، فعالية فنية…الخ إضافة إلى ثقافة سياسية حكيمة المقصد والسلوك والاستراتيجيا أيضا؟!!)
وفيما بعد،وفي الذكرى الأولى لأحداث 12 آذار 2004 (في 12/3/2005) كنا متلهفين لقيام الأحزاب الكردية بعمل يحفظ للذكرى قيمتها،ويصحح المسار في الخطوات الأخرى،مستفيدة من الأخطاء معتبرة بما حدث ، فماذا كان؟
خلافات بين الأحزاب الكردية، مهاترات ، مزايدات حول من هو وطني أكثر، أو حكيم أكثر، شعارات لم تكن صالحة للتأثير المنتج على الجماهير التي يغلي في أعماقها التحفز والتوثب، وتحتاج إلى من يقودها إلى حالة ما،فكانت تجربة لم تكن على مستوى المطلوب كما هي–غالبا- العادة لديها وللأسف.!
في حالة الهدوء يكثر الحديث عن التلاقي وتكوين النظرة الموحدة لعمل كردي عام،(التحالف، الجبهة،هيئة قيادة التحالف والجبهة، حوار قومي لتوحيد الخطاب السياسي…الخ) وعندما يجد الجد لا نرى سوى خلافات ومنافسات على استقطاب الشارع بدون عمل مادي(الفضاء الخالي)أو(اللاشيء) بتعبير الروسي (مكسيم غوركي) مؤلف رواية( الأم) الشهيرة.
وهنا نريد أن نتجاوز الماضي بكل مآسيه… ،وخيراته إذا وجدت. ونسأل:
ما الذي هيأته لنا الأحزاب الكردية في الذكرى الثانية لأحداث 12آذار لهذا العام؟!
هل ستصر على الاختلاف في تسميتها؟ هل ستصر على الاختلاف في أسلوب إحيائها؟!
هل ستتناسى شهداءها وضحاياها؟! وتسميها حركة مجموعة((شباب زعران)) بحسب ما همس بهذه التسمية مسؤول كردي في أذن أحد السياسيين المعارضين كما ورد في مقال للاخير؟!
هل ستستثمرها لغايات حزبية خاصة وتصبح مادة للمزايدات أيضا؟!
أم ستسعى هذه الأحزاب- وهو ما نتمناه- إلى الجلوس معا وبحضور جمع خير من المستقلين الذين يطمئنون إلى وعيهم ومصداقيتهم الشعبية، لتقرير ما هو مفيد لصالح الشعب الكردي وجميع مواطني الدولة السورية؟!
هل الصيغة التي وردت في البيانين في مستوى الحدث أو الأحداث؟
ما الذي منع أن يكون البيان واحدا، معبرا عن وحدة الهدف والإرادة السياسية وموحيا بالأمل للجماهير التي تظل تخاطبها في أدبياتها ، وقد تلحق بها وصف ((العظيمة))…؟!
هل سيتحقق ما ورد في البيانين على الأرض بفعالية؟ أم سيكون المصير كما كان في حالات أخرى يكون البيان هو البديل عن التطبيق؟! ويكون المعني بالتطبيق فقط هي الجماهير دون أعضاء الأحزاب، وخاصة القياديين منهم؟!
سنرى وإن غدا لناظره قريب…..!
ibneljezire@maktoob.com
——-
حواشي:
1-لم تتفق حتى هذه اللحظة،الأحزاب الكردية على توصيف لهذه الأحداث ونحن نسأل:
ما هي دلالة التسمية أو التوصيف الذي تتبناه الأحزاب الكردي؟بــــ:
– الأحداث؟! الانتفاضة؟!الفتنة؟! …الخ؟!.
– ولهذا فقد لجأت إلى بعض المعاجم لعل ما ورد فيها حول معاني التسميات تتوضح لدى القراء:
– من الكليات لأبي البقاء:
آل عمران: 7 حتى لا تكون فتنةوالفتنة أيضا :الشرك
والإضلال: آل عمران:7ابتغاء الفتنة
 أن يفتنكم الذين كفرواوالقتل: النساء:101
المائدة:49 واحذرهم أن يفتنوكوالصد:
ومن يرد اللهوالضلالة المائدة:41فتنته
الأعراف:55 إن هي إلا فتنتكوالقضاء
ألا فيوالإثم: التوبة:49الفتنة سقطوا
التوبة:126 يفتنون في كل عام والمرض:
والعبرة: يونس:85 لا تجعلنا فتنة 
النور:63 أن تصيبهم فتنة والعفو:
والاخت العنكبوت:3 ولقد فتنا الذين من قبلهم بار:
جعل فتنةوالعذاب: العنكبوت:10الناس كعذاب الله
الذاريات:13 هم على النار يفتنون والإحراق:
القلم:6 بأيكم المفتونوالجنون:
والفتنة أشد منقيل في قوله تعالى: البقرة:191 أن المراد النفي من البلد.القتل
وفي مختار الصحاح لا يزيد عن هذا المعنى بالإجمال.
…….
من مختار الصحاح للرازي
أ‌- ن ف ض-(نفض) الثوب والشجر من باب نصر أي حركه لينتفض.
ب‌- ح د ث-(الحديث) الخبر قليله وكثيره وجمعه أحاديث….و(الحدث) بفتحتين و(الحدثى) بوزن الكبرى و(الحادثة)و(الحدثان) بفتحتين كله بمعنى.و(استحدث) خبرا وجد خبرا جديدا…
ت‌- ﻫ ب ب-(هب) من نومه إذا استيقظ منه……و(هب البعير) في السير أي نشط.و(هبهب) النجم تلألأ.
و(الهبة)الساعة.والهبة هياج الفحل.و(هبت) الريح تهب بالضم(هبوبا) و(هيبا) أيضا
3- لا يختلف اثنان على أن النفاق والتملق وغيرهما من الصفات الذميمة لا تخدم تطور الشعوب
ولا الأوطان. يروي ……عن الشاهنشاه المقبور محمد رضا بهلوي أن قال ما معناه (( لم يكن خروجي من أيران ..بفعل قيادة آية الله الخميني وجماعته،بل كان بسبب مجموعة من المرتزقة من عبدة الذات المتملقين العاملين في القصر والأجهزة العليا التابعة له، تلك المجموعة التي وضعتني رهينة في القصر بدافع التقديس والإجلال …وعزلتني عما في الشارع، أو بالحرى عزلتني عن الشعب. فهؤلاء كانوا وسيكونون آفة كبرى لكل القادة الذين لا يفكرون في انعتاق أنفسهم من هذا الطوق بدوافع واهية غير مقبولة في عصرنا الجديد. كما أضيف بأن سادة الغرب المتكمين لحد الهيمن التامة على كثير من قادة النظمة في العالم الثالث،نظرة هؤلاء إلى حليفهم من هؤلاء القادة لا تتجاوز من حيث القيمة والتقدير عن نظرة مستعمل المنشف الورقي…..فليتعظ من يهمه الأمر من مصير أمثالي)) وقيل أنه مات بعد عدة أيام.
(نقلت هذه المعلومة من مقال عبر للإتعاظ،بقلم عبد الرحمن علاء النقشبندي) والمنشور فالعدد 973 من صحيفة خه بات
لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق)
4- بيان موقع من التحالف الكردي والجبهة الكردية وحزب الوفاق الكردي والحزب الكردي السوري
5- لمست ظاهرة الانتحال في أدبيات العروبيين بطريقة تبعث على التساؤل: لماذا هذا الاتجاه في التفكير؟!
هل يمكن طمس الواقع بهذا الأسلوب المؤذي لهؤلاء قبل غيرهم؟! من الروايات الطريفة، أن بعض أبناء قبيلة اسمها المحلمية في القامشلي كونوا موكبا مر أمام منصة المرحوم عبد الناصر أثناء زيارته للقامشلي،ضمن المواكب الأخرى ..وعندما وصل الموكب أمام المنصة قال عريف الحفلة : والآن يمر موكب عشيرة المحلمية الكردية…! فاحتج مقدموا الموكب ،إننا عرب ناصريون..!!!
هذا الأسلوب يسيء ولا ينفع ،والوقع يؤكد ذلك، ولكن هل سيقبل العروبيون بالواقع؟! أم سيظلون متمسكين بأسلوب أيديولوجي ((لا يسمن ولا يغني من جوع))؟!.
6- بيان التحالف والجبهة وآخرين المذكور سابقا
7- يدل هذا الإنضباط والشعور بالمسؤولية أخلاقيا، وممارسة صيغة سياسية في السلوك على مدى الاستعداد الموجود فعلا لدى الشباب الكردي إذا وُجد من يستثمره إيجابيا من إدارات كردية أو حتى النظام – إذا أحسن السلوك الديمقراطي الموحي بالثقة والموفر للحرية ..-
……………………………………………………………………………………………………………………………………..
……………………………………………………………………………………………………………………………………..

ذكرى انتفاضة الثاني عشر من آذار 2004 !!

محمد قاسم(ابن الجزيرة) Sunday 16-03 -2008
ظننت أني لن اكتب عن مناسبة 12 آذار –الانتفاضة- لأني شعرت بان الكتابة عنها أصبحت مملة وروتينية-بالطريقة المألوفة كرديا- على شكل بيانات باهتة حزبية،وكتابات سطحية –في الغالب –من بعض كتاب لا يملكون تقنية التحليل والاستنتاج.. واقتراح الأفكار الملائمة..بقدر ما يعبرون عن مشاعر تنتابهم، وتفيض في وجداناتهم؛ بمناسبة يرون فيها تميزا وانعطافة في تاريخ النضال السياسي الكردي في سوريا.. سواء من حيث الشكل الذي تمت به الممارسة،أو بالنتائج التي أفرزته عبر اعترافات من أعلى هرم السلطة بالوجود الكردي القومي والسياسي..-وهم في ذلك محقون-.!
كنت آمل ان أن تبادر الأحزاب الكردية في سوريا الى مبادرة تتمخض عن تشكيل هيئة من المثقفين الحزبين والمستقلين –من ذوي التجربة، والتقنية الكتابية التعبيرية، وغزارة المعلومات ..لتناول الحادثة-12 آذار – التي فرضت نفسها كتسمية –انتفاضة –على الأدبيات الكردية الحزبية وغير الحزبية –على الرغم من محاولات غير موفقة ؛لإبقائها تحت عناوين صغيرة-فتنة،حدث- حدث دامي- أحداث القامشلي-أحداث قامشلو…الخ.
(ولا ادري لماذا قامشلو هذه.؟ فإن كانت تسمية القامشلي من القامش-النبتة التي تصنع منها بردعة الخيل،أو كانت تغطى بها الأسقف في المنازل الريفية ..-فربما تسمية ” قامش لي ” أو “قامشلي”هي الأصح والأدق ..تعبيرا عن -المكان الذي يحوي القامش-.! والبعض يعتبر كلمة قامش تركية،وهذا لا ينفي ان استعمالها كردي أيضا، ونرجح ان اللغة الكردية غالبة في أصالتها من اللغة التركية المستحدثة بمجهودات “كمالية”
أما ماذا تعني قامشلو؟
فبتقديري ليست سوى شكل تعبيري آخر، كان يرد على ألسنة بعض الناس مثلا قد يسأل أحدهم:
-أين تذهب يافلان؟
– سأذهب الى قامشلو..
وربما سرت هذه “الواو” لأنها داخلة في صيغة مختلف الكلمات التصغيرية أو التحقيرية في اللغة الكردية، ليس إلا..).فـ”محمد” يصغر الى “حمو”. و”علي” الى “علو”.و”كمال” الى “كمو”…الخ.
والاختلاف على التسمية –بالذات- يعكس تخلف الذهنية النضالية لدى الأحزاب الكردية؛عن مسيرة الأحداث- فقد مرت أربعة أعوام حتى استقرت التسمية “انتفاضة”-هذا اذا كانت قد استقرت فعلا-.
وربما دل هذا على أن الجماهير تسبق في وعيها بالمسؤولية، واستجابتها للأحداث؛قبل بعض الأحزاب ان لم كلها.. وبمستوى عال من الشعور بالمسؤولية السياسية..! وهذا يستدعي من الأحزاب ان تعيد النظر في واقعها،وتصح الخلل في أساليبها،فهي –في النهاية –المسؤول الأول والأخير سياسيا عن جماهيرها-مهما كانت الظروف..!
وإذا استثنينا تلك الحالات المتجاوزة من حرق و تخريب..وغيرها،وهي جميعا نالت رموزا سلطوية، كانت تمثل في ذهنية هذه الجماهير تجاوزات إنسانية –معاملة مسيئة،تعذيب في دوائر أمنية،ابتزاز في دوائر…الخ..ونحن لا نؤيدها بطبيعة الحال، ولكنها طبيعية في مثل هذه الأحوال التي يهتاج فيها الجمهور..وقد حصل الأمر نفسه –في تلك المرحلة المتزامنة معها – في لبنان حيث تم إحراق بناء مؤلف من ستة طوابق يعود لوزارة الشؤون الاجتماعية… وغيره.وقد قتل البعض وجرح آخرون. فماذا كان الموقف من الحكومة في كل من لبنان وفي سوريا..؟!
ما حصل في لبنان ان الحكومة تولت معالجة الجرحى والتعويض عن تعطيلهم..والتعويض عن القتلى…أما في الحكومة السورية فسجنت الجرحى واتخذت من جروح البعض دلالة على الاتهام بالمشاركة في الانتفاضة؛ لتسجنهم.. وسجنت كل من شارك –ولم يشارك بمجرد اعتراف تحت التعذيب،أو محاولة انتقامات اجتماعية….ومن الحط الحسن ان رئيس الجمهورية استدرك الأمر فأصدر –حينها –أمرا بالإفراج عن الكثيرين،وكانت خطوة معبرة لو أنها استمرت واستكملت..في اتجاهها..المأمول..!
مع ان هؤلاء المنتفضين لم يمدوا أيديهم الى مال، أو دار أحد من المواطنين –وفي هذا دلالة ينبغي ان تدرس كظاهرة ..- ولم يؤذوا مواطنا،ولم يمدوا اليد الى سرقة متاحة من أموال:نقدية أو عينية..!
لقد كان السلوك السياسي الراقي، يعيش في ذهنيتهم في تلك اللحظة؛ رغم صغر سن الكثيرين منهم..!!
إنها مفخرة للشعب الكردي (السوري) –وبدرجة ما للأحزاب أيضا – فهي –في النتيجة مصدر التربية السياسية أساسا..إضافة الى تطور الوعي الثقافي الذي بدا ينافس الوعي السياسي في الأحزاب؛ ما لم تتدارك أمرها، وتبدل في وسائلها: تطويرا وتوافقا للظروف المستجدة..!
غالبية الأحزاب على الساحة والتي جعلت ديدنها،تدبيج البيانات الرصينة، والمداخلات الهادئة إشعارا بمدى وعيها الحزبي..السياسي،وكأنها نسيت ان الأدوات الحزبية الكلاسيكية لم تعد قادرة على التأثير، فكريا ونضاليا على الجماهير، في ظل وجود الإنترنت، والفضائيات، والخليوي والمواصلات السريعة.. وزيادة مستوى المعرفة بين أوساط الشعب والجماهير الكردية منه.
وليست الأحزاب وحدها هي المعنية بهذا التوضيح بل السلطات أيضا..فقد باتت وسائلها الإعلامية -غالبا – وسيلة ارتزاق لبعض المتهافتين على موائدها،ومقصورة على المرتبطين بها –طوعا أو كرها- إذ لم يعد احد يتابع هذه الوسائل ما لم يكن لقضية داخلية بحتة-مرسوم جمهوري، قرار وزاري،تعليمات بشان قضايا داخلية بحتة..وهذه حالة مؤسفة ..فبدلا من ان يثق الشعب بوسائل إعلامه،يهرب الى وسائل إعلام أجنبية..ولعل المضحك في الأمر ان تحاول جهات سلطوية ان تفرض متابعة وسائل إعلامها بالتخويف والاتهام..!!
عندما يسبق وعي الجماهير وعي السلطات-سواء أكانت تمثل الأحزاب او السلطة الحاكمة… فإن الحالة تصبح مزرية..!!
قوة متخلفة سياسيا-أيا كانت- تحتكم الى القوة المادية المباشرة، والتي بدأت الاتجاهات العالمية تختصر مهمتها في حالات خاصة جدا، قد لا يحتاجها ابدأ..كانفلات النظام أو احتلال أو ماشابه ..
المطلوب من الجميع أحزابا كردية،أحزابا عربية-سلطوية أو معارضة- سلطات..أن تمهد للبحث عن جديد -هو موجود في الثقافة البشرية المعاصرة – ولكنه يحتاج الى تخصيص وتأهيل للواقع الذي يعيشه كل مجتمع..-ودون اتخاذ هذه الخصوصية وسيلة تعطيل للحراك الاجتماعي والسياسي وفق المبادئ الأساسية لهذه الثقافة..ومن ثم إخضاع ذلك لمصطلحات أيديولوجية ذاتية تمكن لسلطات بعينها ان تفرض صيغا لا صلة لها بالواقع بقدر ما تتخذ وسيلة تحكم بها في الواقع، بأدوات غير صحيحة، وغير كفوءة، اثبت الواقع ذلك عبر انهيار المنظومات الأيديولوجية التي اعتمدت رؤى فلسفية -غلب فيها الذاتي على الموضوعي -..ودفعت البشرية من حياتها، وأعمار أبنائها، وخيرات الكون، ما كان يساعد على ان تعيش بها أكثر من بضع عقود – اذا لم نقل قرون- بمستوى عال من الرقي والرفاهية، لو أنها وضعت في خدمة الحياة البشرية دون الحروب، ودون الهدر، ودون اغتيال الطاقات..-وهي ملاحظة موجهة للقوى الحاكمة في العالم كله ..ألم تكن الحروب العالمية عبثية إذا احتكمنا الى العقل والمنطق..؟!
وأعود الى الأحزاب-الكردية خاصة- التي اعتادت ان تصدر البيانات بهذه المناسبات، أسالها:
ماذا تشكل هذه البيانات من قيمة على الواقع سوى أضعف الإيمان.؟!
.ولا اعني طلب إلغائها، بل اعني ان تكون البيانات مختصرة، معبرة، تنبه الى حدث أو أحداث معينة،ومن ثم تتبع -بدلا من ذلك- أساليب جديدة:
قراءة المعطيات والأحداث، وفهمها.. وتحليلها.. واستنتاج العبر والعظات منها.. واتخاذ ذلك وسيلة لنضال ذي طابع عملي منتج، بمعنى ما..!
والمطلوب –برأيي- هو تصرفات تعزز البيانات،وتعطيها قيمة واقعية على الأرض، كالإضراب أو التجمع السلمي،أو حتى التظاهر سلميا..إضافة الى ندوات مكثفة للتعريف بالقضية عموما وبالحدث خصوصا..والطرق على الأبواب..توزيع منشورات تتناول القضية، وتناول الحدث –أو الأحداث-..الخ.(تعزيزا للوعي عبر أنشطة مكثفة تنويريا،وفي أطر مناسبة لا تتدخل السياسة فيها مباشرة، لتستطيع الممارسة الحرة ان تفجر الطاقات، والإبداع في المجتمع على كل صعيد..!
أرى أن الانتفاضة كانت، شيئا عمليا يعكس وعي وإرادة الشعب النضالية..وبأفضل الطرق الراقية سياسيا في العالم..
لا أؤيد التخريب..لا أؤيد التهديم..لا أؤيد استفزازا مبرمجا ..
أما اذا وجدت السلطة السلوك النضالي السياسي السلمي ابتزازا فذلك شانها،وذلك تعبير عن :
– إما عدم وعيها –أو عدم اعتيادها-على الوسائل السلمية وهي المسؤولة –هنا –عن شانها.
– وإما هي واعية ولكنها ترى في ذلك وسيلة وعي لا تريدها ان تكون بين أوساط الشعب…!
وللمرة الثانية، هذا شأنها، وهي المسؤولة –أدبيا وأخلاقيا وإنسانيا..بل وسياسيا أيضا،عن مواقفها وسلوكها..فإذا شاءت ان تعيش سلطة متخلفة عن أدبيات السلوك والتفكير السياسيين المعاصرين ..فهي التي تحكم على نفسها بنفسها..وإن شاءت ان تبقى سلطة مقبولة من الشعب.. فالمطلوب الأول منها، وعي التطور الحاصل في المفاهيم والأداء السياسيين العالميين..وسواء أرضينا أم لم نرضى، فإن بعض الأفكار والثقافات تدخل خياشيمنا، ومسامات جلدن،ا بل وخلايا أدمغتنا ..-مهما حاولنا الوقوف في وجهها..!!
–هذه طبيعة الحياة..وهذه طبيعة التطور..وعلينا ان نحسن كيف نتعامل معها بما لا يضعنا في مهب الريح –ليس بوسائل سياسية أيديولوجية،إنما بوسائل ثقافية وإبداعية ضمن مناخ كاف من الحرية اللازمة ..منفتحة.. تستوعب، وتحسن التأثير عبر الاستيعاب..
فلسنا الشعوب الوحيدة التي تجاوزها التطور –رضينا بها أم لا – ولن نكون الشعوب الأخيرة أيضا..لذا فإن العيش –دوما –في الماضي وما أضفنا إليه من تخيلات؛ قد لا تكون صحيحة ..وليس هو الحل في الدخول الى العالم المعاصر..ومقتضيات العيش فيه –العولمة.. المعاصرة .. العالم الجديد..الشرق الأوسط الجديد..الخ.
ولا اعني البتة أنني موافق على ان ترسم أمريكا للعالم ثقافتها الخاصة، وتطبع العالم بها.. ولكني اعني أن ثقافة الأقوى تكون مؤثرة –شئنا ذلك أم أبينا..وعلينا اتخاذ ما يمكننا لتفاعل بأقل الخسائر ..!
وحيدة هي الثقافة المؤثرة الفاعلة، التي تحسن الحفاظ على الخصوصية ضمن التطور الذي لا بد منه..وبالثقافة عاشت أمم أكثر من السياسة واليونانيون ربما المثل الأبلغ،بل إن الثقافة الإسلامية بلسانها العربي، ساهمت في إغناء ثقافات المحتلين في جوانب منها..
فقد تُحتلُّ بلاد عسكريا، ولكنها تَحتل مُحتليها ثقافيا-اذا جاز التعبير-.
هناك –دوما –معطيات واقعية لا يمكن تجاوزها،وإن تجاوزها لهو من الخطل والعبث ..!
ففي وجودنا –كبشر-لسنا أحرارا الى النهاية- الحرية ليست مطلقة-..بل إن حريتنا محدودة بعوامل مختلفة، علينا ان نقدرها في حسابات التعامل، والتفاعل مع الآخرين-أصدقاء وأعداء- عبر عن شيء من هذا المعنى، السيد مسعود البار زاني في مقابلة له مع صوت أمريكا –القسم الكردي –وكنت استمع إليه،قال ما معناه:
“نحن امة ظلمها التاريخ،ولسنا أقل شأنا عن الأمم العربية والتركية والفارسية..ولكننا نعيش واقعا لا بد من مراعاة معطياته..صحيح نحلم بدولة كردية مستقلة تضم الأجزاء الكردستانية كلها،ولكن الصحيح أيضا أن السياسات العالمية المهيمنة لا تريد ذلك الآن، ولا نستطيع تجاوز مشيئتها…فليرى كل جزء ما يناسبه ضمن جغرافية الدولة التي تعيش فيها، وتختار الوسائل النضالية التي تناسبها..!
ويبدو ان هذا الاتجاه هو السائد في الثقافة السياسية الكردية الآن.
تم طباعة هذه المادة من موقع الركن الأخضر
http://www.grenc.com/show_article_main.cfm?id=11692

……………………………………………………………………………………………………
مكنقول عن موقع الركن الأخضر
http://www.grenc.com/print.cfm?artid=11692
…………………………………………………………………………………………………….
ملاحظة:
هذه المادة وغيرها ، المنقولة الى الموقع بحاجة لاعادة النظر يرجى العلم.