الابداع

الإبداع-او التأليف- بدلا من الإعداد.
محمد قاسم
من المفهوم أن نطلب من أديب وشاعر وفنان أن يبدعوا..فيأتون بصور جديدة، وأسلوب متميز في إعادة تركيب العبارات؛ للتعبير عن فكرة بعينها ..او تكوين صور ذات جدة في الإشارة الى معنى ما..فذلك عمل إنشائي يمكن تحقيقه لمن امتلك تخيلا محلقا،ورصيدا من الكلمات والقواعد اللغوية بالنسبة للأدباء والشعراء-وان كان الشعراء مشمولون بعبارة أدباء..ولكن اللغة الأدبية –العربية- لا تنضبط بقواعد دقيقة إلا في الصرف- والقواعد- والتي يتحسس منها بعض اللغويين العرب بدوافع سياسية ..كما استنتجت من نبرة حديث لغوي في مرتبة دكتور وعمر كبير – على إحدى الفضائيات – ربما الحوار- منذ فترة-لم أحفظ اسمه للأسف-حيث قال ما معناه: ان الصّرف إنتاج أعجمي لا حاجة للعرب إليه لأنهم مفطورون على لغتهم وقواعدها من خلال التربية التي يتلقونها في المجتمع. ومن المؤسف إنه رأي منبعه شعور انفعالي ونفسي لا منطقي .
وفي مجال الفن يمكن للفنان التحكم بالريشة والفرشاة في رسوم كما يشاء –سريالية-رمزية-واقعية-تعبيرية-انطباعية- تكعيبية..الخ. وضربة الفرشاة تلوينا كما يشاء الفنان بتخفيف الألوان او جعلها داكنة،او خلطها او الفصل بينها بشكل ما أو تداخله..والتكيف في رسم الأشكال كما يشاء معبرا عن مشاعره الخاصة بأسلوبه الخاصة وفقا لما يمتلك من قدرة فنية –مهارة يدوية- وأفق تخيلي،وثقافة توفر له عناصر التشكيل..الخ. باعتبار الأدب والفن كلاهما عمل يغلب فيه البعد الذاتي للإنسان من مشاعر وأحاسيس ونبضات القلب والروح واعتلاجات النفس..الخ.وهو يهدف أساسا الى الاستثارة ، ولفت الانتباه الى موضوع يريد له الاهتمام، ووفق الذي يستثير وأسلوبه في الإحساس وما يملك من ثقافة يوظفها لتفاعله مع هذا الأدب والفن.
أما بالنسبة للعلم فالأمر يختلف قليلا..لأن الإبداع في العلم محصور في اختراع جديد..سواء في النهج او في المادة ..فعندما توصل علماء فلاسفة- و الأفق الفلسفي ضروري للإبداع- الى النهج العلمي المعبر عنه بخطوات ثلاثة هي:الملاحظة والفرضية والتجريب..كان ذلك إبداعا وكسرا لجمود كاد المنطق الصوري –الأرسطي- أن يفرضه على العقول على مدى قرون تجاوزت الستة..
إذ اعتمد فكرة وجود العلم في العقل. وبالتالي فمهمة العقل اكتشافه،واستخراجه بضوابط المنطق الصوري.. ومنها مبادئ العقل الهوية وعدم التناقض..مهملا –ربما دون دراية- الواقع ومتطلبات فهمه وتغييره.
وعندما تم اعتماد هذا النهج العلمي فتحت الآفاق أمام اختراعات مستمرة لا تزال حتى اليوم –بل وبوتيرة أعلى عموديا وأفقيا؛ خاصة في ميدان الإلكترونيات-او الرقميات- فأصبحنا نسمع كل يوم عن عشرات الابتكارات و براءات تسجيل حقوق الاختراع في مراكز مخصصة لذلك..
بل وصل الأمر الى تسجيل الأفكار في هذه المراكز دون انتظار الاختراع فعلا. .فالأفكار هي أيضا ذات قيمة خاصة بالنسبة لأصحابها وينبغي تسجيلها لأصحابها ريثما يتم ترجمتها الى واقع –تطبيقي- سواء من قبل أصحابها او من قبل بعض الذين يملكون أموالا وشركات يمكنها أن تنفذ ذلك بالتفاهم مع أصحابها..
مثل هذه الأمر ليست موجودة في المجتمعات المتخلفة..!
وياما، ياما سرق المتنفذون –السياسيون خاصة- او المحتمون بهم- جهود الناس في مختلف المستويات بدلا من توفير الحكومات فرص التعبير عن الذات لأصحابها بمد يد العون في صور مختلفة وممكنة.
كيف نبدع؟
متى نسمي العمل إبداعا؟
كيف نقيّم الإبداع؟
كيف نجزي المبدعين؟
أسئلة وغيرها تنتظر الإجابة من المعنيين بها والقادرين عليها.
……………………………………………………………………….
……………………………………………………………………….
الحياة حيوية لا جامدة
(تداخل المراحل في حياة الإنسان)
محمد قاسم………………

m.qibnjezire@hotmail.com
يولد الإنسان طفلا يطلق صرخته الأولى في الحياة،ويقال: لأنه أول مرة يتنفس فيها بعد قطع الحبل السري عنه، والذي كان يمده بكل شيء.
وخلال أكثر من أربع سنوات –تقريبا – يعتمد على والديه في كل احتياجاته من الطعام والشراب و كيفية اللبس..وقضاء الحاجة…الخ.
ومنذ الشهر الحادي عشر –غالبا- في الأحوال الطبيعية؛ يبدأ المشي بخطوات متعثرة، وينطق بكلمات بسيطة، لكن في لثغة، أو فأفأة، او ثأثأة، أو غير ذلك من الأحوال المعبرة عن تعثر الكلمات على شفتيه، بسبب الأصوات التي تخرج من حنجرته ببعض صعوبة؛ نتيجة عدم نضج القدرة على الاختيار للمناسب؛ أصواتا.. وكلمات..!
ولعل “المعاني” هي الأكثر صعوبة وتأثيرا على ذلك، بسبب ما في اختيارها من الصعوبة، لارتباطها بحركة المخ الذي لم يزل في طور النمو، ولم تكتمل الأجهزة العصبية فيه بما يكفل حسن التصور، وتحديد الأفكار والمعاني..
فينعكس ذلك على النطق وإخراج الكلمات..وهذا مصدر التعثر في كلامه عموما..
وهكذا… فالطفل يمر في مراحل متمايزة أثناء نموه الجسدي-بكل مكوناته المادية-، والنمو النفسي-بكل مكوناته ومنها العقل. وكما هو ملاحظ؛ فإن لكل مرحلة خصوصيتها في القدرة على التكيف مع الواقع..!
ففي مرحلة الطفولة الأولى-وهي تقابل السنين الأربعة أو الخمسة الأولى- تكون المدارك هشة، تنقصها الخبرة والتجربة..فهي غير صقيلة. لذا يمارس التفكير والسلوك بعفوية نسميها –عادة –”براءة الطفولة”.لأن الطفل –في هذه المرحلة- لا يدرك المغزى مما يقوم به غالبا. فسلوكه عفوي، وقد يقوم بما هو غير مقبول او ليس لصالحه حتى.!
ومن القرآن نستشهد بحادثة امتحان موسى عليه السلام؛ عندما قُدّم إليه ذهب ونار؛ فمدّ يده الى النار لوهجها-بغض النظر عن الدخول في تفسيرات دينية- هذه التفسيرات أحيانا قد تكون غير موثقة كما ينبغي-.
وفي الواقع نلمس ذلك يوميا على سلوك الأطفال، فالطفل قد يرمي نفسه من علٍِ، تقليدا لفلم كارتوني مثلا. وهنا تسجّل مآخذ على منتجي ومنفذي هذه الأفلام. كيف لا ينتبهون الى هذه الحقيقة، ولا يدرسون مفردات إنتاج أفلامهم بناء على معطيات علم النفس التربوي_لا علم النفس العام فحسب. او علم نفس الطفولة المؤثر نفسيا على اهتماماتهم؛ توخيا لمكاسب مالية عادة.!
وفي مرحلة “المراهقة” تكون القوى النفسية والجسدية في نهايات اكتمالها..وتمثل المرحلة الوسطى بين الطفولة المتأخرة وبداية الشباب..
ولهذه المرحلة خصوصيتها وميزاتها؛ والتي لم يتحقق فيها، النضج العقلي، والاكتمال النفسي المتوازنين.!
فقد يغلب لديه الحركة النفسية على ضوابط العقل، ويكون التوهج العاطفي والنفسي عموما طابعه العام..ومن ثم الاندفاع يسِم سلوكه على الأغلب..
ولكن المرحلة الشبابية-البلوغ- تتصف –في الأحوال الطبيعية –بالنضج والاكتمال، والشعور بالمسؤولية تجاه الفعل، والتفكير، والسلوك عموما..
ويقتضي ذلك توازنا هاما بين ما مضى وآثاره، وما سيأتي وجديده..حيث تزداد المسؤولية باستمرار، وتتسع في ميدانها او ميادينها ..فقد كان مسؤولا عن نفسه وحده، ثم أصبح مسؤولا عن نفسه وعن زوجه فأولاده..فعمله.. فبلاده.. فالإنسانية جمعاء، باعتباره-في النهاية –عضوا فيها .مهما بدا انه ضئيل الأثر في ذلك..لاسيما هذه الأيام التي تحوّل العالم فيها إلى قرية؛ بفضل التقنية الحديثة-مواصلات واتصالات بأشكالها المختلفة.
وينسب إلى علي ابن أبي طالب –كرم الله وجهه- القول:
وتحسب انك جرم صغير=وفيك انطوى العالم الأكبر
أمثلة:
• “كوفي عنان” كان طفلا إفريقيا توصل الى أن يكون أمين عام الأمم المتحدة..
• “بل كلينتون” كان من عائلة فقيرة، لكنه قاد أمريكا لثماني سنوات؛ كانت قراراته مؤثرة في الدنيا كلها، واليوم زوجته هيلاري الجميلة والحيوية –تعينه على ممارسة دور مماثل من وراء شخصيتها كرئيس للولايات المتحدة..!
– ومن جهة التأثير الفكري والفلسفي والعملي بدأ معظم المؤثرين منهم بدايات بسيطة، او منسية ، ثم بلغوا أعلى مواقع التأثير..
• “أديسون ” كان يبحث عن عمل يعيش منه عندما حطه القدر أمام رئيس محطة للقطار لينقذ ابنه من موت محقق، فيكافئه بتوظيفه..ولكن كسله وميله الشديد إلى النوم، اضطر مدير المحطة الى الاستغناء عن خدماته؛ على الرغم مما بدا من موهبته. فاتجه نحو الاختراعات التي بدأت تتبلور في ذهنه، وكان حوالي ألف اختراع مهم على رأسها الكهربا(مصباح أديسون).
لكل مرحلة- إذا- تأثيرها في تشكيل الشخصية الإنسانية، وضمن زمن ومحيط اجتماعي وطبيعي مختلف.!
فهل نتوقع-إذا- أن يكون الإنسان في كل مراحل عمره في نفس الإطار الفكري والنفسي والسلوكي..؟!
والأزمان والأمكنة والظروف مختلفة ومتداخلة(فالحاضر ينزلق الى الماضي،والمستقبل ينزلق نحو الحاضر.. وهكذا..
ولعل هذا هو السر في ان (الإنسان خطاء) او أن الخطأ ملازم له دائما، وعليه أن يتعلم تدارك أخطائه باستمرار، ليستقيم أمره مع البيئة التي يعيش فيها –بشرا وطبيعة..
وطبعا أن تبنى المناهج التربوية اجتماعيا على أساس هذه الحقيقة حيوية النمو.!
…………………………………………………………………………………………….
…………………………………………………………………………………………….
كنت أتابع مسلسلا أجنبيا( )
المسلسل طويل وقد يبلغ عدد حلقاته قريبا من الألفين مادام الحلقات حتى الآن الثمانين بعد المائة. وعلى كل حال ليس هذا ما يهمنا.
ما لفت انتباهي أن بعض الممثلين في المسلسل كانوا يمرون بصعوبة(مشكلة كبيرة) وكانوا حائرين في كيفية المعالجة،وعندما عرض بعض أصدقائهم المساعدة ،أجابوا سريعا:لا نحن سنحل مشكلتنا بمعرفتنا،على الرغم من عدم وجود آفاق محددة لحلها..!
مباشرة تذكرت الأسلوب الذي يتعامل به أبناء شرقنا العربي.
لا يذهب شخص إلى دائرة حكومية قبل أن يحضر للموظفين أموالا لدفعها إليهم لإعطائهم حقوقهم.
تبدأ مشكلة بسيطة بين شخصين لا يكاد يمر علها ساعات حتى تكون العشيرة بقضها وقضيضها أخذت علما بها ،وبدأت المشاورات بينهم كيف يعالجون المشكلة ..لا على أساس الحق ،وإنما على أساس أن يغلب ابن عشيرتهم،وتتعقد المشكلة،ويستهلك وقت كثير في سبيل ذلك،وتصرف أموال طائلة -من كيس صاحب المشكلة طبعا على الأغلب- فالجلسات تكون لديه،والضيافة منه ،وطبعا ينبغي أن تكون الذبائح على رأس هذه الضيافة..
وقل من هذا الشيء الكثير…!
هم يعتمدون على أنفسهم ..على شخصيتهم..في معالجة مشاكلهم..ولا يستعينون بالآخرين إلا بعد استنفاذ كل الإمكانيات لديهم..فلا يشغلون الآخرين بقضاياهم..ويتعطل العمل بذلك..وتتعطل دوائر الدولة إذا كان صاحب المشكلة موظفا..وكلما كانت وظيفته اكبر فإن درجة تعطيل مصالح الناس تكون اكبر..والفتنة تكون اكبر..ويعود الجميع-مثقفون ،سياسيون،متدينون،وكل الشرائح الاجتماعية الى العقل العشائري(القبلي).فلا قيمة للقانون..ولا قيمة لحكمة الحكماء..فقط دور القوة المادية عبر المال..أو عبر عدد أفراد القبيلة..أو عبر الدعم الموجود من مراكز السلطة..الخ.
فكيف يتقدم مجتمع بمثل هذه العقلية (الذهنية)..؟!.
…………………………………………………………..
ملاحظة:
المادة المنقولة الى الموقع وغيرها ، بحاجة الى اعادة نظر يرجى اخذ العلم.