محاولات شعرية مبتدئة 3
وعلمت أن شعري سيكون شبيها – من حيث غلبة الخيال العقلي فيه – كما وصف الشعر لدى عباس محمود العقاد، والذي قال شعرا كثير ا ولكن شعره كان – على ما يبدو – لم يستطع أن يكون على سجيته – وهو أول شروط النجاح في قول شعر جميل..!
إلا أن الموضوع يلعب دوره في تغير (أو إضفاء نفحة ) الحالة الشعرية. فعندما اخترت “كلمات غزلة” كعنوان ارتأيته لكتاباتي ذات الاتجاه الشعري..يبدو أن نفحات من القلب قد نفخت في كلماتها فجاءت أرق..وجاءت أنضر:
نجوى
في الربيع..
تأتي النسمة ندية..
تحمل في أثنائها الطيوب..
تهديها لمجالس الأحباب
تزيد أنسهم
تنعشهم
عندما تغيب
تنساب طوالع روح ببطء
توحي بتنائيها
يزداد الجو كآبة …
يطول الغياب
يتململ الشوق..
ينمو في أغوار النفس
يزداد القلب نبضا
يزداد التنهيد دفقا
تضطرم لواعج الشوق
تتقد…
تفيض …
تثور…
يتخفف القلب من سعير الوجد
ترتعش الآمال
أمام ضوء خافت
ينبع من منابع الذكرى
تسكن الآلام
تنتعش الأماني النشوى
يحلو العذاب
فالعالم أصبح نجوى
يا نسمتي
أصبح العالم نجوى
محاولات شعرية مبتدئة 4
وعلى الرغم من أن الفكر يشكل خلفية واضحة ولكنه لم يستطع – أو ربما ساعد – أن يخفي لمحات من نبض في قلب كسير يتطلع إلى نهوض وانتعاش يعب من جمال الحياة بكل ما فيها..ربيعها ..أنفاسها..
وهكذا فإن إيماءات موحية قد أيقظت ذلك الغافي في الأعماق يتمطى… يتثاءب. وأحيانا يصارع الحواجز النفسية والتربوية كادت ان تصبح قحطا في هذا الجانب، فيحاول التملص والانتعاش في صراع مع هذا الواقع.
يتصارع الجدب والنماء في نفس بشرية
ناء الإرهاق بكلكله عليها
تهب نسمة ندية…
تلامس قاعها
تنعش روحا تكاد تحتضر في أعماقها
توقد الحياة
تنمو بذرتها
تختلج وريقات خضراء ..
تستطيل
تتكشف عن بتلات زهر البنفسج المتعانقة
تمتلأ الأرجاء فوحا
أيتها النسمة الندية
اغفري لي غفوتي
عن هبوبك المتدرج في خفر
اغفري لي هفوتي
في رسم جدار سميك حول شعوري المرتبك
أنت أيتها النسمة
طلائع الحياة إلى قلب كاد النبض فيه أن يحتضر
أنت أيتها النسمة.
رسالة تضمخت كلماتها بعبق الحياة الحالمة
ترسمها أخيلة العشاق
كنت لي نورا
غمر كياني المرهق
في مسير طويل.. طويل
عبر دروب الحياة القاسية
فكاد أن يستسلم للألم
والموت البطيء
لولا لمسات حانية من طيوفك الحالمات
عبر إشعاعات عينيك الدافئتين
وأريج أنفاسك العاشقة
…………………………………………
محاولات شعرية مبتدئة 5
ويبدو أن لا عشب يبقى تحت الحجر – كما يقول المثل الكردي- فكان النفس بدأت تتفتح على بعض صور الحياة الجميلة سواء في رؤية مشاهدها، أو تذكر ما كان غافيا في أعماقها، فهي تومض في خفر، وتتابع وعناد..!
فتتحرر النفس من جزء من إرهاق ناء بكلكله عليها أمدا.. ويغلب النماء في صراعه مع الجدب.. وتخصب النفس شيئا فشيئا. .فتلامس حيوية الحياة الجميلة.. وتحس بها ندية نضرة.. وينبض القلب ..ويتخيل طيوفا:
لمحة عابرة من طيفك الجميل
كانت تغذي شوقي الجامح.
كان الصوت يحمل رنة الحياة..واللهفة..!
فيخرج من بين الشفاه مرتعشا..منتفضا..
ترسم كلمات تكاد حروفها أن تتناثر..خجلا
أو تتطاول..
تبغي إطالة اللحظة..
حيث يضمنا فيها المكان..!
كانت الشفاه تتمتم..
تستجر الجميل من مجالات شتى
كانت إطالة اللقيا ترمي للارتواء..
كي تسنح لروح ظمأى
فرصة للارتواء
تلك الروح المرتعشة..
مذ ظمئت..
اضطربت
ما أقسى أن تضطرب الروح الظمأى..!
في متاهات الحيرة تردى..
تلفُّ الماضي …
وتلفُّ الحاضر
وتشرئب إلى الزمن الأتي
ما أعجبها هذي الحيرة ..!!
ألم في الصدر ينتفض..
وأسى في النفس ذو موج يولد موجا..
يهما اللذة ممتزجة..
كيف يصدق..؟!
متضادات تتعانق في نفس الحال..
سل رابعة عنها، أو فاسأل حلاجا..
حال عصيت على فهم لا يحياها سوى من ابتلاها
تحار اللغة عن تعبيرها..
آه يا طيفي الجميل..
هذي حالي مذ غابت تلك اللمحة
غابت ساعات..
كادت تطول هذي الساعات
امتدت..طالت ..هي ساعات ..أم سنوات
عودي …وليعد الطيف عبر اللمحة
عودي..فالشوق الجامح ينتظر اللمحة
وعلى الوجه تعابير اللهفة
……………………………………….