جدلية العلاقة بين الكرد والإسلام -عدد من مقالات ذات صلة

جدلية العلاقة بين الكرد والإسلام
المحاور
جدل أم حوار..(في التحادث بين الناس يبرز أسلوبان:
– أحدهما يسمى :
“الجدل”. – والثاني يسمى : “الحوار”
وعلى الرغم من الدلالة الواحدة لمصطلحين فإن شكل الأداء يختلف:
فالحوار يعني: الهدوء في الكلام،والغاية هي البحث معا للوصول الى النتيجة بجهد مشترك،لذا فهو يعني الاعتراف بقيمة آراء الآخرين ..والاعتراف بمستوى المعرفة بشكل عام، وفي ميدان موضوع الحوار بشكل خاص.
أما الجدل: فهو يعني -كأسلوب- غلبة الرأي على الرأي الآخر..بدافع نفسي..يشعر بالانتصار..وهذا يسمى (الجدل المذموم):
“ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير” الحج/الآية 8
“إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم،إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه” غافر / الآية 52
“يجادلون في الحق بعد ما تبين” الأنفال/الآية 6
كمقابل لل(جدل المحمود) وهذا تقسيم في القرآن..
“ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن” العنكبوت/الآية 56
“وجادلهم بالتي هي أحسن” النحل/الآية 125
“قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يسمع تحاوركما” المجادلة/ الآية 1
وهنا لا بد من لفت الانتباه الى أن القضايا الشائكة عموما والتاريخية خصوصا تتطلب جهودا أكثر مما يتوقعه الذين لا خبرة كافية لديهم ..ومنها المطالعة المستمرة (الإطلاع) واكتساب الخبرة في التفاعل مع الأفكار والمصطلحات والمقارنات..واستخلاص النتائج .. الخ.
ولا أقول ذلك من باب التعسير –كما يفعل البعض ومنهم علماء دين- وانما هي حقيقة تتجلى في هذه الخصائص..ولذا فقد اضطر احد السلاطين الى الخضوع لتجربة فرضها عليه احد العلماء كشرط لتعليمه..وكانت تجربة صعبة ولكنه امتثل لها..!
(حمل ثلاث معاليق للغنم بحيث لا تلامس بعضها ،فلم يجد بدا من مسك اثنتين بيدين والثالثة في فمه وهو ينطلق من سوق اللحامين الى حيث معلمه المستقبلي..!
وعندما وصل-وسط الإحراج الشديد من شعبه- تساءل عن جدوى هذا الامتحان..فقال التعلم( تحصيل العلم) يحتاج صبرا وتواضعا ،ما كانا متوفرين فيك وأنت سلطان. فلم أكن استطيع أن أعلمك –كمعلم- بل كنت ستراني مجرد واحد –ربما ذي بعض قيمة – من رعاياك..فلا تتعلم..!
وفعلا أصبح السلطان مؤلف كتب على يديه..!
وهناك حادثة أخرى تشير الى ممارسة تفضل العلم على الوظيفة القيادية (السياسية).
كتاب الكشكول- العلامة محمد بهاء الدين محمد بن حسين العاملي
وقد كان ابن الأثير مجد الدين أبو السعادات صاحب كتاب جامع الأصول والنهاية في غريب الحديث من أكابر الرؤساء محظيا عند الملوك.وتولى لهم المناصب الجليلة فعرض له مرض كف يديه ورجليه فانقطع في منزله، وترك المناصب والاختلاط بالناس وكان الرؤساء يغشونه في منزله.فحضر غليه بعض الأطباء والتزم بعلاجه،فلما طببه وقارب البرء وأشرف على الصحة دفع للطبيب من الذهب وقال:”امض لحال سبيلك. فلامه أصحابه على ذلك وقالوا:لو أبقيته إلى حصول الشفاء؟ فقال لهم : غني متى عوفيت طلبت المناصب ودخلت فيها وكلفت قبولها وأما ما دمت على هذه الحالة فإني لا أصلح لذلك فأصرف أوقاتي في تكميل نفسي، ومطالعة كتب العلم. ولا ادخل معهم فيما يغضب الله ويرضيهم. والرزق لا بد منه”.
فاختار – رحمه الله- عطلة جسمه ليحصل له بذلك الإقامة على العطلة عن المناصب. وفي تلك المدة ألّف كتابي جامع الأصول، والنهاية وغيرهما”.

فقط للإضاءة على أهمية المتابعة لمن يريد أن يساهم في الحياة الثقافية بجدارة تنعكس إيجابا عليه وعلى أمته بل على البشرية جمعاء..فكم نقرا من الدب العالمي..وكم نشاهد الأفلام العالمية..وكم انتفعنا بمنجزات العلم وتطبيقاته (التكنولوجيا) من مختلف شعوب العالم(أبنائها)…
وآمل أن تعذروني إذا بدا في أسلوبي ما يشعر بنوع من الأستذة ( بلغة الباحث والأديب إبراهيم محمود فلم استطع أن اخفف منه أكثر مما قمت به.)

الدين في حياة الشعوب.
لا نحتاج أن نكثر الحديث عن هذا الجانب..فالتاريخ البشري كله ومنذ البدايات، يشير إلى اتصال الإنسان بالتدين في شكل ما –بغض النظر عن طبيعته) عبادة الشجر أو الحجر أو الأصنام أو الحيوانات أو النار…وكل الأساطير تشير الى هذه الحقيقة..
فإذا رأى البعض أن التدين هو حالة أسطورة تعود إلى الجهل أو التخلف أو غير ذلك فرأيه لا يلزم الآخرين بالقبول به..ولكل امرئ الحق في إتباع ما يشعره بأنه حق،أو يرى ما هو حق فالشعور يختلف عن التفكير إذا لم يستخدما في حالة تكامل كالقول –مثلا- القناعة –حالة نفسية شعورية مركبة مع حالة تفكير ..!
ولا يقبل من احد اعتبار التاريخ البشري كله جهلا والوعي يبدأ من تصوراته..!!
فحتى تلك الدراسات التي قام بها علماء لهم وزنهم العلمي وخصوصيتهم ألذكائية و المقدرة البحثية..لم يحسنوا القول سوى بأنها نظريات..والنظرية –بلا شك –تختلف عن القانون الموضوعي..،مع أن القوانين ذاتها تتغير بحسب اكتشاف عناصر جديدة ..وكلكم 0-ربما قرأتم التطورات على قانون …
كما أن حصر الحقيقة –القابلة للجدل –في رؤية الذات ليس سوى خلل منطقي وعلمي .. وخطل أيضا..!
الكرد والإسلام:
أ-متى أصبح الكرد مسلمين؟
نستعين بالمؤرخ الكردي الكبير (محمد أمين زكي بك) والذي يقول في الصفحة 122 من كتابه “خلاصة تاريخ الكرد وكردستان ” المشهور..وبالحرف ما يلي:
” ..ولما ظهر الإسلام واتصل الكرد بالمسلمين الأولين،وأخذوا يفكرون في مبادئ هذا الدين الجديد وتعاليمه السمحة ،وجدو أن هذه المبادئ القويمة والتعاليم العامة تتفق وما جبلوا عليه من الخلال والسجايا،فأقبلوا على هذا الدين بكليتهم-كما يقول السير مارك سايكس- واعتنقوه بكل سهولة على مدى الأيام واخلصوا له كل الإخلاص. كإخلاص أتراك بلاد التركستان وبرابرة أفريقيا في العصر الحاضر(كتاب تراث الخلفاء الأخير ص 252). وأول اتصال للشعب الكردي بالجيوش الإسلامية كان- كما يقول ثقاة مؤرخي العرب –في سنة 18 هجرية أي بعد فتح (حلوان) و(تكريت).
وينبغي انه كان هناك اتصالات أخرى قبل هذا التاريخ،إذ كان بعض من الأكراد قد اعتنق الدين الإسلامي من قبل.لن المرحوم محمد أفندي آلوسي يذكر في تفسيره الشهير (روح المعاني) من ضمن أصحاب النبي عليه السلام،اسم صحابي يدعى (جابان- كابان) الكردي وله ابن يدعى (ميمون) ويكنى ب(أبي بصير). ثم ينسب هذه المعلومات الى الحافظ ابن حجر في كتابه القيم(الإصابة في تمييز الصحابة) الذي يشتمل على عدة أحاديث مروية عن (كابان الكردي) في الأنكحة والشؤون الأخرى.ولا يبعد أن هناك عدة من الصحابة الكرام يرجعون في نسبهم الى الكرد)) انتهى كلام محمد أمين زكي بك.
(ب-دخول الإسلام طوعا أم كرها (أمثلة من كتب التاريخ..!.
يميل الناس القوميون –المتطرفون خاصة –الى تبني نظرية إسلام الكرد إكراها..ولكن بعض الآراء المعتبرة (….) ترى أن الكرد دخلوا الإسلام طوعا –على الغالب –ومنه الرأي ألذي أورده الكاتب د.آزاد أحمد في مقاله (مجلة الحوار العدد….
** الشعب الكردي مسلم، ودخل الإسلام سلما(يستحضر مثالا ساقه ابن الكثير)
** الهجرة، ويجعله عنوانا مميزا لهذه الفكرة هو (سياحة عياض بن غنم في كوردستان عام
سبب انتشار الإسلام بين الكرد ((لا يمكن للإسلام ان ينتشر في سياق تاريخي وحيد كونه دين الذين لا دين لهم..)
(ساعد على ذلك الطابع التبليغي الإشعارات للإسلام في بداياته..دون الخوض في التفاصيل التنفيذية).
** الإسلام في المناطق الكردية (بات شديد الانفصال عن طموحات الجماهير- إن جاز التعبير في هذا السياق…)
(وكان إسلاما يدعو للولاء والتبعية للمركز دون السعي لإنتاج إسلام محلي مذهبي كالتشيع الذي تم محاربته من قبل الأيوبيين….فصلاح الدين كظاهرة إسلامية كوردية، تختزل جزءا مهما ومشخصا من إشكالية علاقة الكورد بالإسلام…..
وبالتالي يمكن القول بان إسلام الكورد كان مدخلا موضوعيا لاندماجهم في المحيط العربي التركي الفارسي.

ج-بعض الدور الكردي في الإسلام..في السياسية –العسكرية-العلوم الفقهية والحديث-الأدب…الخ.
كيف ينبغي التعامل مع العلاقة الكردية –كقومية- مع الإسلام –دين-
دعونا نقبل –أولا –بان الكرد –ومهما كانت الآراء حول اعتناقه الإسلام طوعا او كرها_فإنهم مسلمون –واقعيا كعقيدة دينية – منذ أربعة عشر قرنا..وهذا انعكس في حياتهم فكرا وعادات دينية وتقاليد اجتماعية وقيم مختلفة ..تطبع حياتهم بالطابع الديني الإسلامي..وأي صراع مع الدين سيدخل الفئات والشرائح الكردية في صراعات لا مبرر لها..ويستهلك الكثير من الجهود،وحسن العمل..(إعادة سيرة فترة الخمسينات والستينات والسبعينات..من الصراع بين الكرد بعضهم بعضا بسبب إقحام الفكر الماركسي عبر الاتجاهات اليسارية السياسية –الحزب الشيوعي-الحزب اليساري الكردي..ومفرزاته..
ولمعالجة الوضع لنحتكم الى القيم الديمقراطية وحرية العقيدة –العلمانية بالمعنى السياسي والليبرالية بالمعنى السياسي مع بعض التعديلات الطفيفة التي توفر الانسجام معها في بيئة إسلامية لتجنب الهزات التي تحرص المجتمعات الليبرالية نفسها عليها..
بعض ما يجري في خواطر بعض الشباب الكرد (محاولة التبرؤ من الإسلام بردود أفعال…محاولة إحياء الزرادشتية بدوافع سياسية…خلق مناخ مشوش في الذهنية بالخلط بين الإسلام والعرب من جهة،التأثير في معتقدات الناس بطريقة لا تنتمي الى المنطق والعلم في أدب الحوار..-تأثر هذه النظرة بظن أن الغرب يريد للكرد أن يبتعدوا عن الإسلام..لتأمين حقوقهم..-اجتهادات..تفرض على ذهنية وعقائد الآخرين..-تعسف في أسلوب الحوار-مصادرة الآراء غياب الديمقراطية…
-من الذين يتحمسون لهذه الفكرة الأستاذ عبد الإله إبراهيم باشا من “سري كانييه”
كما ألف كتابا عن الزرادشتية الأستاذ فارس –عضو اللجنة المركزية للحزب التقدمي..كما ترجم الدكتور خليل عبد الرحمن –الأفستا- وقد سمعتم به ولكنه لا يرمي الى تغيير العقيدة الإسلامية بالعقيدة الزرادشتية –كما فهمت منه-بل يحاول ان يثبت عراقة الشعب الكردي وكونه صاحب كتاب ودين..
محاولة فهم الدين على طبيعته السمحة (توجيه نحو مجموعة مقالات تحت عنوان هكذا فهت الإسلام..
1- الدين(نظرة تحليلية)
2- محمد قاسم (ابن الجزيرة)
المعروف إن العقيدة الدينية قديمة قدم الإنسان ،وإن تفسير معظم مظاهر حياة الناس القدماء يتم عبر تفسير ديني سواء في المعابد أو المقابر أو الرسوم الطقوسية المختلفة أو النصوص التي توصل إليها علماء التاريخ والأنثروبولوجيا، والآثار وغيرهم.
فليس الدين بدعة اليوم أو أمس. بل هو حالة نفسية وعقيدية واجتماعية بكل أبعادها.. منذ الوجود الأول للبشرية، ولا يقلل من أهميته في حياة البشر -قديما وحديثا- موقف معاد له.. أو موقف رافض له.. أو عدم تفهم لطبيعته.. أو غير ذلك..! بل ولا يقلل من أهميته في حياة البشر تداخله مع أساطير المجتمعات.. بل يؤكد ذلك على ضرورة البحث والتحليل والتجريد ..ومن ثم محاولة إعادة فهم الصياغة الأساسية فيه(فهمه على حقيقته وواقعه) وهنا ينبغي أن ننتبه إلى أن الحقيقة قد تكون موجودة ولكنها قد لا تكون متوافقة مع الواقع(هذا هو الحال بين المبادئ وبين تطبيقاتها، فالمبادئ قد تكون محل اتفاق نظريا ولكن أسلوب تطبيقها يتأثر بالتكوين النفسي والأخلاقي ومستوى الوعي لدى الإنسان). من هنا لا يمكن اعتبار كل التاريخ البشري المرتبط بالدين هو تاريخ مهمل(لا قيمة له) كما يرى البعض من الذين قد لا تكون التجربة العلمية لديه مكتملة لأسباب ما، أو يكون تحت تأثير أيديولوجيات لا تبيح لوعيه أن يخرج عن إطارها(وهو حالة استعباد للتفكير البشري غير محمود ، ولا واقعي). فما لا يعجبني – ومهما كانت الأسباب- لا يعطيني الحق على الاستخفاف به، قد يكون لي الحق في الحوار معه وبيان ما أراه صحيحا فيه أو غير صحيح عبر أدوات منطقية وعلمية موثوق بها، ودون أن يكون لمزاجي وحالتي النفسية دور في ذلك، و إلا فلا يبقى حواري مصطبغا بالموضوعية، وبالتالي لا يكون له أية قيمة في التقييم،بل يتحول إلى مجرد انطباعات عرضت بطريقة سلبية ورديئة.وربما ترد علي-سلبا- في آثارها بدلا من أن تصحح خطأ شخصته، أو تقنع عقلا بما أردته..
ولكن المعروف أيضا.. أن الدين استُغل من قبل المستفيدين منه أيما استغلال- وإلى درجة مؤلمة ومقززة ومؤثرة سلبا على حياة الناس العامة- ولكن – وكما يبدو لي من قراءاتي لبعض المقالات(خاصة تلك المنشورة على الإنترنيت) فإن منكري الدين قد ابتكروا دينا جديدا ، وبدا أنصاره-أو أتباعه- يروجون لديانتهم هذه.. ولكن بطريقة مغايرة للديانات المعروفة والمألوفة ..!
فالمعروف عن الديانات المألوفة أنها بنيت على قيم أخلاقية عموما- بغض النظر عن مدى تنفيذ هذه القيم واقعيا من قبل بعض أصحابها- لذا فكل التعاليم فيها تدعو إلى السكينة.. وإلى التعاون ..وإلى الارتباط بإله متعال ..وإلى احترام مشاعر وحقوق الآخرين..وغير ذلك.
أما الدين الجديد.. فهو دين فردي، يسمح لأتباعه أن يروا في الآخرين المختلفين معهم(المتدينون) بأنهم ليسوا سوى ” خنازير ومومسات قذرة وحمير تنهق و وقطعان فاسدة…”. كما يرد بالنص أدناه: ((ولن نهتم بكل محاولات ترسيخ المفاهيم القماماتية في العقول, فنحن في الضفة المغايرة لهواجس الاكليروس الدينوي في إجهاضه لكل القيم المنفتحة على آفاق لا نهائية, فما الدين إلا زريبة خنازير)).
((أمام هذه الديانات المومس القذرة والكارثية لا يمكننا أن ننهق مع الجوقة ونرحب مع الجوقة النهيقية بتراث ومخزون الإفلاس العقلي إلى درجة اللامعقول.))
هذا هو الدين الجديد وهذه قيم وتعاليم أصحابه..يشتمون الناس كما يشاؤون وبأي لغة كانت، غير مبالين بمشاعر الملايين من أتباع الديانات الأخرى،بحجة أيديولوجيات مختلفة (القومية أو الأممية أو التقدمية أو غير ذلك..!).
بلا شك.. ليست الغاية من هذا المقال مصادرة لحقوق الآخرين في النقد.. أو إبداء وجهات نظرهم في أية قضية كانت – ومنها الدين أي دين- ولكن الغاية أن اذكّر هؤلاء الكتّاب.. بأن اختلافهم في الرؤية لأية قضية، لا يعطيهم الحق في تجاهل مشاعر الآخرين، وصفعها بطريقة فجة وبدون حساب..!ولا أعتقد أن هذا الأسلوب له صفة المعقولية المنشودة بحال من الأحوال..!
قد اتفق مع هؤلاء في أن الكثيرين من مدعي التدين.. استثمروا الدين لمصلحة شخصية، وجعلوا منه وسيلة إفقار.. وتضليل.. وإذلال أيضا.. لشعوب أو جماعات أو أفراد.. ولا يزالون..! ولكن هذا لا يعني أن نتجاوز على قناعات ومعتقدات الملايين من المؤمنين بهذا الدين أو ذاك، وننعتها بـ”المفاهيم القماماتية في العقول” أو ننعت قيمة آمنوا بها(أي الدين) بأنها “زريبة خنازير” أو” الديانات المومس القذرة” . وان ننعت أتباع هذه الديانات أو المؤمنين بها حميرا ينهقون..!
نحن نقدر للبعض حماسهم لقضاياهم التي آمنوا بها، وخاصة القضية القومية المظلومة (القضية القومية الكردية مثلا..) ولكن لا نريد لهم أن يصبحوا كالعروبيين ومنهم البعثييون وغيرهم.. فيعتبرون كل ما لا يوافق قناعاتهم، (أو كل ما يرون فيه – من وجهة نظرهم- معيقا لطموحهم هذا) بأنه مومس قذر، أو زريبة خنازير..!
أصحاب القضايا الحقة أناس يتمتعون بمزايا لا يتمتع بها الآخرون..
الحر لا يستعبد الحر، المظلوم لا يريد أن يَظلم، المهجّر لا يريد أن يقوم بالفعل المشين نفسه تجاه الغير..
نعم قد يتشوق إلى محاسبة من آذاه أو آذى شعبه. ولكن بأسلوب صحيح ونزيه وكريم ..(قانوني)
الكريم لا يفعل ما يفعله اللئيم(أو اللؤماء) بل يتصرف كنبيل وصاحب قضية..ووفق قانون أخلاقي نبيل.
التاريخ الكردي وتاريخ الشعوب مليء بأمثلة من هذه..
عندما قيل “للبار زاني” مثلا،اسمح لنا بتفخيخ بيت “ناظم كزار” الذي أرسل وفدا من العلماء المفخخين لاغتياله، وكاد أن ينجح لولا أن شابا كان يقدم الشاي لهم، افتداه بنفسه- عمدا أو صدفة- فقال لهم البارزاني:
وهل تضمنون اغتيال ناظم كزار وحده..؟ قالوا : لا..! قال: فما ذنب الأبرياء..؟!
وعندما فتح الرسول صلى الله عليه وسلم، مكة قال: ما تظنون أني فاعل بكم..؟ فقالوا: خيرا أخ كريم وابن أخ كريم..قال: فاذهبوا فانتم الطلقاء.
نحن لا ننكر أن الشعوب(أو زعاماتها) التي استعمرت الكورد عربا أو تركا أو فرسا…بالغوا في الإساءة إلى الكورد الذين لم يشفع لهم انتماءهم إلى الدين الإسلامي في تجنيبهم الأنفلة.. والغازات الكيماوية في العراق. ومثله أو شبيه منه في كل من تركيا، وفارس، بل وسوريا أيضا..فثلاثمائة ألف إنسان حرموا عمدا من حقوقهم المدنية والإنسانية لمدة تكاد تتجاوز الأربعين عاما، إضافة إلى ممارسات لا تقل ضررا وإضرارا عما كان في العراق إلا في الشدة فقط ربما..!! كل ذلك ليس غائبا عن بالنا.. بل وأكثر من ذلك.. فإن مواقف الشعوب في هذه البلدان لا تختلف كثيرا عن مواقف حكامها تجاه الكورد- وللأسف- فقد رُبّوا على نزعة شوفينية بالغة الأذى والانحراف..وهذا ما شعر به السياسي المعروف “صالح القلاب” وغيره من هذه الشعوب ومنهم مثلا(د إسماعيل بيشكجي التركي). وقد كتب السيد القلاب هذا مقالا نشره في مواقع إلكترونية مختلفة، ومنها موقع “عامودا” تحت عنوان مثير : الأكراد: لماذا الحقد عليهم وكرههم.. في كل العهود والمراحل ؟!
كلما ازدادت تعقيدات القضية العراقية، ازداد استهداف الأكراد واستهداف مسعود البارزاني بالذات، وحال كل هؤلاء الذين يبادرون إلى اعتصار الأحداث لاستخراج تهمة توجه إلى الشعب الكردي، في شمالي العراق، وقيادته كحال من لا يجد ما يثبت به رجولته بعد ان يُشبع إهانات وامتهان كرامة في الخارج إلا بالعودة الى بيته ليُشْبِعَ أهله مرجلة وتفنناً في الشتم والضرب والاتهامات.
في كل يوم تتفتق عقلية الإفلاس ليس في العراق فحسب، وإنما في طول الساحة العربية وعرضها عن تلفيق تهمة جديدة ومن الوزن الثقيل وإلصاقها بالشعب الكردي وبمسعود البارزاني، فغير القادرين على لجم غول الذبح على الهوية والعاجزين عن إبعاد شبح التشظي والتفتت عن العراق، لا يجدون مشجباً يعلقون أخطاءهم وخطاياهم عليه سوى القيادة الكردية، التي كل الذين يسيئون إليها ويقولون فيها أكثر مما قاله مالك في الخمر، كانوا قد استظلوا بظلها هرباً من سطوة شمس صدام حسين يوم كانت ساطعة وحارقة.
ومن المثقفين العرب الذين يحاولون إنصاف الكرد باعتبارهم قومية متميزة عن الأقوام الأخرى إثنيا (عرقيا) ولكنهم ينتمون – عبر تاريخ طويل- إلى الإسلام. ومن هؤلاء المثقفين مثلا:
الدكتور احمد أبو مطر0الفلسطيني) والقاضي كاظم عبود(العراقي) والسيد منذر الفضل (العراقي) وفي لحظة ما السيد فهمي هويدي(المصري) وكذلك السيد إبراهيم درويش(ربما السوري) الرئيس الليبي: معمر القذافي. والسيد الوزير محمد بن علي اليمني(ﮔولان العربي عد 13/25/حزيران 1997)،وغيرهم من العرب الذين شعروا بالغبن اللاحق بالكورد، أناس يجعلوننا خجلين من التعاطي مع العرب بطريقة لا تنم عن احترام.. سواء لجهة السلوك الخاطئ الذي عاملونا به، أو لجهة التفكير الخاطئ الذي يعبرون به عن أحوالنا في التاريخ، وفي الحاضر، بل وفي تشكيل المستقبل.. إذ لا يدعون فرصة إلا ويتخذون أسلوبا وصائيا علينا ..!- إن لم يغرقونا في بحر من اتهامات وشتائم ما أنزل الله بها من سلطان.
إنني أدعوا الإخوة الكتاب والقراء جميعا.. إلى الترفع عن المهاترات.. أو العبارات المتهمة للآخرين، ولننتقل إلى أسلوب النقد الجسور بطريقة معبرة ومهذبة، تعلن عن نبل المقصد فيها. وتخلق حالة تأثير صحيحة. وكما يقول الله جل وعلا: “ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم”. وأعتقد أن تحرير الهند لم يتم بالشتائم والمسبات،بل بسياسة بسيطة ومؤثرة هي سياسة اللاعنف(أو فلسفة اللاعنف) التي تبناها غاندي الذي سمي من اجل ذلك المهاتما(أي المقدس) من قبل شعبه، واحتفل العالم عبر هيئة الأمم المتحدة بمرور مئة عام على وفاته،تقديرا لفلسفته المنتجة هذه.
كما أن الرسول محمد – وغيره من الأنبياء- لم ينجحوا في نشر رسالتهم إلا بالمضمون الأخلاقي ونبل المقصد، وتحمل الأذى، وأسلوب ((ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)) صدق الله العظيم. او على الأقل وفق قوله تعالى:((وجادلهم بالتي هي أحسن)).

3- هكذا فهمت الإسلام
4- محمد قاسم……………….
5- ibneljezire@maktoob.com
6- قيم عامة مشتركة تستند إلى الفهم المشترك(العام) والذي يفترض أن كل إنسان يتمتع به، وبالتالي يستطيع استيعابه بالقدر الذي يجعل منه مسلما متوافقا مع عقيدة الإسلام وأهم أداءاته التعبدية…ومن ثم النتائج المفترضة لعمل إسلامي كهذا،انسجاما مع حديث صحيح لرسول صلى الله عليه وسلم((عن جابر رضي الله عنه قال:قال النعمان بن قوقل. يا رسول الله:أرأيت إذا صليت المكتوبة، وصمت رمضان، وأحللت الحلال وحرّمت الحرام،ولم أزد على ذلك شيئا، أأدخل الجنة؟ قال نعم. قال: والله لا أزيد على ذلك شيئا))أخرجه مسلم.
7- هذه القيم والمعاني التي أعنيها هي تلك التي تتوافق مع مضمون هذا الحديث الذي ليس موضع اختلاف،
8- -الصلاة المكتوبة(الفرض).
9- – صيام شهر رمضان(الفرض).
10- -إحلال الحلال وتحريم الحرام(المنهج الأساسي للعمل والتعامل عموما، والذي يصنف في مكونات الإسلام تحت عنوان: (المعاملات) والمكونات الأخرى هي(العقائد). و(العبادات). ودون الدخول في مجادلة فرضية الحج والزكاة، وهي ثابتة لدى كل المسلمين ..ولكن إغفال ذكرها في هذا الحديث يدل على أنهما مرتبطان بالمقدرة، (وربما لم يكن النعمان بن قوقل ممن يملك المقدرة فيهما فلم يلفت الرسول انتباهه إلى ذلك..) كما أن الشهادتين مسلّم بهما في الصلاة أو موجباته(الاعتقاد).
11- المهم لدينا هو: أن مضمون هذا الحديث هو: معيار دخول الجنة أو عدم دخولها- كما يبدو واضحا –
12- والمهم أن هذا يعزز الحديث الآخر القائل: ((إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين احد إلا غلبه،يسروا ولا تعسروا، وبشروا وسكنوا ولا تنفروا)) والحديث القائل: ((هلك المتنطعون)) وقبل هذا وبعده قول الله سبحانه تعالى: ((لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت..)).
13- هذه الآيات والأحاديث تدل على ما أردناه، وهو: (القيم والمعاني العامة في الإسلام، والتي هي( مشتركة وعامة). وتمثل (المعيار) لاعتبار القائم بها مستحقا الجنة استنادا إليها، وما عدا ذلك، وما لا نطلع عليه من سرائر الناس.. فهي موكولة إلى الله سبحانه وتعالى. بل الأكثر شيوعا هو أن الناطق بالشهادتين يعصم دماءه.(وقد استندت وثيقة مكة لهذا العام 2006 على هذا في تحريم دماء المسلمين على المسلمين في العراق..).
14- إذا هناك قيم ، خاصة، متميزة، تعتمد على:(الخصوصية التي يتمتع بها أشخاص أو شرائح أو مجموعات) و قيم عامة ،وهي (عمومية القيم الإسلامية العامة) لإمكانية إتقان هذه القيم في تطبيقاتها، أو الوصول بها إلى درجة (الإحسان). وبحسب ما فهمت من الإحسان كدلالة، سواء في الإسلام نفسه، أو لدى أصحاب الهندسة الحيوية، والتي أبدعها- أو اكتشفها- السيد الدكتور المهندس(د.م.إبراهيم كريم) من مصر. أو من هو في هذا الاتجاه عموما..فإن الإحسان هو: بلوغ الغاية في حسن الأداء لأي عمل يواجه المرء في حياته (دينيا أو دنيويا..) فلا انفصام بينهما في الدين – كما أفهم- -أليست الدنيا جسرا إلى الآخرة..؟ – أليس الناس شهداء الله في الأرض..؟ فما قرروا صلاحه قرر الله صلاحه..(حديث حكم على جنازتين)
15- ومن اعتبار هذه الفكرة.. يفترض أن نستنج المعايير الدقيقة في: التوجيه.. والوعظ.. والإرشاد..الخ. وخاصة في المستوى الديني (وأستطيع أن أقول الديني الإسلامي خاصة).
16- وما يتبادر إلى الذهن من أسئلة هي:
17- لماذا هذا الأسلوب الذي غلب فيه النظري:الخطابة التي تعتمد الضخ في اتجاه واحد، وبأسلوب يغلب فيه العاطفة والانفعال وقلما يعتمد على إيراد الحجة..! وما ينطوي عليه هذا الخطاب من استهانة بحقوق الناس،كوعي..و كقيمة.. وكرامة شدد الله ورسوله على حفظها..؟(أسلوب الوعظ والإرشاد كيف يكون..؟) و (حديث الرسول:لدم المسلم أعظم من قيمة الكعبة..أو ما معناه..
18- ما نلاحظه لدى الذين ينسبون الإسلام إلى أنفسهم بأية صيغة ..أنهم احتكروا صحة الفهم والتفسير لمفاهيم وتعاليم الإسلام..ومن لم يأخذ بما هم يقررونه اعتبر من جانبهم خارجا عن الإسلام بشكل ما (روا فض، كفار، منحرفون،مرتدون، ..الخ). والمؤسف والمؤلم أيضا أن الذين يدعون الإسلام – في هذه الحالة- يعتبرون الحق إلى جانبهم، ويعطيهم التفويض لتقرير مصير الآخرين بأدوات تعتمد الانفعال، والذاتية.. مخالفين بذلك حقيقة الإسلام- كما يفهمها البعض أيضا-.فالإسلام هو نصوص (قرآن،وأقوال الرسول، وسلوكه المعبر عنه عبر الكلمات.وإقراره سلوك الصحابة ..وهذه جميعا تحتاج إلى من يفهمها..والفهم يتفاوت بلا شك بين الشخص والآخر- بحسب مستوى المعرفة والعلم لديه- وهذا الأمر طبيعي،فالمعروف لدى كل مطلع على علم النفس ولو قليلا،بل الذين لديهم بعض خبرة في الحياة يعلمون ذلك وهو ان التفاوت في الفهم أمر طبيعي، وبالتالي فقد يفهم المرء فكرة على نحو ما لا يلبث ان يزداد علما فيزداد فهما،
19- وما التشدد في مسألة الثوابت والمتغيرات في هذا الجانب سوى محاولة تبرير للفهم والسلوك المتطرفين عادة. فمنذا الذي منح تفويضا للبعض لاعتبار أنفسهم الأجدر و الأكثر استحقاقا في الفهم والتفسير..؟
20- كلما هنالك يمكن للمرء أن يطرح فهمه بحسب اجتهاده، ويسمع من الآخرين بحسب اجتهادهم(إذا اجتهد القاضي وأصاب فله أجران، وإذا اجتهد واخطأ فله اجر واحد)أو كما قيل –الحديث-
21- في الحالين، المرء مأجور. ومالنا سوى الظاهر، أما السرائر فموكولة إلى الله، وإضافة إلى ذلك فهناك المودة والألفة، وهناك المجاملة وبعد النظر، وهناك مختلف الأساليب التي يكمن فيها تقدير القيمة الإنسانية ..ولنعد إلى الأسلوب الذي تعامل به الرسول صلى الله عليه وسلم مع الناس في حياته(صحابته، والكافرين، وأهل الكتاب، وكيفية التعليم واعتماد الفهم والمسامحة والعفو..الخ).
22- لم يعط الله أحدا وصاية على الآخرين، فالرسول منذر وهاد وليس وصيا على الرغم من كونه يستمد الوحي من الله ،فما بال الذي لا وحي لهم..!
23- الدين رسالة هدى وتنبيه وتحذير وليس الدين سيف مسلط على رقاب الناس..كل امرئ بما كسبت رهين والله يحاسبهم كم يشاء..وإليه المصير والمآل((فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره،ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)) صدق الله العظيم.

موقع عامودة- 06.09.2005-00:57 (قرئت 452 مرة) أيها العروبيون اتقوا الله.. من وحي حوار مع السيد جواد ألخالصي على قناة المستقلة

ابن الجزيرة

كل يوم يتأكد لي أن قناعتي فيما يتعلق بالذهنية العروبية- وربما العربية – تقترب من المصداقية أكثر، وعلى الرغم من أن هذه القناعة تجري على خلاف ما أتمنى؛ إلا أن الموضوعية في التفكير والتحليل، تفرض علي القبول بها على مضض. و أكاد أعيش حالة سيدنا إبراهيم عليه السلام – ولكن في اتجاه معكوس- فعندما رأى النجم ظنه ربه، ولكن رؤيته للقمر جعله يعتقد أنه أكبر إذن فهو ربه، ولكن رؤيته للشمس الأكبر جعله يقول: هذا ربي هذا أكبر. فلما أفل قال لا أحب الآفلين. وراح يبحث في أعماق قلبه وعقله عن الإله المنشود.
وهكذا كلما وقعت على دليل في كتابة أو حديث تنبعث منه رائحة العنصرية والشوفينية العروبية – أو ربما العربية أيضا – قلت ربما كان الأمر خصوصية غير جديرة بالنظرة إليها كحالة عمومية، ولكن كتابة أخرى أو حديث آخر يجعلني أحتضن ما نفرت منه قبلاً. فمثلا: كنت اليوم (السبت الواقع في الثالث من شهر أيلول 2005) أتابع حواراً مع السيد جواد ألخالصي على قناة المستقلة – وقد غمز في قناتها أيضاً؛ عندما علق على موضة الديمقراطية – وكونهم سموا أحد الفروع الإعلامية لديهم بالديمقراطية!. ( وكان يدير الحوار المذيع المهذب السيد جمال ).
وسأذكر فقط نقطتين أو ثلاثا وردت في سياق الحوار:
– حول المادة المتعلقة باعتبار الشعب العربي في العراق جزءاً من الأمة العربية. لم يرق له هذا بل استنكره بشدة واقترح صيغة بديلة قائلاً: لم لا يكتب: العراق جزء من الأمة العربية ومن الأمة الإسلامية وبذلك تحفظ للأكراد حقوقهم باعتبارهم مسلمين!!!!!
ولو ظللت أكتب إشارة التعجب على مدى الصفحة كلها لم تكف للتعبير عن التعجب. يعتبرون أنفسهم مادة الإسلام وحملة رسالته ويتميزون بذلك عن الآخرين ومع ذلك لا يقبلون أن يتخلوا عن تسميتهم القومية – على ما يكتنفها من خصائص التخلف باعتراف الكثيرين من مفكريهم- ولكنه يطلب ببساطة أن يكتفي الأكراد بقبول اعتبارهم جزءاً من الأمة الإسلامية وفي ذلك ضمان لحقهم وعليهم أن يقبلوا و إلا فهم متجاوزون !. سبحان الله !!.
– حديثه كله كان يجري في سياق اعتبار أنه مع الحق ومع حقوق ومصلحة الشعب والوطن العراقي ولذا فكل المختلفين أو المخالفين هم على ضلال وضد حقوق ومصلحة الشعب والوطن العراقيين. يا ألله !!. ومن هذا الذي له الحق أن يقرر ما هو الحق وما هي حقوق ومصلحة الشعب والوطن العراقي؟! وما هو المعيار الذي اعتمده هذا السيد، ومن الذي قرر هذا المعيار؟! في الحقيقة هذا هو منطق الذهنية العروبية؛ ما يقررونه فهو الصحيح وهو الوطني وهو المصلحة… ولا يتذكرون أو ينتبهون إلى مشروعاتهم الفاشلة إسلاميا منذ أن حرف الخليفة الأموي الأول مسيرة الحكم في الإسلام، فحوله من (شورى) في عهد الرسول وفي عهد خلفائه الراشدين الأربعة، إلى ولاية العهد. وحولوا المسلمين إلى عرب وموالي – مواطنين درجة أولى ومواطنين درجة ثانية وربما ثالثة- وهم يفخرون بهذا الإنجاز العروبي الذي سبقوا فيه هتلر بأكثر من ثمانية عشر قرناً. وفوق هذا لم يجلبوا لأبناء أمتهم الاستقرار و الازدهار طيلة هذه القرون سوى عقود قليلة كان للموالي فيها دور لا يمكن إنكاره – إن على صعيد العلم وإن على صعيد التجارة وإن على صعيد الجيش والفلسفة والأدب، بل وعلى صعيد اللغة العربية ذاتها – سيبويه، ألكسائي، أبو خليل الفراهيدي، والشعر: غالبية الشعراء المجددين (المولدين) أبو العتاهية، بشار بن برد، أبو نواس… وفي الأدب عبد الله بن المقفع والذي كان جزاؤه ما كان، وهكذا حتى هذه اللحظة التي لا تزال تربة المرحوم الملا عبد الكريم المدرس – مفتي العراق- رطبة وهو كردي… ولا يزال اسم مفتي سوريا المرحوم أحمد كفتا رو حياً في أذهان العالم. و لا يزال الدكتور محمد سعيد البوطي يحاضر في كل أنحاء العالم… وهذا الأخير يضحي بمصالح بني قومه في سبيل الإسلام – كما يعتقد- عبر تصريحات ضدهم إبان تحرير العراق- ولا يمكنني أن أقول سوى هذا القول – فهو تحرير حقا. ولولا الذهنية العروبية؛ والتي يمثل السيد ألخالصي بعض ملامحها، والتي تحشد قواها باسم مقاومة الاحتلال؛ لتعيث قتلاً وتدميراً، ولا تفرق في ذلك بين رجل وامرأة أو طفل و كهل أو شيخ أو بريء… ويتباهى بهذه الأعمال مفكروا العروبة، ولعل السيد ألخالصي من هؤلاء أو هكذا يبدو.
والله لسنا حاقدين على العرب ولسنا حاقدين على أي مجموعة بشرية على ظهر البسيطة ولكن!… عندما يضطرك أحدهم إلى الحديث فلا يمكن للمرء إلاّ أن يحاول مداولة الأمر وفق ما يراه صحيحاً، ولا ندعي أننا الوحيدون في امتلاك الحقيقة ولكننا – وعبر عمر طويل لم نتبنى خلالها العنصرية والشوفينية والشعور بالتعالي على خلق الله مهما كان أصله وفصله- نجزم بمصداقية القول والفعل في مساعينا؛ انسجاماً مع قوله تعالى: (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)) سورة الحجرات الآية 13
وانسجاماً مع قول رسول اله صلى الله عليه وسلم في الخطبة الجامعة (حجة الوداع) في السنة العاشرة للهجرة في 9 ذي الحجة فوق جبل عرفات: ((…يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم خلق من تراب. إن أكرمكم عند الله أتقاكم. ليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى ألا هل بلغت؟ قالوا نعم قال اللهم اشهد. ثم قرأ على الناس قوله تعالى: (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)).
وأسال السيد ألخالصي وهو عالم: و يسعى إلى التقريب بين المذاهب كما ورد على لسان المذيع -: كيف تأمل من مسعاك نجاحا إذا كنت منحازا منذ لحظة البدء بسعيك هذا؟ بل كيف تتجاهل ما يقوله الله ورسوله في سبيل نزوع نفسي ؟ ومن ثم ما ذا ستقول أنت وغيرك لربكم في يوم الحشر والنشر وأنتم تتجاهلون لب رسالته السماوية إلى العالمين ؟ وهل نسيتم قوله جل وعلا:(( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)) النحل 125. أو قول الرسول (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) متفق عليه.
والسلام على من اتبع الهدى
ibneljezire@maktoob.com