الفولكلور ودوره في حياة المجتمع
كلمة الفولكلور أجنبية تشير إلى تراكم تراث من العادات والتقاليد والموسيقى والفنون ومختلف الأنشطة الاجتماعية التي تتبلور ذاتيا نتيجة تفاعلات طبيعية تلقائية…فلنأخذ مثلا الأطعمة الفولكلورية مثلا…إنها أنواع من الطعام تكون عامة في المجتمع..وكلما امتد الزمن وتفاعلت الناس فإن هذه الأنواع ينالها تغيرات تلقائية دون مخطط مدروس …كان تضاف أنواع من المتبل او أنواع منا لخضرة أو أسلوب القطع والطبخ..الخ..كل ذلك دون وجود خطط مسبوقة بدراسات نظرية
وإذا أخذنا الأغنيات والرق مثلا…نجد الكثير من الأغنيات دارجة لكنها غير معروفة لجهة الشاعر ولا الملحن…وتتعرض باستمرار لإضافات أو تغييرات عفوية كان يضيف أحدهم نغمة في لحظة ويتلقفها الآخرون ويرددونها أو أن تضاف كلمة صدفة من احدهم وتأخذ طريقها في الانتشار ..وكذلك الرقص وحركاته وكل ما يتعلق بها..الخ
والسؤال هو ما دور الفولكلور في حياة المجتمع ؟
………………………………………………………
فولكلور
دعيت الى حفل زواج احد أصدقاء العائلة وصديقي الشخصي ..كان كرديا يعيش بين العرب (الشرابية) كنت في مطلع شبابي أو أواخر مراهقتي..
ذهبنا جمع من أهل القرية -شبابا وكهولا نساء ورجالا..الى القرية القريبة لا تبعد عن قريتنا أكثر من 6-7 كيلومترات.
لاحظت الفروق المباشرة بيننا وبينهم..في الوان اللباس الزاهية لدينا –كردا –وألوان اللباس الكامدة ليهم-البدو-
وكان الفرق الثاني أسلوب الاحتفال،فأداة الموسيقى عندهم هو القصب (المجوز-)فيحين أداة الموسيقى هي الطبل والزرناي لدينا
وأما لرقص عندهم فكان إيقاعا واحدا بحسب القصب 0المجوز) وعندما يبتعد القصب عنهم يقفون فيما يرقص الطرف الذي يكون القصب قريبا منهم بحماس فيه بعض جهد أشبه ببعض عنف..في حين ان الرقص عندنا يتنوع بين :
-رقصة الدبكة (المحلية) أو الكوفند،وهي على عنوانين ،رقصة اليمين أو رقصة اليسار
رقصة الأصابع(الرقصة الشيخانية ) مع ان رقصة أخرى مختلفة الإيقاعات تسمى أيضا الشيخانية والقول رقصة الأصابع هي التي تميز الاثنتين عن بعضهما.
– رقصة الحلقة..(هورزي).
– رقصة الفقهاء(فقه تي) رقصا فقها..
وأنواع أخرى تختلف في بعض حركاتها وإيماءاتها..ربما تكون مما طرا عليها من إضافات عبر تفاعل مع الأقوام الأخرى..
ولذا فما ان دخلنا حلبة الرقص حتى تراكضوا الى مسك أيدينا للمشاركة في الرقص ولكنهم ل يكونوا يتقنونه..وهذا ما أربك حلقة الرقص..ولكن الجو الحميمي السائد جعلنا نحرص على الاستمرار مسايرة ومجاملة ..وهم رغبة وابتهاجا..وارتد ذلك علينا جميعا لحظات فرح مشتركة.
وفيما كنت أرقص الدبكة العربية معهم وجدت –فجأة –فتاتين الى جانبي كل واحدة في إحدى يدي..ولم أكن اعرف الدبكة جيدا..وهما يتقنانها.أربكني الأمر من ناحيتين..احدهما أني شعرت ببعض خجل لأني لم أعتد سابقا مسك يد البنات –الحالة الممنوعة دينيا واجتماعيا في قريتنا وبصرامة- والمشكلة الحقيقية التي أنقذني منها حسن رسول..هي ان نافخ القصب جلس امامي ولم اكن اعرف مغزى ذلك ولم اكن مهيا لذلك أيضا ..لكن الرجل انقذني بدفع مال له..وهذا هو المغزى –كما عرفت فيما بعد- والمشكلة الأصعب التي كدت اقع فيها لولا انهم انقذوني هي ان السسسشاب لا ينبغي عليه ان يترك الحلقة قبل البنت التي ترقص وهي في يده..وكدت افعل ذلك دون دراية للنتائج..والتي تصور على انها إهانة لهل الفتاة..ولكنهم انقذوني بإنهاء الدبكة ليمكنني تركها طبيعيا،ولهم مني الشكر على كل ذل؟
وعندما حاولنا مغادرة القرية كان الأسى باد على محياهم وهم يتمتمون ليت ان حفلة عرس اخرى تتم لنعيش لحظات طيبة معكم فيها؟
……………………………………………………………………………………..ز
في الجمال
محمد قاسم
يبدو ان طبيعة الظرف الذي نمر به تفرض –أحيانا –حالة معينة من التفكير والشعور والاهتمام …فتغيب عن ساحة الشعور –وربما الذاكرة – أشياء لها أهميتها في حياة الإنسان سواء على المستوى النفسي –فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان-كما يقول الشاعر. او كانت حياتية يومية، أو عناصر أساسية في تكوين التركيبة الإنسانية كشخصية متكاملة.
ولكي لا نسترسل كثيرا دعونا نختار واحدة من هذه العناصر في حياة الإنسان،وهي الجمال..!
قال الله تعالى (ولكم فيها جمال حين تريحون) ويقصد الحيوان الداجن..
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ان الله جميل يحب الجمال.وعندما وجد “الحسن البصري” امرأة جميلة في البصرة-بحسب بعض المصادر ..- قال:اللهم صل على محمد..فقيل له:يا فقيه البصرة وعالمها..اتصلي على جمال امرأة..؟ فقال:ان الله جميل يحب الجمال..
وللمقارنة بين جميلتين حكاية تروى عن سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة..ويظهر فيها التمييز بين “الحلاوة” او “الحلا” وبين الجمال.. م كما ورد في كتاب”دراسات فنية في الأدب العربي”للدكتور عبد الكريم اليافي _المدرس في جامعة دمشق..قسم الفلسفة. ويمكن لمن شاء أن يعود اليه..
…..
وما شدني الى كتابة هذه المقالة أنني لاحظت إحدى المذيعات على فضائية –كردستان-تقرا في كتاب ولكنها تحرص الحرص كله –وبالتوافق مع المصور بلا شك-لكي تظهر صورتها بين الفينة والأخرى في هيئة جديدة تبرز بعض ما تظنه جمالا فيها وهو جمال مادي بحت-كما لاحظت- جمال الوجه خاصة فهي كان جالسة..!
وقد وجدت ان هذا الأسلوب ، شديد الأخذ به في عروض تلفزيونية عموما ..
وقد يتقصده البعض كنوع من الفن..والبعض إثارة غرائزية لاستثمارها في إعلانات تجارية او استثمار مالي في أي صيغة كانت..
ودارت في ذهني فكرة هي : الجمال مثير ومرغوب ويتمناه كل إنسان..فهو يعود عليه بإحساس ممتع ..ولكن..!
هل الجمال فقط هو جمال الجسد-على ماله من قيمة-..؟
ألا يمكن ان نفكر بالجوانب الأخرى –او الحالات الأخرى –من الجمال..؟
جمال النفس ..جمال القلب..جمال الفكر…جمال السلوك..الخ…؟.
…………………………………………………………………………………..ز
محمد قاسم
بلا ريب إن القيم الجميلة كثيرة..ومتنوعة..ومتجددة …بحسب الظروف..بحسب الزمان.. بحسب المكان..بحسب..الثقافة الاجتماعية السائدة..
والمشكلة المطروحة هي في:كم هي حصة الموضوعية في تكوين، او صياغة، او وجود هذه القيم،وكم هي حصة الذاتي في تكوين، او صياغة، او وجود هذه القيم، الفطرية – ربما -..!
فمثلا ألاحظ –أحيانا – ان بعض الفتيات أو النساء ،أو الشباب او الرجال.. ينساقون مع قيم جمالية، يظلون يغيرون فيها، ويتفننون في تغييرها.واحيانا قد لا تتناسب التغييرات مع ما يرغبون فيه من التوجهات، للتمتع بالجمال، وقيمه..!
اعني عدم التناسب بين ما يتبعونه من الماكياج وبين ما يتمنونه،فقد يعطيهم هذا الماكياج ما لا يحقق الصورة الجمالية المتوقعة –أو المتوهمة- لهم.
فكثيرا ما ينساق البعض -من هؤلاء- مع التقليد والمستورد..ويكاد البعض ان يمتص كلما يجده من الموضات ومن أية جهة كانت، وفي أية صيغة كانت..!
من هنا،نلاحظ الركض وراء الصرعات التي تظهر في حياة شبابنا من الجنسين. والجنس الناعم بشكل خاص.واحيانا هذه الصرعات تكون بمثابة تفجيرات اجتماعية –كبيرة او صغيرة ..-تهدد التماسك الاجتماعي المميز في الشرق، رغم اعتراضنا على كثير من مظاهره التي يجب ان تتغير.. لتتوافق مع التطور.ولكن ذلك ينبغي ان يكون بطريقة تدريجية تستجيب لمستوى الاستيعاب الثقافي للمجتمع.
عود الى السؤال: الجمال موضوعي ام ذاتي..؟
بعبارة أخرى، هل للجمال شروط محددة،وواضحة،إذا توفرت توفر الجمال…؟.
إذا اتخذنا الإنسان نموذجا ..هل لتكوين الوجه،لشكل الأنف،للشكل الذي تكون العيون عليها، والشفاه.والشعر،وطبيعة الخدود والعنق… الخ.. لهذا التكوين مقاييس معروفة،؟
وهل وللجميع النظرة نفسها إليها؟.
طبعا هذا الكلام مشكوك فيه…فعلى الرغم من اتفاق الناس عموما على ملامح الصورة التي ينبغي ان تكون أجزاء الوجه عليها- مثلا – العين الواسعة .الوجه البيضوي..الأنف الملائم لحجم الوجه، الخدود الحمر..الشفاه الرقيقة قديما –والغليظة المنفوخة كموضة جديدة..الخ_ على الرغم من ذلك فإن اجتماع هذه الملامح في الشخصية قد يوفر جمالا، ولكنها لا توفر حلاوة، او حسنا بالضرورة..!
فكم مرة يقال:هذه الفتاة جميلة،ولكنها ليست جاذبة– أو ليست حلوة-.لأن الجاذبية في الحلاوة. لأن الجمال خارجي، والحلاوة روح داخلية تنعكس على الملامح الخارجية، فتبث فيها حلاوة وجاذبية.
لذا الانجذاب هو ناتج روح حية، او يقال في العامية -الدم الحلو..الدم المر –على الأقل بالنسبة للمقاييس الجمالية الكردية، ويشترك معهم فيها الآخرون ،ولكن ربما بألفاظ أخرى : الملاحة –الحلاوة-الجاذبية ..في العربية.
واعتمادا على المعايير الخارجية هذه، وصف شاعر يقال انه “دوقلة المنبجي” وربما غيره..فلذلك قصة طويلة ليس هنا مجالها..
لهفي على(دعد)وما حفلت ***بـالاً بــحــرِّ تلــهفـــي دعــدُ
بيضـاء قـــد لبس الأديم بها ***ء الحسُن ، فهو لجِلدها جِلـــد
ويــزيـــنُ فـــوديها إذا حسرت ***ضــافـــي الغدائر فاحمٌ جَعــد
فــالوجـه مثل الصبح مُبيضٌّ ***والشعــر مــثــل الليل مسودُّ
ضــدّانِ لـمـا استجمعا حسُنا ***والضــدُّ يــظهــر حُسنه الضــدُ
وكـــأنهـــا وسنَــى إذا نظرت ***أو مـدنـف لــمَّــا يُفِـق بـــعـــد
بــفتــور عيــن ٍ مــا بهـا رمَدٌ ***وبـــهـــا تُــداوى الأعين الرمدُ
وتــريـــك عِـــرنـيـناً يــزيّــنـه ***شـمــمٌ ، وخــداً لــونــه الوردُ
وتــجيــل مسواك الأراك على ***رتـل ٍ كــأن رضـــابــه الشهـد
…………………….
…………………
مــا عابها طــول ولا قِــصَـــر ***فـــي خلقهــا ، فقوامها قصد
….
ويقول شاعر آخر يحاول الإشارة الى معايير جمالية في مرحلة ما في الصحراء العربية:
بنت عشر وثلاث قسمت*****بين غصن وكثيب وقمر
وفي القصيدة اليتيمة أيضا، في ضخامة الردفين:
والتف فخذاها وفوقهما ****** كفل يجانب خصرها نهد
فقيامها مثنى إذا نهضت***** من ثقله وقعودها فرد
فالقيم إذا متقاربة ضمن بيئة معينة، ولكنها قد لا تكون كذلك ضمن بيئة أخرى
وهنا تبدأ المشكلة،وينبع التساؤل عن موضوعية الجمال..
ويبرز الوجه الذاتي للجمال، وهو الإحساس الداخلي به ، ولكن هل هذا الإحساس دون معايير مطلقا..؟.
بالطبع إنه يستند الى المعايير، ولكنها ليست معايير مطلقة ، فقد يتجاهل بعضها، ويرى بعضها الأخرى مخالفا للمعايير المألوفة..!
فمثلا.. كان “سيرانو دي بلجراك” الفرنسي يحب ابنة عمه “روكسانا” ولكنه لا يجرؤ على البوح بما نفسه لها، خشية الرفض، بسبب كبر حجم انفه، ولكنه يكتشف بعد فوات الأوان؛ ان ابنة عمه كانت تحبه، وتنتظر منه الخطوة الأولى،بل وكانت معجبة بأنفه بالذات(قصة الشاعر لمصطفى لطفي المنفلوطي).
ويمكننا تتبع الكثير مما كتبه الكتاب عن هذا الأمر، ولكننا لا نقصد هذا، بل نريد الوصول الى بحث فكرة( لماذا المبالغة في الماكياج عند النساء خاصة..؟!).
والمعلوم ان صرخات النساء وهن يطالبن باستمرار بالتساوي مع الرجل،يكاد يخرق الأجواز..وفي كل شيء..؟.
وهل طبيعة العمل الذي يقوم به الرجل لا يوفر أبدا الفرص الطويلة والمال الكافي والجهد الكبير للماكياج كما تفعله بعض النساء..بل إن البعض يضحين بالكثير من اجل هذا المظهر.. الماكياج.وهنا نسال هل معيشة الإنسان اهم ..دراسته..ضرورات الحياة..عموما ام المال الباهظ المصروف في ماكياج ليس ضروريا واحيانا يحول اتجاه الجمال الى العكس بموجب المعايير الجمالية الداخلية خاصة..
أي أن كثيرا من الحالات تكون المرأة في وضعها الطبيعي جاذبة حلوة..ولكنها عندما تستخدم الماكياج تبدو في مظهر مختلف يذهب بالكثير من حلاوتها نتيجة مبالغة في الماكياج كان تحاول السمراء ان تصبح بيضاء به..أو تراكم بعضها كميات تبرز أثرا واضحا ملفتا للانتباه فضلا للرائحة غير المستساغة في أحوال عديدة..
كنت مدعوا لحفلة خطوبة .وكانت الحفلة ظهرا في الصيف وفي الخارج..كما عادة الريفيين سابقا.ربما الآن الصالات توفرت..
وفي الشمس الحارة كن يرقصن-النساء_فعرق..ونزلت حبات العرق على وجوههن وهي ترسم خطا مميزا لطبيعة ألوانهن بعد إزالة الماكياج فبدون أشبه بوجوه مرسوم عليها خرائط..!
الاهتمام بالجمال عند الناس فطري وخاصة المرأة..ولكن الوعي الجمالي أساسي قبل أصباغ تبدل من طبيعة الناس والوجوه..وكذلك الأزياء..!