ياسمين الشام

الثلاثاء 16-2-2016

لا أريد أن ينقطع الجريان، فنشعر بجفاف أو جفاء…او يتضاءل دفء المشاعر المخضرة والبهيجة. تلك التي تمد حياتنا بإنبات، ونمو مضطرد يجري في الأنساغ نديا، يهب الحياة جمالا ، ويودعها نبضا وخفقا وعزفا وايقاعا…!
هي الأنثى
نبع لا ينضب
عزف يهدهد الروح
أمل يسري نضيرا في القلب
شردت الكلمات من ريشة روحي … تغازل ذكريات تنبض بالمشتهى والمأمول على المدى. فتنزدهي في رحابها لحظات؛ تعطيها لمسات وهج يفجر فيها الرحيق، وتهتز لها خلاياها التي تتناجى فيها أشواق تغالب ذاتها؛ لتتجلى فراشات وعصافير ترفرف على أغصان أشجار زاهرة؛ هي مأوى عشاق وملتقى النجوى في ظلال القمر …
16/2/2016-الثلاثاء
…………………….
ذبلت أزهار تزيّن نبض روحي
فاستعادت ذاتها على انقاس نبضك
لامست نفحات
هي بوح في ثنايا كلمات
نسيجها
حيوية كانت بها
فانتعشت
إذ لا مسها شعاع انساب من طلتك
فحياتي عادت لطفولتها
وتجدد شباب في نبضها
دفق يجري في الروح
نشوة وهنا
وبهجة زادت جنا
زادت غنى
زادت منى
فدعينا يا انت
نعيش المني…
فندفأ في حضنها أزمنا.
الكلمات تنتظر لمسات تجعلها ّذات روح نشوى، فيها نبض شعري…
فقد خلق الله الحياة، فتأتلف المختلفات فيها في مودة وانسجام. وفي تفاعل وبعث أجمل.
كلمات تنتظر الافراج لتجري مع جدول يسير في مساحات، ويجسّر بين المسافات …
ففي اللحظات المختلفة يشعر المرء بالندى يحيي رغبته نحو تعبير يفرّج احتباسا ران على قلبه.
فيخاطب أرضا خصبة تنبت ما تمطر الكلمات فيها، ذائقة شهية، وارتدادات أشهى حتى الثمالة.
…………………………………………………………………………………………………………….
السبت 2016

ربما أجمل بداية تلهم الأحرف والكلماتٍ نبضَ مسيرة أدبية قد تمتد؛ وهي تغازل ذاتها، لتوهج روحها، فترسم المعاني وما فيها من مشاعر تندّيها ألقا. التقيت اسم “ياسمين” في بعض نصوص أدبية مبثوثة في كتب المدارس التعليمية او في قصائد أشعار او روايات هنا وهناك…وفي أحاديث تلفزيونية…لكنني لم اعرف الـ “ياسمين” إلا عندما ذهبت الى دمشق للدراسة فيها، فتعرفت عليه زهرة بيضاء صغيرة بأوراق قليلة لكنها رائعة التجلي والعطر. ربما فوح عطرها الهادئ والمميز…يدخل مسامات الشم كان كرسالة من عزيز تحمل ومضات الشوق والذكريات التي تنبض فيها…فعلمت لماذا لفت الاسم انتباهي فللياسمين وقع في النفس لا ننتبه أحيانا إليه ونكتشفه في لحظة عظيما. كانت تكتب نصوصا شعرية، وجدت في بعضها روحا خاصة كما أجدها لدى ياسمينة في كل مكان… بعمق أكثر، فهنا أسرار تتابي على الإفصاح عن ذاتها. ربما لان الشعور والمشاعر من بيئة واحدة يوفر أسباب تواصل أسهل بعد سقوط حواجز موهومة… او ربما لاختلاف ظروف الحياة بين من نمت في ظلال الأدب وروح فيها خصوصية وأخرى –على الرغم من بيئة شبيهة، تختلف في الخصوصية المعاشة، كبيئة منفتحة في مقابل بيئة تعاني لكي تصل إلى الانفتاح…!
ياسمينة الشام هذه (وأتمنى أن تكون بخير). كتبت نصوصا اوحت الي بمداخلات ذات طبيعة شعرية –لنقل مبتدئة-فتم تفاعل أنبت بيئة أدبية حرة تلتقي فيها النصوص المتحاورة والمتفاعلة بروح طيبة وجميلة وعفوية …أذكر أنها كتبت نصا يا أيها المالك قلبي، أعدت نشرها في صدى الفصول(فيسبوك) وقدمت بالقول:
نثرية قالتها صديقة في منتدى اسمها “سارة مرتضى” أرجو الله أن تكون بخير فمنذ بعض سنوات لا اعرف عنها أخبارا. 1
((يا أيُّها المالكُ قلبي، البحرُ بيننا تناءتْ شفتاه، ومراكبي قعـيدةٌ حسيرة مزّقتْ أشرعَتَها الريح. وأمنياتي تَذوي أوراقُها الشاحبةُ في خريفِ غـيابِك الشوق هائجٌ ومائجٌ في حناياي. ليس بوسعـي إلا أنْ أقتاتَ على ذكراك …
فكتبت من وحي قولها –مع شيء من التصرف هنا:
في انتظارك ندى يقطر من نبض قلبه أمل، والآمال تنمو أحيانا، وأحيانا قد تذوي أو تذبل.
لكنها أبدا، تنعشها الأحلام، ونسائم، كم بها تتجمّل. في محيّا المنتظّر بريق دائم. وتشّوفٌ، وهوى منه يتسلّل. فالليل والأحلام زاد يعمره انتظار، تسكنه نشوة، تحيا بها المُقَلُ. إن الثنائي إذا توهّج نبضه يحيا به الشوق وفيه وهج، وندى محمّل بالعطر تنثره ياسمينة في المدى، فتلتقطه غيوم، وسماء، وخصب يكمِّل. في الإلهام معان تومض بالسّنا وصور تتنادى، وأخيلة وجُمَل. لعلي يا سيدتي تذوقت بعض معانيك إبداعا ومن أجملها أصبحت أرتوي وأنهل ….
فكان تعقيبها: أستاذي القدير / محمد دوماً تتحفني بحضورك المتوهج وتقيّد قلمي عن الرد، لا يسعني سوى تقديم الشكر وهو ضئيل تقبل الياسمين والتقدير.
وكأن القدر أبى أن احرم من الياسمين. فان غاب حينا ظهر حينا، وبقي عبقه يملأ فضاءاتي التي اعتدتها عالما أستلهم منه ما يغذي الروح والقلب… فتولد الكلمات ادبا يطهر انفعالاتي، ومتعة لذائقة نقية ترتد على ذائقتي متعة؛ لا أزال أنتظرها بشوق في يقظتي، وأحلامي أحيانا. فـ ((الأدب … كم ذا تمكن مني. أجده مقيمًا لا يبرح، يعصف بي وأموج به؛ دون أن استقل مركبه! لا يسلمني فاكهته وهو المصر على اغوائي…)).
كلمات تزاحم بعضها بعضا للانفلات من حجز شفتين تصران على ضبطها، واختيار انيق لها … تخرج من بينهما قبل ان تلتقطها ريشة قلم متحفزة ذات صوت منغوم تطرب الأذن لها قبل ان ترتعش العينان استمتاعا بما فيها من تعبيرات راقصة، وأحيانا حزينة. وفي الحالين تبقى رسائل موج تضطرم بالانفعالات المغموسة بحب الحياة.
الحديث عن الياسمين فيه روح خاصة، وادبا تلتقي في مساحته عوامل عديدة ومختلفة. معان استوقفني بعضها قليلا وأرجو ان يكون بالمعنى المشرق لها … لقد جادت علينا نافذة زرقاء بعالم مختلف عن عالم الواقع، هو عالم ادب ماتع تظل الروح مشرئبه العنق الى بعض فصوله تكتبه أقلام ماهرة تعزف على المعاني بنبض القلب والروح، وومضات فكر يمدهما بمقومات الأناقة والتعبير الجميل. وليدم العطاء ذخرا لأدب نرتشف رحيقه ما عشنا.
في رحاب الأدب الماتع
كنت
غار الأثير فمزّق الامتاعا
للمنغصات دائما فينا وخزها
ماتعات تُذبل فينا الابداعا
كنا وكانوا وصفو ينادمنا
وذائقة جُبلت شهد ا وإيناعا
ففرّقنا تعسّفا وحسدا
والروح تتلظّى التياعا
في ظلال الياسمين انتشاء
غاب عنا وغبنا عنه وضاعا
2016
حقًا للياسمين في أثر بالغ الصفاء، ولن يندثر .
……………………………ز
1- سألأت عنها في الفيسبوك فجاء رد من أحدهم لا أعرفه بأنها “استشهدت “.كيف وأين ومتى ؟.لا أعلم، ولم اتابع الخبر فلم تكن المعرفة بيننا سوى معرفة انترنيتية لم تتعد العلاقة بيننا الى غيرها .رحمها الله كانت حيوية ومشروع شاعرة . وكانت تتخذ لها صورة رمزية وضعتها صورة كصورة بارزة للمقال.

…………………………………….
31/1/ 2016
في علوم الصوفية(التصوف) ما يسمى مقام (الحيرة). وللمتصوفة تفسيرات، فيها ما يشد الانتباه والعجب، وفيها ما يربك الفهم والشعور…فانا في حيرة. ولا أدرى مقامي فيها لكنني أدري ان بعض ما فيها يمتعني أحيانا.
في لحظات يشعر المرء بحالة حيرة تجعله يدور حول نفسه ولا يدرك المخرج الذي بمكنه ان ينفذ منه الى شعور بالراحة والطمأنينة. لكنه عندما يستريح هنيهات يشعر –ويحس-بشيء اشبه بـ”نور الهي من سراج الغيب” كما يقول الغزالي عن الالهام؛ يطوف في باطنه فيشرق فيه بهجة…
أحيانا تنتابني الحالة -ليس ضمن مسير التصوف الذي أعجب بكثير من معانيه بقدر ما انفر من كثير من تطبيقات يبدو انها اكتسبت أثرا ذاتيا أنانيا، قاصدا أو غير قاصد-فالنتيجة واحدة.
انبثق نور في حياتي، فأشرق أدبها فيها وحولهاـ وأصبحت أشعر بان للحياة والنبض الإنساني معنى جديدا…
هنا أدب في كلماته نفحات عذبة تختلف، لما فيها من روح أيضا مختلفة، روح مغزولة بنبض أنوثة نسيج ذاتها، تتجلى في تجربة قد تكون لا تزال تعاني حرجا من التعبير عن ذاتها في كثير منها، لكنها مكتنزة بما فيها، وتتسلل من حذرها بإشراقة رائعة وان بدت خافتة –على الرغم من ذلك-فالمشاعر تتدفق جميلة في تعبير ذي كفاءة لا تخفى…
اشعر بحال هي فيها واكاد أتذوق ما يتسرب من حواشي كتمانها من افاضات تجمّل الكلمات والروح المبثوثة فيها … انها تشبه حالة وصفها أرسطو عن العقل، إذ افترضه كجسم شفيف مماثل للجسد مبثوث فيه. ولا إخال أن الصورة تغيب عن قدرة مخيلة النبيه. فالأدب خيال وصورة وتخيل…يأخذ من عناصر الحياة الحسية ما يحتاج ليعيد تشكيلها بتخيل ينتج الصورة كما يشاء. وهنا معنى الإبداع.
لعمري لا يتحقق هذا ما لم تكن خبرة مختزنة ضاغطة متوترة تدفع اليه. لذا فقد اختار ابن الأثير، عطلة في جسد ه على الصحة والعافية، ليتفرغ للكتابة بحسب رواية مؤلف “الكشكول” وهو كتاب معروف في تراث المتدينين. إن التفاعل الحيوي بين طرفين أو أطراف، يجدد حيوية الذاكرة، ويستعيد كثيرا مما كاد أن يُنسى!
من هنا كانت حيرتي ونشوتي…فما عهدت من بيئة غمرها نوع من كبح قوى الشعور والمشاعر وانسام حياة في جنبات الطبيعة تتفجر في لحظات، أدبا يمطر جمالا ومتعة، ينبض الصدق فيه. وتجربة مهذبة…
هنا نحن في عالم الأدب المحلق والمرتقي فوق الواقع… فالأجنحة تخفق، والاتجاهات بلا مدى. وان الفصل بين التعبير وبين الذات وما فيها من انفعالات وتوترات يفترضها الأدب يجعله ممارسة منطقية جافة ليس فيها حضور سوى حضور العقل الذي تجرد من قوى النفس الجميلة الأخرى -0المشاعر خاصة. فأين هو الأدب إذا غابت المشاعر روحا في كلماتها…؟!
في مطلع شبابي –وهذه خصوصية كانت انثى تحاول التودد الي وانا أتعامل بجدية لا تسمح لي حتى الشعور بما هي فيه…فكتبت رسالة منها العبارة التالية:
((…يا إلهي…! كيف السبيل إلى لحظات أفضي فيها بتلك الشحنات العاصفة من أمواج حبي. والتي ترتعش لها أوصالي… وترتعد تحت وطأتها فرائصي…!!
يا إلهي… ما أصعب ما أكابد وأقاسي…! وما أكبر ما احمله في قلبي له من حب…! وما أكنه له من مشاعر صادقة نبيلة…! ولكنه لا يستطيع أن يكون الطبيب المداوي لقلبي…! إنه لا يملك قلبا يخفق بين ضلوعه بومضات الحب. إنه متحجر القلب… حياته صرامة وعقل يتحكمان في نمط تفكيره… وفي سير مشاعره…!! أي قدر هذا الذي ألقى بك في طريقي…؟ أي قدر جعلني أتعلق بسراب …؟! ففي حين يرتعش قلبي ويرتجف شوقا ..إذا هو يطرق مليا ويقول: يجب ان تصعدي الأمور..! وأي تصعيد أكثر من هذا أيها القاسي القلب…؟! )).
انه جزء من رسالة كتبتها بصيغة الحديث عن غائب في معظمها لغاية في نفسها.
وفي لحظة علمت بحقيقة حالها، وكانت الظروف لا تلائم التواصل لكنني تألمت لها
فكتبت لها كلمات تغذي بعض ظمئها، وتبقيها كمن يعيش الوهم أملا فيه انتشاء. هذه جزء منها:
((… أيتها النسمة الندية
اغفري لي غفوتي
عن هبوبك المتدرج في خفر
اغفري لي هفوتي
في رسم جدار سميك حول شعوري المرتبك…)).
وانتهت الحكاية. وبقيت الذكرى.
فلا تموت الذكريات في حياة الانسان وانما تذبل ليستطيع ان يتعايش معها…
القريحة عندما تتوهج لا تعود تعرف ان تخبو بسهولة.
وكلماتك من روح حية وحيوية ولطيفة… تثير الشعور بالحياة وهجا وهذا ما يمتع فأسترسل.