التأمل يعرفنا يأنفسنا ما لها وما عليها

لو أتيح لكل واحد منا أن يتوقف لحظات في حياته كمحطات للتأمل والتحليل والتشخيص لما فكر به ودواعي هذا التفكير وكيف لسك ودواعي هذا السلوك فربما أمكنه ان يكتشف في ذاته الكثير مما كان لا يعرفه عن نفسه ..وربما كشف أيضا ان الكثير من أخطائه – وهي طبيعية في مستوى ما فالكل خطاء- وربما أحسن تجديد مسيرة حياته بأخطاء أقل ومتعة اكبر ..
فعلى الرغم من تمجيدنا لنفسنا لا ننتبه إلى ما يقودنا حقا في توازن يفترض ان يكون في سلوكنا وطبعا تفكيرنا أيضا والذي هو مقدمة للسلوك ودافع إليه بشراكة-تلازم- مع العاطفة التي ترافقه.-تلازم-
مثلا عندما نعمل وتكون لنا علاقة ما زوجية..صداقة..أبوة..بنوة..إخوة..الخ. هل نحن أقرب الى العمل أم الى العلاقة..؟
وما المدى الذي يقترض أننا نكون عليه سواء بالنسبة للعمل أو العلاقة..وهنا سنضطر للحديث عن القانون وعن الأخلاق –الضمير- وما يتعلق بذلك من الشعور بالمسؤولية تجاه العمل أو العلاقة..وكيف يمكننا ممارستها بوعي يضمن لنا توازنا يحقق العدالة بين الحالتين..ومن أين نستقي فهمنا لمفهوم العدالة؟ وهذا نلاحظ سلسة من الأفكار الغامضة أو المتجلية في تحديدات مفهومية؛ تبقى دائما غير مضبوطة كما نظن..وتواجهنا سلسلة من الافتراضات التي ينبغي علينا ان نعالجها باستمرار ..ويطرح هنا سؤال عن مدى قدرتنا على هذه المهمة ..فالعقل –مادام مترافقا بالخطأ الأكيد –كما يقرره الرسول –ولا ينطق عن الهوى –في نظر المتدينين على الأقل- ومادامت العاطفة انفعال قد يخيب ،فأين تكمن قوة قدرتنا –إمكانيتنا –على اتخاذ قرارات صائبة سواء في حياتنا العادية المتواضعة أو في المواقف الحساسة والمهمة ذات الآثار الخطيرة على حياة المجتمعات..؟
في عمر الستين وأكاد ادخله..أشعر أحيانا بأتني طفل وأحيانا بأنني متردد وأحيانا باني أجسد الحكمة ،وأحيانا انساق الى شهواتي..وهكذا..فأين أنا إذا؟ وما هي السمة الميزة لذاتي والتي يمكنني ان أصنف نفسي على أساسها0وفقها…؟
يبدو ان حكمة الله اقتضت ان يكون هناك تحد دائما في حياة الإنسان منذ تحدي معرفة الذات ومرورا بتحدي معرفة الطبيعة والأكوان وما يشكل موضوعا للميتافيزيقا-أو الميتافيزياء- أي ما بعد الطبيعة أو المادة….
التحدي عنوان مهم في تجلية النفس البشرية ووزن طبيعتها أو معدنها –أو بنيتها-
كأن المعيار إذا هو مقدار ما يتناغم الإنسان مع فكرة التحدي..تحدي النفس أولا وقبل كل شيء..تحدي الرغبات والشهوات والميول والغرائز السلبية..لتستقيم حياته في تكوين شخصية ذات إرادة تحسن التحكم في نفسه وعيا عندما يتخذ قرارا ما خاصة تلك المهمة والخطيرة اجتماعيا –بل وشخصيا أيضا فليس الإنسان بلا قيمة أو ذو قيمة ضئيلة كما حصل في مجتمعانا إذ أصبح الإنسان الذي قال فيه الله سبحانه وتعالى “ولقد كرّمنا بني آدم” بين الذين يظنون أنفسهم .. حماة الدين وأصحابه.للأسف المجتمع المسلم عموما –والمجتمع العربي المسلم خصوصا..فهذا الأخير قد ارتبك في تكوين ثقاف5ة تستند الى انسجام بين مكوناتها..فهي متذبذبة بين أحوال مختلفة يضيع في خضم هذا التذبذب؛ الوضوح واليقين.
طبعا الكلمات لا تحسن تمثّل حقيقة الواقع دائما..فهي مجرد مفاهيم نظرية(رموز) تعبر عن حالة واقع نظريا..ولكن الكلمات لها تأثيرها العميق –وربما السحري – في النفس عندما تتحول الى اعتقاد أو قناعة وفي النفس عوامل الحيوية توازي مدى ما في الكلمان من معان.00…
……………………………………………………………………………………………………………………………………..

نمطية الحياة
محمد قاسم
فيما كنت أهم بركوب سيارته صعدت إلى رأسي فكرة (نمطية الحياة) أو ما هي أنماط الحياة المعاشة؟ وأي نمط هو الأفضل؟ وكيف يمكننا اختيار النمط المراد؟ وما هي المعايير التي يمكن اعتمادها في ذلك…؟!
هو طبيب.
مذ تعرفت عليه شعرت به متحمسا لجمع المال، أكثر من اتجاهه لتطوير معلوماته، أو خبراته، ومن أجل ذلك يسعى لزيادة معارفه. يمتلك نباهة وذاكرة قويتان في هذا المنحى!
لا يقرأ، لا يكتب، لا يشارك الناس حياتهم الاجتماعية إلا بقدر ما يظن أنها تخدم اتجاه استقطاب الناس للمعاينة والمراجعة والتطبيب عموما.
قلما يراعي المحتاج والفقير. وفي المشافي الرسمية المفترض إنها تعالج مجانا، فإن ما يقوم به من معالجات، يحصل على اجر عنها غالبا في شكل ما…!
كيف يمكن تقييم هذا النمط الحياتي يا ترى…؟!
وإذا كانت هذه المهنة لفتت انتباهي، فلا يعني أنها الوحيدة في ذلك. فلكل مهنة من يتقن استثمارها: المعلم (المدرس) – المحامي-المهندس-موظفوا الدوائر عموما كل بحسب الموقع والإمكانيات لديه-التاجر-العامل-الحرفي-والسياسي أبرع الجميع …الخ.
ودوما هناك من التزم مبدأ أو منظومة قيمية أخلاقية تضبط فعاليته وسلوكه عموما …وهم أهل للحمد والتقدير، انهم كما يقال: عملة نادرة. ويفترض بالمجتمع أن يقدرهم ليكونوا أمثلة إيجابية يُقتدى بها. فالمهم أن نقدّر المبادئ والقيم ومن يلتزم بها حتى إن كنا لا نفعلها واقعيا. هؤلاء أشبه (هافيْن)
فما دور المجتمع؟ وكيف يمكن للمجتمع أن يؤثر في هذه الحالة؟
ألن يضطر إلى وضع مبادئ تكون بمثابة صوى وضوابط وبيئة ثقافية مؤثرة لضبط المجتمع في اتجاه إيجابي بشكل أو بآخر؟!
وبالتالي، ألا يفترض أن يقدر المجتمع التميّز خاصة الفكري/ العلمي/الأخلاقي ليسهم في وضع الأسس والمحطات والمفاهيم والقيم… التي تتفاعل إيجابيا وترتقي لتكون منظومة ذات طبيعة نموذجية (او مثالية) يمثل المعيار للسلوك الاجتماعي؟!
………………………………………………………………………………………………………..

في الأمثال الكوردية :
لا تحمل الهموم يا شيال الهموم “xemgîno xema nexwe “.
وملخصها أن أحدهم يغتم لكل ما يراه غير صائب من سلوكيات او أحوال.فيمتنع عن الأكل ويظل مهتما حتى الوجع. فحاول ذووه مرة ان يثنوه عن هذا السلوك ونجحوا…وقدموا له طعاما معتبرا للتعويض …فتناول المعلقة-او الملعقة- تجنبا لملاحظات لغوية محتملة أوضح إنني قرأت الصيغتين. لكن في اللحظة نفسها دخل احدهم يقول هل دريتم ان أتان فلان ولدت كرا بلا ذيل؟ فوقعت المعلقة من يده وهو يقول : وكيف سيدفع عن نفسه الذباب، أو يحكم البرذون فوق ظهره؟!
وقام عن الطعام..
كان الناس يرددون هذا المثل كنوع من النكتة لكنه يمثل شعورا حقيقيا لمن يهتم لقضايا الإنسان عموما والمسؤولية تتدرج بحسب القرب والانتماء طبعا…
في ظل ثقافة تغيب فيها الروح الجامعة بشعور بالمسؤولية الحقيقية، تصبح الساحة –او الساحات- ميدانا للسجالات –أقوالا شتى-وربما أفعالا- تضر، وتجرح، وتؤلم، وربما تقتل أيضا..تحت عناوين لا صلة لها بمضامينها المعلنة .
في فترات مختلفة تمتلئ صفحات المواقع الإلكترونية او ربما الشاشات –لمن هي متاحة لهم- او المطبوعات..الخ.بمقالات-إذا جاز تسميتها كذلك- مليئة بكلام يعبر عن صراع حقيقي بروح عدائية لا تنتمي إلى طبيعة الكتابة النقدية في شيء- والنسبة تختلف بحسب مهارة الكاتب الثقافية وكفاءته في التفاعل …وطبيعة تربيته الخُلُقية والخلفية التي تغذي كلماته وروح الكتابة عنده…
إن الشتم والتهديد عجز عن إظهار الحجج والأدلة وتعبير عن اتجاه التفكير والفعل في حقيقة ثقافة القائمين بها.بل وغن ذلك يدفع نحو إذكاء العنف اللفظي الذي قد يتطور إلى ما هو اكبر والعنف عموما يؤدي الى العنف المضاد…قال بها قدماؤنا من الحكماء وقال بها فلاسفة في التاريخ ونشهد نحن النتائج في الواقع في مختلف البقاع. فهلا تمعنا في كل ما نقول ونفعل ،ودرسنا الاحتمالات المستقبلية وآثارها علينا وعلى أخلافنا وعلى بلداننا ومجتمعاتنا..؟!
أحيانا يكون الصمت أبلغ تعبير لمن يراقب الصامتين وأسباب الصمت…لكن المؤسف ان معظم هؤلاء –ومعظمهم أيديولوجيون-تشرنقوا في قوقعة معينة، قد تكون حزبية سياسية –وما أدراك ما هي الحزبية السياسية في ظروف رؤيتهم لما وراء العمل من احتمالات المكاسب…!
أو طلاب مصالح : مراكز،أموال ، جاه،شهرة … وغيرها…من أي طريق يمكنهم التسلق…الوصولية عموما…التذبذب بين القوى والفعاليات المؤثرة …!
ولا يستبعد –أحيانا-الأحوال النفسية غير المستقرة –مهما كانت الأسباب-.
فتروج أسواق المزاودات والمهاترات وتبادل كلام لا نفع لحد فيه سوى التنفيس عن احتقانات خاصة –بغض النظر عن الأسباب-.يستمد كل منهم قوته من بعض ما يظنه قوة فيه-او لديه- فالمقتدر على ملكة الكتابة يسخرها سلبيا، والمستقوي بمكانة حزبية يمارس شعوره عبر كلمات تخفق في إصابة المرمى وقد ترتد على أصحابها سلبا نتيجة خطا التسديد والتصويب، والمستقوي بعلاقات هنا وهناك –عشيرة، عائلة، سلطة…والذي يرى في ماله مصدر قوة تمكنه من شراء الذمم والتأثير على الفاعلين عبر مختلف السبل التي هو أدرى بها وله في ذلك خبرة قد لا نعلمها…
وخلاصة القول كل ذلك لا ينتمي إلى ساحة النقد الذي يفترض انه منصب على الأفكار لا الأشخاص،على المقالات لا على كتابها ويتبع فيه نهجا غايته توضح ما غمض، وتصويب ما تعثر أو تدحرج الى الغلط او مشاركة في البحث عن مجهول لتسليط الضوء عليه ونقله الى ساحة المعلوم للانتفاع منه…الخ.
في كل الأحوال الهدف هنا هو التشارك في بناء منظومة أفكار توظف للتعبير –وترجمة الواقع- بروحية تنفع الأمة ككل –لا الحزب وحده ولا العشير ة وحدها، ولا أية جماعة وحدها، ولا الفرد وحده…إن كان ما نمارسه فعلا لغاية الخدمة العامة.. ولا نكون خلاف ذلك.
لا نستبعد الانجرار –أحيانا-إلى لحظات نفسية تغلب فيها نوازعنا ومشاعرنا وميولنا …الخ لكن الذي فهمته ان القدرة على تجنب مثل هذه الحالات هو تعبير عن قوة الشخصية و والصدق فيها ونزاهة الهدف أيضا فغن وقعنا فيها فعلى الأقل تكون في اخف حالاتها والتي يمكن تصحيحها عند الاقتضاء والاعتذار عنها بسهولة دون ان يأخذ أحدا منا “العزة بالإثم”.
العالم أصبح قرية.ووسائل الاتصال أصبحت متاحة للجميع،والفهم عموما أفضل من فترات سابقة..ولئن لم يبلغ الدرجة المأمولة بسبب طبيعة الثقافة التي تنتجها الوسائل السريعة والمؤثرات المختلفة الأخرى…فإن ذلك قد يكون في حالة التعبير خاصة، لكنه في حالة الفهم اكبر مساحة بكثير…
فلماذا لا نتصرف قولا وعملا –وعلى قدر المستطاع- بطريقة تحفظ لنا احترامنا والأهم الثقة بنا وبممارساتنا –ايا كانت…فذلك خير لنا وللقضايا التي نحن نزعم إننا نعمل من اجلها سواء ضمن تنظيمات أو جماعات –ايا كانت- او بفرادة –او فردية- ولنكن متأكدين بأن الكلام الذي نطلقه لا يقنع الآخرين ما لم يكن متمتعا بمواصفات الإقناع ومنها: صحة الكلام،وتعبيره عن الحقائق، ونبل المقاصد يكون واضحا فيه…”أما الزبد فيذهب جفاء ….ولا يبقى سوى ما هو صائب في نهاية المر وهذا قول قديم: ” في النهاية لا يصح إلا الصحيح” وفي ما نشهد من الربيع العربي وتداعياته عبرة وعظة لمن يتعظ ويعتبر.وللتاريخ حكم لا نعرفه إلا بعد ان يصدره وان كنا نستشرفه إذا كنا ممن “يستمعون القول ويتبعون أحسنه” اللهم اجعلنا منهم.