صورة ودلالات

صورة ودلالات

السبت 11 نيسان 2009

محمد قاسم

كان يمر بين الجنو د -ذكورا وإناثا- الجميع في هرج ومرج.. يصافح هذا وتلك.. والبسمة بادية على وجوه الجميع..الأيادي ممدودة لتصافحه ويصافحها وسط لغط من صيحات الجنود المسرورين كما بدا..الكاميرات في يد الجنود يصورونه وهو يمر بينهم ويصافحهم ويعانق البعض.. ويقبله…. يستمع إليهم. وهم يتحدثون إليه في غير ما نظام.. كل يلقي بكلمة ..ربما هي ترحيب.ربما إعجاب..ربما هي رغبة في عبارة موجزة وسريعة…كل ذلك أثناء مروره..بينهم..يتحدث إليهم..يستوقفه البعض ليلتقط صورة له…. بعضهم كان يعلك لبانا في فمه…وهو إلى جانب الرئيس.. تكاد اللوحة ان تكون كلها مختزلة في بسمة عريضة فقط،كان كل الابتسامات تجتمع لتكون هذه البسمة العريضة المعبرة..

لقطات لم أعهدها إلا في الثقافة الأمريكية…
لاحظت ذلك عندما زار بوش أيضا الجنود في العراق.. وكيف كان يصافح الجميع, وكيف انه اخذ صحنه كما أي جندي.. ووضع فيه طعاما مما يأكله الجنود.. وجلس إلى إحدى طاولاتهم ليأكل.. مما يأكل جنده.. وبينهم.. وعلى طاولتهم.. وفي صحن كالذي يأكلون فيه..على الرغم من ان الجند -كما قيل- مستاؤون منه..!
ولكن هنا –مع اوباما- فقط ، البسمة والفرح.. واللغط كان أكثر حضورا..أكثر صخبا..أكثر سرورا..
يبدو ان السبب –ربما –أمران:
-أولهما ان اوباما لا يزال محبوبا من الجميع لاعتبارات عدة منها:
* انه أول أسود يختار رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية..وهذا انعطاف مهم في الثقافة الأمريكية..والتي لم تكن تقبل بترشيح الأسود..-كما قال اوباما نفسه في أثناء زيارته إلى تركيا..(كلمة أمام البرلمان).
* أنه من أب مسلم وأفريقي.. (باراك حسين اوباما) وهذا هو الاسم الذي أقسم به اليمين الدستورية –والذي كرره مرتين بسبب الشك في خطا كلمة أثناء القسم..وهذه دلالة أخرى على دقة الفعل والمغزى..
* أنه استلهم سياسة الرئيس الأمريكي الأسبق “إبراهيم لنكولن” والذي يوصف بـ “محرر العبيد”…
* أنه تبنى شعار “التغيير” وهذا ما يحاول ان يفعله..في مختلف الاتجاهات..على الرغم من التركة الثقيلة التي خلّفها الرئيس السابق “جورج بوش الابن”.
* لأنه وعد بانسحاب الجيش من العراق..وهذا فرح ما بعده فرح بالنسبة للجيش..
كانت ملامح الجنود الأمريكيين منوعة.. أوروبية..صينية…افريقية..آسيوية…الخ.
فليست هي الولايات المتحدة فحسب..بل و الأمم ا لمتحدة أيضا..من خلال الوحدة والتمايز…(وحدة الوطن وتمايز حر للاثنيات) ..ليس لعرق معين..ففي الولايات المتحدة لا يوجد عرق معين طاغ..كما في الهويات الوطنية الأخرى… كطغيان عرق أو دين..أو طائفة..أو قومية..الخ.بل هي هوية وطنية جامعة واسمها “أمريكا” ليس نسبة إلى عرق بعينه..أو دين بعينه..أو طائفة بعينه..أو حزب بعينه.. أو شخص سياسي بعينه .. بل نسبة إلى دلالة علمية ..هي اسم الشخص الذي اكتشف القارة الأمريكية.. واسمه”امريكو فسبوتشي”..أو “الولايات المتحدة الأمريكية” إشارة إلى عدد الولايات المختلفة..
وهي لا تزال الأقوى بين الدول منذ قيامها..وإن كانت تدخلاتها بدأت منذ الحروب الكونية في النصف الأول من القرن العشرين…كما هو معلوم..!
فلا جدال حول هل يسمى الوطن باسم عرق أو قومية أو حزب أو طائفة..أو دين.. الخ.
ولذلك فلا جدال سياسي يأخذ من الجهد والوقت ما يصرف عن العمل للبناء ..!
خاصة وان العمل مقياس النجاح هناك..لا الانتماء إلى دين..أو قومية..أو عرق.. أو حزب…أو طائفة..الخ. وتكمن هنا عظمة الدولة الأمريكية..بغض النظر عن توافقنا مع بعض سياسات إداراتها أو اختلافنا معها…!
وهي سياسات –على كل حال –منسجمة مع بنيتها الثقافية”المصالح أساس التعامل” دوليا خاصة..وربما لا تزال محليا أيضا..وان كانت المحاولات مستمرة من المفكرين والمثقفين والفلاسفة…الخ. لإيجاد ظروف وقوانين أفضل إنسانيا…وقد نجحت من هذه المحاولات ما جعل الحكومات توفر التأمين الاجتماعي-الضمان الاجتماعي-على مستويات مختلفة..ولا يزال الجهد مستمرا..وما تحقق منها يمثل ما هو موجود..وليس كما “بلاد العرب” والشرقية غالبا.. شعارات تذاع في الإعلام.. ولكنها ليست موجودة في الواقع إلا بقدر قليل هو أيضا يمارس بانحياز من نوع ما…أي ان الميول –وربما التوجه الرسمي- يؤثر عليها في الممارسة…فيحرم مستحقون.. ويحابى غير مستحقين..فكأنها تمارس أسلوب سياسة المصالح الدولية محليا..بمعنى أنها تتصرف في ميزانية الدولة بطريقة انتقائية..وتجعلها في خدمة بقاء أنظمتها لا في خدمة مصالح شعوبها..بينما هناك السياسة تطبق على الجميع…
قد يزوغ متنفذ،أو متلاعب، أو غير ذلك..ولكنه ما إن يثبت عليه قانونيا حتى يجر إلى المحاسبة ولو بعد حين…”ووتر غييت..” و”نيكسون” الذي سحب منه منصب الرئاسة بعد اكتشاف تلاعبه في الانتخابات بالرغم من تنصيبه رئيسا لفترة..
“بل كلينتون” وقصة “مونيكا لوينسكي”…لأنه كذب…(انتبهوا ..لأنه كذب في تصريح له حول علاقته الجنسية بها..) عندما سئل..!
ورؤساؤنا وملوكنا ..يكذبون كل يوم على شعوبهم…وأصبحت الكذب ثقافة يومية ولئن حللنا ما نقول..وما نفعل…سنجد الكذب يسري في معظم ذلك..ونحن ندعي طهر الدين..سمو مبادئه..وعلو قيمة القيم الاجتماعية..الخ.
أليس هذا هو النفاق المشرعن –إذا جاز التعبير..؟
غابت معايير نحاسِب – أو نحاسَب-عليها..وأصبح ما يدعيه كل منا هو الصحيح.. ولذا فاتجاهات التعبير –والتفكير- لدينا مملوءة ذاتية..ومن ثم انفعالا..فكل من لم يفكر على طريقتنا..أو يؤيد اتجاهنا فهو: خائن..عميل..منحرف..كذاب…وقل ما يتبادر إلى الذهن من الاتهامات والشتائم والتي برعنا فيها..فتحول الحوار إلى جدل مذموم..كل يشتم الآخر أو يتهمه..!ولا فرصة لإيجاد قواسم مشتركة قانونيا أو شرعيا أو غير ذلك..
بإحصائية –كما أتوقع- سنكتشف ان كلمات الاتهام والشتيمة وما يتعلق بهما هي الأغلب فيما نقول ونكتب..!
…………………………………………………………………………………………………………………………….
منقول عن موقع ولاتي مه

http://www.welateme.net/erebi//modules.php?name=News&file=article&sid=5450#.XozLW-rXLIU
………………………………………………………………………………………………………………………………
سيكولوجيا +دلالات
1- في اغلب المسلسلات العربية –خاصة تلك التي تصاغ كتابة وتمثيلا وإخراجا..- يلاحظ المرء روحا خاصة تسري في أوصالها هو التأثير السياسي الرسمي –غالبا-في مجريتها، والأهداف التي تسوقها المسلسلات الى الجماهير..وقد أصبحت مبتذلة ..في ظل انتشار الوعي والتكنولوجيا..!
أغلب المسلسلات تؤسس –أساسا- لخدمة هذا الهدف الرسمي، بعض المخرجين يحاولون ان يستثمروا أحداثا ليسربوا عبرها أفكارا خاصة، قد لا تناسب الرسميين الذين يهيمنون على المسلسلات بأي شكل..ولكنها تظل دون جدوى..لأن التوليفة التي يقدم المسلسل وفقها،تغطي على هذه التسريبات..وتتركها أشبه بأصداء لها صوت وليس لها تأثير فاعل.
فالشائع عن الواقع الفني والواقع الثقافي.. وقبله الواقع التعليمي والتربوي..ومجمل السياسات العامة والإعلام..الخ،كلها موظفة منهجيا لخدمة هذه القوى المهيمنة وبدون شرعية دستورية وشعبية ،لأنها في مجملها أنظمة حكم مفروضة بالقوة العسكرية – حتى ان بدا أنها تمارس مظاهر انتخابية –
السيكولوجية التي تسري في أعماق الشعوب من هذه النوع..هي سيكولوجية استلاب الشخصية ..وان بدا أنها سيكولوجية تتبدى في مظاهر معاكسة..او مخالفة..كالتظاهر بالقوة والشجاعة والرجولة ..كما في الأدبيات التي تملأ كل مكان –الصحف والمجلات وأحاديث الإعلام بمنافذه المختلفة ..فضلا عما يرد على ألسنة الناس في المناسبات المختلفة والأفراح والأحزان..الخ.
لكان السيكولوجية هذه تعوض عن الشعور بالحالة المتردية التي هي فيها عن طريق ما يتضاد معها من أوصاف..!
يسمي فرويد- مؤسس مدرسة التحليل النفسي- ن هذه الحالة بـ “التعويض عن الشعور بالنقص “ويعتبر ذلك واحدة من الآليات الدفاعية اللاشعورية لتحقيق التوازن النفسي-طبيعيا-.
لم أجد الحاجة –كما تجري العادة- الى درج أمثلة حول الفكرة. فكل –أو لنقل فالأغلب من المسلسلات في البلدان العربية، وخاصة البلدان ذات الأنظمة الشمولية والتي تحتكر كل شيء بأسماء شتى، تختزل حق الوطنية..لتستبعد –بذلك- كل المواطنين الذين لا يتوافقون معها حول مفهوم الوطنية المعاشة واقعا-تتهمها باللاوطنية – فهي محتكرة كل شيء حتى المفاهيم المعنوية ..ولذا لا أجد –أبدا –غرابة في ما يحصل في هذه البلدان، مادام البعض منهم يقدم على كونهم من المقدسين بالانتماءات الحزبية..وبعضهم مقدسين بالانتماءات العائلية وبعضهم مقدسين بامتلاك المال،وبعضهم مقدسين عبر الموقع الوظيفي….وفي النهاية يلتقي الجميع عند المصلحة المشتركة في السيطرة على السلطة واستثمار خيرات البلد لفئة قليلة تضيق العيش والحركة والحرية على الآخرين..
لماذا سوريا مثلا لم تستطع ان تكون كاليابان وكلاهما حصلا على استقلالهما في العام نفسه. ولماذا لم يتطور العراق –رغم كل الإمكانيات المالية خلال خمسة وثلاثين من الحكم –كما تطور الهند والصين..وغيرها

دلالات
2- كان الرئيس الأميركي جورج بوش ينزل من طائرته وهو يحمل مظلته في يده..ولكن الأمير الذي كان في استقباله قد سخر احد الناس ليحمل مظلة على رأسه..
وعندما التقيا ظل الرئيس الأمريكي حاملا مظلته وهو يمشي الى جانب الأمير المذكور والأمير يمسك بطرف بعباءته فيما احد مواطنيه يحمل مظلة فوق رأسه.
كانت المفارقة غريبة..
رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم – في هذه المرحلة على الأقل – يحمل مظلته بيده وهو نازل من المدرج..ويحمل مظلته وهو يمشي الى جانب الأمير..!
وأمير اصغر دولة –ربما – يسخر احد مواطنيه ليحمل المظلة فوق رأسه وهو يمشي الى جانب رئيس أكبر وأقوى دولة. فضلا عن كونه ضيف البلاد..والضيف أولى بان يكرم بالخدمة –إذا جاز التعبير-..!
ماهي الدلالات..؟
ان التربية الديمقراطية التي أخذت موقعها في ذهنية وحياة المجتمع الغربي –ومنه الأمريكي- قد أذاب الشعور بالتعالي على الآخرين من موقع الغنى،او موقع المسؤولية..فالمسؤولية صلاحيات وليس امتيازات..عندهم.وربما وجد من يحاول ان يستثمر هذه الصلاحيات ويضعها في خدمة بعض أطماعه..ولكنه سيدفع الضريبة في يوم ما سواء أكان في السلطة او خارجها..
– لقد دفع هيلموت كول-المستشار الألماني- والذي وحد بين الألمانيتين في أعظم خطوة بالنسبة للألمان..ولقد قاد ألمانيا حوالي عقد ونصف..بأسلوب –يعترف الجميع بما فيهم الألمان- أنه كان ناجحا بمقاييس القيادة في كل الجوانب..ولكن ذلك لم يشفع له لغض النظر عن اختلاس بسيط جدا –ويقوم بها اصغر مسؤول في بلادنا بكل سهولة- فسحب منه شهادة دكتوراه فخرية كان مزمع ان يتقلدها،كما حوسب على اختلاسه.. وليس اختلاسا مما يفعله مسؤولونا من أموال الدولة مباشرة ..بل هو أموال قليلة منحتها شركة ما لتغطية جزء من حملة انتخاب-مع انه يستحق النجاح فيه بجدارة-ولكنها اللوائح القانونية في البلدان الديمقراطية-لا تحكم العواطف والمشاعر في قضايا الوطن والشعب-
– والرئيس الفرنسي شيراك الذي استلم ساركوزي منه موقع الرئاسة عبر مراسم ديمقراطية رائعة عرضت على شاشات التلفاز .. جر –هو الآخر- الى المحاكم مثله مثل رئيس وزرائه دوفيلبان..
– بل إن شارون الذي هو –بمقاييس شعبه الصهيوني- قدم الكثير الى شعبه..وقتل ودمر اعدءهم-العرب-.. وسود وجهه –بالمقاييس الأخلاقية تجاه العالم من اجل شعبه..كان قد طلب الى الحساب أكثر من مرة قبل سباته الأخير..الذي امتد الى عامين حتى الآن.
– واو لمرت الحالي ..دوما يتحدث الإعلام العربي –يا للنكتة- عن اتهام البوليس له في قضية كذا او كذا ،وبدون أدنى شعور بالحياء والخجل..ممن هم غارقون من قمة رؤوسهم الى أخمص أقدامهم في الاختراقات القانونية والاختلاسات المالية واستثمار الصلاحيات لخدمات خاصة –عائلية او قبلية او حزبية او طائفية ..الخ.
ترى ما هي الدلالات التي يمكن ان نأخذها من هذه السلوكيات..؟!

…………………………………………………………………………….
ملاحظة:
هذه المادة وغيرها ، المنقولة الى الموقع تحتاج اعادة نظر